مرة بعد مرة يؤكد الشعب المِصْري على رفضه كل تلك الوجوه القبيحة التى تصدر المشهد السياسي منذ انقلاب 3 يوليو، وما أفرزها الحكم العسكري من أجل السيطرة على مفاصل الدولة، من أعلى رأس السلطة وحتى البرلمان المزعوم، بعدما جاءت جولة الإعادة انتخابات "برلمان الدم" للمرحلة الأولى خاوية على عروشها متجاهلة الصراخ الإعلامي وتهديدات المقاطعين وسباب المتنطعين. جولة الإعادة لمسرحية انتخابات "الدم" لم تختلف كثيرا عن سابقتها فى المرحلة الأولي فالنوم هو القاسم المشترك بين القابعين فى مراكز الاقتراع، بعدما سيطر عليهم الملل فى انتظار مواطن لن يأتي للإدلاء بصوته لناخب مجهول، فيما تعمل شوادر الأذرع الإعلامية ليل نهار لاغتيال الشعب بسباب متصل لا يخلو من اتهامات بالجهل والأمية والغباء، مع مضى النظام العسكري قدما نحو ترتيب الأوراق من أجل اكتمال المشهد المشوه ووضع اللمسات النهائية لآخر استحقاق فى خريطته فاقدة الشرعية والشعبية. الشعب الذى اختفى فى لجان الاقتراع ظهر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التأكيد على عزوفه عن المشاركة فى تلك المسرحية الهزلية، والسخرية من حالة الصراع التى أصابت النظام العسكري، ليعبر إلى قمة "التريندات" عبر هاشتاج أسقط آخر أوراق التوت التى تستر عورة السيسي «برضه محدش راح». هاشتاج السخرية من مقاطعة الانتخابات شهد مشاركة واسعة اقتربت من حاجز ال 10 ملايين ناشط، وهو العدد الذى يفوق أضعاف مضاعفة لمن شارك فى تلك المسرحية العسكرية من معتادي الرقص على عتبات السيسي أو الجيل الذى نشأ وترعرع فى كنف العسكر منذ محطاته الأولي فى خمسينيات القرن الماضي. المشاركة المحدودة فى 14 محافظة هى قوام المرحلة الأولي فى مشهد كاشف لشعبية قائد الانقلاب، جاءت مغايرة تماما على مواقع التواصل، فتعامل الكاتب والمؤرخ محمد الجوادي مع شريط التعاطي ب الهاشتاج مبكرا، قائلا: "نعيش مرحلة انتقالية بين ديموقراطية ضيعها سفهاؤنا ومتخاذلون، وديموقراطية سيحييها العقلاء والمؤمنون، ويحميها المضحون والمتعظون، #برضو_محدش_راح". وسخر الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل من رد الشعب على قائد الانقلاب عمليا: "برضو محدش راح، القائد بائع الأمل.. (نابليون بونابرت)". فيما علقت مريم سامي: "ليه نروح والأسعار نار بعد سنتين من حكم العسكر، نروح ليه والدولار بيغلي والعسكر خرب البلد، نروح ليه والمجاري مغرقة بيوتنا، نروح ليه والبلد خربانة". وكتب عبد الله الجزار: "سيسى.. مصر خلاص لفظتك وبأقرب وقت بتعدمك، إنت ليه مصمم تكسر شبابها وتعدموا، وهو اللي حلف يحافظ عليها وعلى أرضها، وأنت اللي خنت وبعتها.. برضو محدش راح". فيما غرد الناشط خالد أحمد: "أخي المواطن: لا تجعل عزوف الناخبين عن الذهاب ل جولة الإعادة مادة لسخريتك، اللجنة العليا تناشدك: ربنا مايوقعك في ضيقة". وسخر د.محمود خفاجي من المشهد الهزلي: "لو الحكومة تدي شقة للناخب في العاصمة الجديدة، كانوا راحوا؟". فيما قارن رمزي معتز بين انتخابات ثورة 25 يناير وديكور انقلاب 3 يوليو: "أنا لا أعلم كيف هذه الدولة لديها قناعة أنها أحدثت ثورة، انظر لطوابير الانتخابات بعد 25 يناير وبعد 30 يوليو.. فرق كبير جدا وبرضو محدش راح". وكتب معتز مطر: "هذا أكبر تصويت عقابى فى تاريخ مصر، هذه أكبر صفعة شعبية فى تاريخ البلد.. هذا والله من وراء القصد". بينما علق أحمد المهدي: "محدش راح لأنهم يعلمون أن هذه مهزلة، محدش راح لأن صوته ليس له قيمة، محدش راح لأنه حينما ذهب قيل له رأيك خطأ فلماذا سيذهب". وغرد صاحب حساب "حرب بالوكالة": "الجيش غير منتبه من استيلاء رءوس الأموال وتجار المخدرات والكنيسة وعملاء الاحتلال الإسرائيلي على البرلمان؛ لأن الجيش متفرغ لسرقة الشعب". واعتبر محمد رضا أن مقاطعة المصريين للانتخابات إنما هي نوع من أنواع العصيان المدني، وقال: "ما فعله المصريون مع انتخابات "برلمان مرجان" لا بد أن يدرس على أنه عصيان مدني بدون توجيه من أحد.. إنها الفطرة وعدم الإقرار بالظلم". وكتب أحمد الشيخ: "تخيل أن مرشحًا عن الشعب يفوز بخمسة أصوات فقط، يعني حينما يقول أنا ممثل عن الشعب تقول له اسكت يا أبو خمسة.. أنت تمثل أمك وإخوتك فقط". اللجنة العليا للانتخابات أكدت أنه لا تجاوزات ولا خروقات ولا ناخبين هى حصيلة المشاركة فى المرحلة الأولي، التى لم تتجاوز نسب المشاركة بها –حسب الرواية الرسمية 27%- وهى الأرقام التى كذبتها المنظمات المراقبة، فيما ينتظر العسكر دون جديد مشهدًا مشابهًا فى المرحلة الثانية يومي 21 و22 نوفمبر المقبل، لتتمخط فى الختام عن جنين آخر مشوه للدولة العسكر.