قالت صحيفة "ديلي صباح" التركية إن الغارات الجوية الأخيرة على العاصمة الليبية طرابلس التي نفذتها الإمارات العربية المتحدة ومصر، والتي اتخذت خلفية من العدوان الإسرائيلي على غزة، لم تلفت انتباه وسائل الإعلام بقدر ما يتطلب التهور الكامن في هذه الغارات, مؤكدة أن الغارات الإماراتية المصرية الجوية على ليبيا كانت بدعم سري من السعودية، وهي الدولة التي تسعى إلى توسيع نفوذها الإقليمي في حالة من الارتباك. وأشارت الصحيفة فى تقرير لها نشر مؤخرا إلى أن إسرائيل ونظام مصر الانقلابي والإمارات والسعوديين يحرصون على مساعدة بعضهم في لحظات العدوان والعزلة. وقالت إن الضربات الجوية الأجنبية في ليبيا في أغسطس الماضي قتلت 17 مقاتلا على الأقل وأصابت مباني وزارة الداخلية والمنشآت, مشيرة إلى أن دقة الغارات الجوية واضحة حيث شاركت طائرات أجنبية متطورة في العملية, إلا أن الإنكار الفوري من حلف شمال الأطلسي وأعضائه ألقى الشبهة فورا على مصر والجزائر, ولكن السلطات الجزائرية نفت لاحقا بشكل قاطع أن يكون لقواتها الجوية أي دور في قصف طرابلس. وأوضحت الصحيفة أنه بعد بضعة أيام، قال مسؤولون أمريكيون أن الإمارات ومصر وراء الضربات الجوية لطرابلس, إلا أن مصر نفت مشاركة قواتها – وتقول تقارير أن القاذفات أقلعت من قاعدة جوية مصرية – بينما قالت الإمارات إن مزاعم تدخلها هي محاولة لصرف الانتباه عن الانتكاسات السياسية التي يتعرض لها الإسلاميون في ليبيا. وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات «أنور محمد قرقاش» في سلسلة تغريدات، هاجم فيها جماعة الإخوان المسلمين، محاولة اتهام قطر لأنها وراء إشاعة تورط الإمارات فى الحرب على ليبيا. ولفتت الصحيفة إلى أن قوات ثوار مصراتة، الذين يسيطرون الآن على مطار طرابلس، اتهمت بالفعل مصر والإمارات بتنفيذ الغارات, قائلة إن هناك دعم سعودي للإمارات والنظام الانقلابي بمصر لقمعه جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين الآخرين، الذين تراهم ديكتاتوريات العائلات العربية المالكة خطرا كبيرا. وقالت إن العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة والغارات الجوية على ليبيا أعمال ينسقها محور الثورة المضادة بقيادة السعودية والإمارات لتثبيت قائد الانقلاب بمصر «عبد الفتاح السيسي» سيدا بلا منازع بشمال أفريقيا, مشيرة إلى أن الوضع الفلسطيني هذا هو مستوى حكمتهم الخبيث التي تحرك سياساتهم الغريبة. وأكدت الصحيفة أن كلا المغامرتان فشلتا فشل ذريع في ليبيا، مؤكدة أن رجل وكالة المخابرات المركزية المجنون والجنرال المنشق خليفة حفتر، مع دعم عسكري واستخباري أمريكي، لا يمكنه الصمود ضد الإسلاميين والميليشيات الأخرى. وأشارت إلى أن التحالف السعودي الإماراتي المصري أراد سحق حماس، فقد راقب العالم بلا حول ولا قوة ذبح آلاف المدنيين الأبرياء وسط دمار كارثي بغزة, ومع ذلك، ما يسمى القادة العرب يفعلون كل شيء للتحريض على مزيد من الصراعات والحروب. وأكدت أن نتيجة العدوان الإسرائيلي أن حماس تظل ذات شعبية بينما يصبح اختيار إسرائيل للقيادة الفلسطينية،«محمود عباس»، عرضة للتسخيف, قائلة إن «عباس» موظف لدى تل أبيب للحفاظ على الفلسطينيين صامتين إزاء الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيليين. ولفتت الصحيفة إلى أن الفلسطينيين يعلمون حقيقة عباس وما فعله بالضفة الغربية: فالناس يختطفون روتينيًا، ويعذبون ويقتلون على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين اليهود. وأوضحت أن حكام القاهرة أصبحوا مصدر متاعب لجيران مصر, فدعمهم للحرب الإسرائيلية على غزة أمر معلوم جيدا, وفي هجوم الإمارات على ليبيا، قدمت مصر قاعدة جوية قرب الحدود الليبية للطائرات التي نفذت الغارات, لكن الشجاعة الإماراتية تقتصر على الأنشطة المتكتم عليها, خوفا من انتقام الليبيين، لإن حكام الإمارات لا يقرون على الملأ بأنهم قرروا المشاركة في الصراع بليبيا. وقالت الصحيفة إن دولة الإمارات العربية المتحدة هو خليط من سبع ممالك صغيرة، لكنها جمعت أسلحة غربية متطورة باستخدام الثروة النفطية في أبوظبي. وهم زبون رئيسي لمصانع الأسلحة الأمريكية, لكن السؤال هنا: لماذا ممالك صغيرة بكتلة سكانية أصلية صغيرة – حيث يشكل الأجانب ما يقرب من 90 بالمائة من السكان – ترغب في التورط بعمليات عسكرية محفوفة بالمخاطر. ولفتت إلى أن كثيرون يخشون من أن هذه الغارات الجوية قد تحول الصراع في ليبيا إلى حرب إقليمية، مما يدعو بالتالي القوى الإقليمية الأخرى للرد، وهكذا تتعقد الجهود الرامية لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا. واستطردت الصحيفة قائلة: "ربما كانت الإمارات تحاول تقديم السيسي باعتباره الرجل المستعد لقتال الإسلاميين داخل وخارج مصر, بعد إسقاط رئيس مصر المنتخب ديمقراطيا «محمد مرسي» وإعلان جماعة الإخوان منظمة إرهابية وقتل واختطاف عشرات الآلاف من المصريين باسم محاربة الإرهاب -القادة العرب يسارعون لتقليد خداع سادتهم المستعمرين الأوروبيين-". وأضافت أن السيسي يريد الآن تعزيز موقفه داخل مصر وإقليميا بمباركة إخوته في الاستبداد والمستعمرين الغربيين, ومن الممكن أيضا أن القوى التي في الإمارات تتخذ قرارات محمومة لجعل وجودها محسوسا في المنطقة.