نشرت صحيفة "هافينجتون بوست" تقريرا يسلط الضوء على مدى معاناة الطبقة المتوسطة والأدنى في ظل فشل الدولة المستمر، مما يُعمق التوترات بين طبقات المجتمع المصري. تقول الصحيفة :فشلت الدولة المصرية في توفير احتياجات المواطنين بكفاءة، مما يُحمّل الطبقة المتوسطة عبئًا إضافيًا؛ حيث ينبغي عليهم توفير الخدمات الأساسية الواجبة على الدولة من تعليم ورعاية صحية وغيره، ويحاولون أن يكونوا مصدرا لدعم الطبقة الأدنى في ظل الصعوبات الاقتصادية القاسية".
ونقلت الصحيفة عن د. أحمد زايد، عالم الاجتماع، قوله: "أصبحت الطبقة المتوسطة أكثر تنوعا (اجتماعيا واقتصاديا) مؤخرا، فالشريحة الأعلى تتطلع لكسب النفوذ والسلطة والانضمام إلى الطبقة العليا، أما الشريحة الوسطى مثل الأطباء وضباط الشرطة وأساتذة الجامعات والمهندسين والمحامين، فيحاولون تفادي النزول إلى الطبقة الأدنى من خلال ضمان جودة تعليم أفضل لأبنائهم، بينما الجزء الثالث فهم الأغلبية من الموظفين الذين يحصلون على رواتب بسيطة وهذا الجزء لا يتعايش فحسب مع الأزمات المعيشية الموجودة ولكنهم يعانون كذلك من الحرمان والخوف المستمر من الوقوع في الطبقات الأدنى".
أضاف التقرير: "الفقراء هم الأغلبية، بعضهم يمكنه توفير قوته اليومي وبعضهم لا يستطيع، ويتمركزون في الأحياء الفقيرة في المدن والريف، وبالكاد يُوفرون نفقات التحاق أبناءهم بالتعليم العام، مما يجعل مصيرهم غير مضمون وغير قادرين على الارتقاء في السلم الاجتماعي الاقتصادي"، مشيرا إلى أن الطبقة العليا هم الذين يستحوذون على الثروة والسلطة والنفوذ.
من جانبه، قال حازم قنديل، عالم الاجتماع في جامعة كاليفورنيا: "إن العلاقات بين الدولة المصرية والطبقات الاجتماعية دفعت قطاعات هامة من الطبقة المتوسطة للثورة ضد مبارك"، مضيفًا "لفترة طويلة ظل نظام مبارك يتودد للطبقة المتوسطة المنتفعة من علاقاتها المتميزة مع النظام، إلا أن الإصلاحات الليبرالية الجديدة قوضت الطبقة المتوسطة، لصالح طبقة جديدة من الرأسماليين المرتبطين بالنظام، مما خلق استياءً واسعًا داخل الطبقة المتوسطة".
وأكد التقرير أن الوضع في مصر الآن يتجه نحو الأسوأ، مع استمرار فشل الدولة وغياب سيادة القانون، نتيجة الفساد المتجذر، ورصد عدة مؤشرات تُثبت الفشل المتزايد للدولة منها:
-بلغت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر ذروتها في الصيف واعترفت الحكومة أنها لن تتمكن من حلها بشكل كامل في المستقبل القريب. - أزمة التعليم الابتدائي الحكومي، حيث تُصنف مصر كأسوأ دولة في العالم في جودة التعليم الابتدائي، وفقا لتقرير التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي. -عدم قدرة الدولة على حل مشاكل بسيطة مثل أكوام القمامة المتزايدة في شوارع القاهرة. أوضح التقرير أن نظام السيسي لم يظهر بوادر ملموسة لخطة حقيقية لإصلاح الدولة ومكافحة الفساد، كما أنه لم يُشِر إلى رفع العبء عن الطبقة المتوسطة والأدنى قريبا، بل إنه يطالب الشعب بالتبرع للدولة ويرجع فشل الحكومة إلى فشل المواطنين في "العمل الجاد. واختتمت تقريرها بالقول: "قد ينتظر المصريون بعض الوقت لينظروا ما سيفعله النظام الحالي وما إذا كان سيجعل حياتهم أفضل، و قد تتعمق التوترات بين فئات المجتمع، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيحدث قريبا بالضبط".