كثيرة هي المشروعات الوهمية التي تم الإعلان عنها في مؤتمر "بيع مصر"، والتي هلل لها مؤيدو الانقلاب، من ضمنها مشروع لم تتوسع وسائل إعلام الانقلاب فى تناوله بنفس حجم مشروع العاصمة الجديدة والمليون وحدة، وهو مشروع "إنشاء مركز لوجيستى لتخزين الحبوب بدمياط". على الرغم من أن وزارة التموين والتجارة الداخلية قد وقعت خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ اتفاقية مع تحالف عالمي تقوده شركة "آل سويدان" الإماراتية بقيمة 6 مليارات دولار لإقامة المركز اللوجستى للحبوب، كما تم توقيع اتفاق مع شركة "تشينى هاربر" الصينية لتشغيل المركز اللوجستى، إلا أنه ربما لن يكتمل حتى بعد الإعلان عنه كغيره من المشروعات الوهمية. أكد خبراء الاقتصاد عدم إمكانية إنشاء مثل هذا المركز، بدعوى أن مصر ليست مؤثرة في تجارتها مع دول العالم، لكونها دولة غير منتجة للحبوب، بالإضافة لوجود بورصات عالمية يتم من خلالها تحديد الأسعار. درب من الخيال من جانبه أكد الدكتور رشاد عبده -رئيس المنتدى الاقتصادي العربي-المصري، في تصريحات صحفية- أن فكرة إنشاء مراكز تخزينية وصوامع للقمح فى مصر لن يكون لها جدوى أو تأثير على المستوى الاقتصادي، وهي درب من الخيال بعيد العائد وصعب التنفيذ. وأضاف: أن متخذ القرار لم يقرأ الواقع جيدًا، فأمريكا تعد من أهم وأكبر منتجي القمح في العالم، وهي بالتالي مؤثرة ومتحكمة في الأسعار من خلال بورصة شيكاغو، فمثلاً فى فترة من الفترات تحققت وفرة فى إنتاجية القمح لديها، فقامت بإلقاء جزء من المحصول فى البحر، رغبة في التحكم في السعر، والاحتفاظ به مرتفعًا. وتابع عبده قائلا: "إن ما يمنحها هذه القوة ضخامة إنتاجيتها من القمح، أما الوضع بالنسبة لمصر مختلف فهي دولة مستهلكة ومستوردة للقمح بكميات كبيرة، وعلى فرض أن يكون الهدف من إنشائها هو تأمين احتياجات مصر من القمح، بالإضافة للدول العربية والإفريقية المجاورة فهذا المشروع لن يحقق هدفه؛ لأن شراء القمح من هذه المخازن سيصبح أكثر تكلفة بسبب اضطرارها لدفع مصاريف التخزين والشحن، فاتجاهها للشراء من مراكز الإنتاج أفضل لها". لن يكتمل وأعرب أحمد شيحة -رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، في تصريحات صحفية- عن شكوكه في إمكانية نجاح مصر في اجتذاب مستثمرين أو عملاء للمركز اللوجستي، فالمشروع ربما لا يكتمل رغم الإعلان عن دخول مستثمرين خارجيين كالإمارات والصين، فمصر دولة ليست منتجة للقمح بل على العكس تعد أكبر مستهلك ولذلك ليس بمقدورها تحديد الأسعار. وأضاف: أن مسألة تداول الحبوب من خلال ميناء دمياط باعتبار أنها قريبة من قناة السويس المحور العالمي المهم للتجارة العالمية وتربط بين الشرق والغرب لن يضعها مستوردو الحبوب في اعتبارهم، للتكلفة التي سيتحملونها عند الشراء من المركز، فحسب معلوماتي أن الميناء ستضيف 10 دولارات على الطن. وتساءل شيحة عن استفادة التاجر عند الشراء من ميناء دولة يحمله مصاريف التخزين، بالإضافة إلى عدم تمتع المنتج المباع لديها بأى ميزة نسبية، فالأسعار محددة في بورصة تتحكم في السوق العالمية، سواء من حيث الكميات التي يتم طرحها أو سعرها. يشار إلى أن بداية هذه الفكرة يعود إلى أكتوبر الماضي؛ حيث أعطى قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى إشارة البدء لتنفيذ مشروع إنشاء مركز عالمي لوجيستي لتخزين وتداول وتجارة الحبوب والغلال في ميناء دمياط بتكلفة 15 مليار جنيه. وادّعى أن المشروع يهدف إلى جعل مصر محورا دوليا لتداول وتخزين الحبوب والسلع الغذائية، وذلك ليس فقط لتوفير احتياجات السوق المحلية وتأمين الاحتياطي الاستراتيجي من تلك السلع، لكن أيضا لإمداد الأسواق الإقليمية المحيطة باحتياجاتها الغذائية. وأعلن أن الانتهاء من المشروع سيكون في غضون عامين، بما يسهم في تحويل مصر إلى دولة حديثة تستفيد من موقعها الجغرافي ومن إمكانياتها الكامنة، ويساعد على جذب الاستثمارات الجادة، سواء كانت وطنية أو أجنبية.