الجلاء للولادة.. الإهمال عنوان الخدمة.. والمجانية شعار فقط افتراش الرصيف والمعاناة من طول الانتظار مصير الأهالى معهد القلب.. الميزانية لا تكفى والأمن مفقود نائب عميد المعهد: نعانى نقص فى الأدوية وأطقم التمريض "الجواب باين من عنوانه".. بهذا المثل بدأت إحدى السيدات حديثها عن مستشفى الجلاء للولادة، وتقول: عندما سألت أحد الباعة الجائلين عن المستشفى رد على قائلا: "امشى وأول ما تلاقى ناس كتير قاعدين على الأرض تبقى هى المستشفى"، وتضيف بالفعل بمجرد وصولى عند المستشفى وجدت السيدات ومعهن أطفالهن يفترشن الأرض بعدما عجزن عن الدخول مع ذويهن المرضى أو اللاتى اقتربن من وضع حملهن. وتشير أخرى إلى أن جميع الوجوه الوافقة أمام المستشفى ترتسم عليها علامات القلق والتقرب فى انتظار أخبار من بالداخل؛ حيث تركوهن فى يد الأطباء والممرضات وهن يتألمن، وتضيف: "دخلت قريبة لى المستشفى فى الرابعة عصرا، وتركتها الممرضات تتألم حتى وضعت فى فجر اليوم التالى". فى زاوية أخرى من المستشفى تجد مشهدا غريبا؛ حيث سيدات يجلسن على السور فى انتظار موعد الزيارة، وبعضهن ينام على كراتين افترشن بها الأرض، وسيدة تبكى فى انتظار الدخول؛ لأن ابنتها طلبت منها أن تأتى لتأخذها لأن إدارة المستشفى تضعها هى وأخرى على سرير واحد نظرا لزيادة الأعداد. وفى إطار معاناة المرضى بمستشفى الجلاء، تقول سيدة أخرى: إن مجانية العلاج مجرد شعار ترفعه إدارة المستشفى، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن المستشفى يوفر العلاج بالمجان، إلا أن المرضى وذويهم يدفعون من 100 إلى 150 جنيها تكلفة الولادة، فضلا على أن الدخول لتسلم المولود يكون بتذكرة تكلفتها ثلاثة جنيهات، مضيفة أنها لم تتمكن من الاطمئنان على ابنتها إلا بعدما دفعت إكرامية لإحدى الممرضات. وتضيف أخرى أنه فى قسم الولادة بالمجان نمكث يوما أو يومين فى محاولة للاطمئان على بناتنا بالداخل، مؤكدة أنهم جاءوا هنا بعدما أوصدت أمامهم أبواب جميع المستشفيات لعدم وجود مكان وحضانات، مشيرة إلى أنه فى بعض الأحيان يقوم أهالى المرضى بالهجوم على الباب الصغير بعد طول انتظار من أجل الدخول لرؤية ذويهم والاطمئنان عليهم. معهد القلب والمشهد ذاته يتكرر أمام معهد القلب بإمبابة؛ حيث تجد مرضى وذويهم يفترشون الأرض بعدما عجز المستشفى والحى عن توفير مقاعد لهم للانتظار، وتتزايد الأعداد بالداخل والخارج وسط أكوام القمامة على طول أسوار المعهد الوحيد المتخصص فى القلب على مستوى الجمهورية، إلى جانب معهد القلب بأسوان للدكتور مجدى يعقوب، وهناك مشكلة أخرى تواجه المرضى؛ هى أزمة الزحام المرورى الشديد بالقرب من المستشفى وهو ما يؤدى لتأخر سيارات الإسعاف عن إنقاذ المرضى. يقول د. محمد المراغى -نائب عميد المعهد-: إن هناك مشاكل عديدة تواجه إدارة المعهد تأتى على رأسها، الميزانية المخصصة له من جانب وزارة الصحة، مؤكدا أنها لا تكفى لتطوير المعهد، وتقف حائلا أمامنا فى الالتزام بالمسئوليات، وأشار إلى أن المشكلة تكمن فى نقص الميزانية التى خصصتها الدولة لوزارة الصحة، وأن وزارة المالية قامت الشهر الماضى بخصم 20% من صندوق تحسين الخدمة الخاص بالمستشفيات، أى أن المالية خصمت من تكاليف علاج المرضى غير القادرين، الأمر الذى من شأنه أن يمثل عبئا إضافيا على إدارة المعهد للوفاء بكافة المتطلبات. وكشف المراغى أن قرار خصم ال20% يؤدى خلال فترة وجيزة إلى تراكم المديونيات لشركات المستلزمات الطبية، مما سيؤثر على سير العمل بالمعهد، مشيرا إلى أن ميزانية المعهد سنويا تتراوح من 9 إلى 10 ملايين جنيه، ونحن بحاجة إلى ضعف تلك الميزانية؛ للوفاء بالتزاماتنا تجاه المرضى، مضيفا أن المعهد يعانى من نقص الأدوية بسبب وجود مشاكل فى المصنع القائم بإنتاج بعض الأدوية الخاصة بنا، كما أن نقص أطقم التمريض بالمعهد يعد مشكلة أخرى تواجه سير العملية الطبية. وأوضح أن من المشكلات التى تواجههم أيضا هو كثرة اعتداء أهالى المرضى على الأطباء وفرق التمريض بالمعهد، خاصة أن الأهالى دائما يعتقدون أن الأطباء يؤخرون إجراء العمليات الجراحية للمرضى ومن ثم تحدث مشادات كلامية بين الجانبين تتطور إلى حد التشابك بالأيدى، مضيفا أن المعهد يعانى نقصا فى أعداد أفراد الأمن، وهو ما جعل إدارته تخاطب وزارة الداخلية لإمدادهم بقوة شرطية أمام المعهد، موضحا أنه تم الاستجابة وجاءت سيارة شرطة أخرى إلى جانب تلك الموجودة.