صراعات الأجهزة الأمنية، الأذرع الإعلامية، قوائم انتخابية تدعمها أجهزة، تنافس اقتصادي بين شركات الجيش، دخول أجهزة وزارة الداخلية في منافسات توفير الغذاء بأسعار مناسبة للمِصْريين.. مسميات تلمح لانهيار المنظومة بتصاعد الصراعات.. المسميات قد تكون مقبولة في المجال الحياتي المدني.. ولكن وصولها إلى عمق المؤسسات الأمنية والعسكرية بهذه الصورة الفجة يهدد استقرار الدولة، بعدما تحولت أجهزة الأمن والجيش لمؤسسات بزنس.. متنازلة عن أدوارها العسكرية والأمنية لجيش السيسي الخاص المشكل من قوات نخبة في كافة التخصصات.. يترافق هذا الصراع المستهدف أشعاله داخل الأجهزة الأمنية، مع تشريعات وقوانين تبيح للعسكر ابتلاع المزيد من الأراضي والموارد والتسهيلات ولإبعاد عن المحاسبة والرقابة حتى بعد الخروج للتقاعد. هدف السيسي الأبرز هو إلهاء المؤسسات القومية الممولة من ضرائب المِصْريين، بعيدًا عن التفكير في الحكم أو مواجهة الحاكم ليستقر حكمه، الذي جاء عبر الدبابة التي أغرقها في دماء وأراضي سيناء.. مؤخرًا عبر تقرير دولي عن مخاطر تنافس المؤسسات العسكرية المِصْرية اقتصاديًّا، ما يحمل مخاطر لمنافسات أخرى غير اقتصادية. فأكد تقرير حديث لمركز كارينغي للشرق الأوسط أن التعديلات التي أدخلها، مؤخرًا، قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، على صلاحيات جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، الذي أُنشئ بموجب مرسوم رئاسي في عام 1981 إدارة بيع العقارات، قد يضع الجهاز في منافسة مباشرة مع مجموعة كبيرة من الشركات المملوكة للجيش وهيئات القوات المسلحة التي تشارك أصلاً في أنشطة من هذا القبيل. ويتيح التعديل الأخير -الذي صدر بداية الشهر الجاري- مشاركة جهاز المشروعات أيضًا في النشاط التجاري "لتطوير موارده، وله في سبيل ذلك تأسيس الشركات بكافة صورها، سواء بمفرده أو بالمشاركة مع رأس المال الوطني أو الأجنبي". وحذر الباحث بالمركز، يزيد صايغ، من نشوء تعقيدات وخلافات في غياب القرارات والمراسيم الجديدة الموازية، التي من شأنها توضيح الصفة القانونية والإطار التنظيمي للشركات العسكرية والمدنيّة والتوفيق فيما بينها، حسب تقرير كارينغي. وأشار التقرير إلى أن القرار الصادر في مايو 2011 عن المشير محمد حسين طنطاوي بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلّحة وبمثابة رئيس الجمهورية آنذاك، قد أعفى ضبّاط القوات المسلحة المصرية كليًّّا من المثول أمام المحاكم المدنية في شأن الكسب غير المشروع، سواء خلال الخدمة الفعلية أو بعد التقاعد. وقلّصت مراسيم تشريعية لاحقة من إمكانية رفع الدعوات القضائية ضدّ مدراء الشركات القابضة أو الاعتراض على منح العقود الحكومية وحماية ضباط القوات المسلّحة والمتقاعدين العاملين بالنشاطات الاقتصادية والتجارية. وأضاف صايغ أن التفسير الأكثر ترجيحًا لدخول جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة كطرفٍ تجاري فاعل جديد، هو أن عدم وجود استراتيجية شاملة للتنمية الاقتصادية في مِصْر، بات يفضي إلى شيء هو أقرب إلى نهج الاقتصاد الحر في داخل الاقتصاد العسكري، ما يمكِّن جماعات المصالح العسكرية المتعدّدة من متابعة أجنداتها الخاصة، حتى لو كانت متعارضة مع بعضها الآخر. وأشار التقرير إلى تأثيرات سلبية ستلحق ببيئة الأعمال والتنمية في مِصْر. وقال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المِصْرية السابق، عبد الرحمن الجباس، في تصريحات صحفية: إن الجيش توغل في القطاع الاقتصادي بعد ثورة يناير عام 2011 وأصبحت المنافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص.