رغم استيلاء قوات الاحتلال الصهيونى على السفينة مادلين واعتقال المتضامنين مع سكان قطاع غزة الذين كانوا على متنها إلا أن السفينة نجحت فى توصيل رسالتها للعالم كله بأن هناك حصار إجرامي وتجويع ومعاناة في غزة تفرضها دولة الاحتلال على المدنيين فى ظل صمت دولى مريب وتضامن ودعم من الرئيس الأمريكى الإرهابى دونالد ترامب مع الجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال . ما يؤكد نجاح السفينة الإعلان عن تسيير عدة قوافل تضامنية آخرى لكسر الحصار من تونسوالجزائر والأردن وأسبانيا ليتواصل الضغط على دولة الاحتلال من أجل كسر هذا الحصار الجائر .
قرصنة مكتملة الأركان
كانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قد أعربت عن إدانتها الشديدة لاعتراض جيش الاحتلال لسفينة "مادلين" التضامنية أثناء إبحارها في المياه الدولية، ووصفت العملية بأنها قرصنة بحرية مكتملة الأركان ترتكبها دولة الاحتلال في ظل صمت دولي مستمر. وقالت الحركة، في بيان رسمي لها إن السفينة كانت تحمل مساعدات رمزية موجهة لسكان قطاع غزة، في محاولة رمزية لكسر الحصار المفروض منذ سنوات، مشيرة إلى أن اعتراضها يندرج ضمن "سياسات إرهاب الدولة المنظم" الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. وأكدت أن ما تعرضت له "مادلين" لن يثني الأحرار حول العالم عن دعم القضية الفلسطينية، مشيدة بصمود المتضامنين على متن السفينة الذين تحدوا تهديدات الاحتلال وواصلوا رحلتهم في سبيل إيصال رسالة إنسانية مفادها أن غزة ليست وحدها. وأشادت "حماس" بالجهود المتواصلة من قوافل الدعم القادمة من الجزائروتونس والأردن ودول أخرى، معتبرة أن هذه المبادرات الشعبية والدولية تعكس فشل الآلة الدعائية الصهيونية في تشويه صورة الفلسطينيين أو عزلهم عن المجتمع الدولي. وطالبت بالإفراج الفوري عن المتضامنين الذين كانوا على متن السفينة، محملة سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن سلامتهم، كما دعت الأممالمتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى الخروج عن صمتها، والتحرك الجاد لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
رسالة إنسانية
حول الدور الذى قامت به مادلين قال الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، إن قارب "مادلين" والمتضامنين الدوليين الذين كانوا على متنه نجحوا في إيصال رسالة إنسانية قوية إلى العالم، رغم سيطرة قوات الاحتلال على القارب واعتقال المشاركين فيه. وأوضح البرغوثي في تصريحات صحفية أنه بغض النظر عن قيام الاحتلال بجر القارب إلى ميناء أسدود، فان هذا لم يغير الحقيقة أن هذه السفينة قد أوصلت الرسالة . وأضاف: الاحتلال اعتاد منذ القارب الرابع المتوجه إلى غزة أن يمنع أي محاولة لكسر الحصار، وكل سفينة تمنع ستولد مكانها عشر سفن والرسالة من وراء المبادرة وصلت بوضوح . وأكد البرغوثي أن هناك حصار إجرامي وتجويع ومعاناة في غزة، وهؤلاء المهنيون المعروفون ضحّوا بحياتهم لإعلاء صوت الشعب الفلسطيني وحقه في التحرر من العقاب الجماعي الوحشي، الذي بلغ حد الإبادة والتجويع .
خداع صهيوني
وعن محاولات الاحتلال تحسين صورته عبر توزيع الماء والطعام أثناء اعتقال النشطاء على السفينة، قال البرغوثي: هذا خداع صهيوني معروف وسخيف ولا أحد يصدقه، ما جرى هو قرصنة مكتملة الأركان في المياه الدولية، لا يحق لدولة الاحتلال الاعتداء على السفينة أو اعتقال ركابها أو منعهم من التواصل مع عائلاتهم، ولا جرهم إلى ميناء أسدود واحتجازهم في الزنازين كأنهم مجرمون . وكشف أن تصريحات وزير جيش الاحتلال حول المتضامنين تنطوي على تحقير مرفوض وما فعله هؤلاء هو تمثيل صادق لضمير الإنسانية، والسفينة ومن على متنها انتصروا على قمع دولة الاحتلال وخداعها الإعلامي، وسيفرج عنهم عاجلا، لكن الأهم هو كسر الحصار عن غزة . وشدد البرغوثي على أن هذه المبادرة أثارت ردود فعل دولية واسعة، مشيرًا إلى انطلاق قافلة أوروبية كبيرة تضم آلاف المتضامنين، وقوافل عربية من تونسوالجزائر تتوجه أيضًا إلى معبر رفح، ما يدل على أن ما تحاول دولة الاحتلال إيقافه يتصاعد ويتطور كل لحظة .
انتهاك القانون الدولي
وقال أستاذ القانون الدولي والباحث السياسي الدكتور مجيد بودن إن العملية التي نفذتها البحرية الصهيونية ضد سفينة "مادلين" تشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي، مؤكدًا أن السفينة كانت تبحر في المياه الدولية، وليس في المياه الإقليمية للاحتلال، وبالتالي لا تملك دولة الاحتلال أي حق قانوني في احتجازها أو السيطرة عليها. وأكد بودن في تصريحات صحفية أن ما قامت به دولة الاحتلال يمثل مخالفة صريحة لقانون البحار، والقانون العام، وأسس النظام الدولي، مشيرا إلى أنه كان على متن هذه الباخرة مواطنون فرنسيون وأسبان وسويديون وكل دولة لها الحق في المطالبة بالحماية القنصلية وفرنسا طالبت بذلك لمواطنيها . وأوضح أن الحماية القنصلية هي ممارسة قانونية تلزم الدولة بحماية مواطنيها خارج أراضيها، خصوصا في حالات التوقيف أو الانتهاك أو الاحتجاز القسري . وأشار بودن إلى أن فرنسا أعلنت رسميا أنها تتابع وضع رعاياها عن كثب، وطالبت دولة الاحتلال بعدم المساس بهم، والدول الأخرى تسلك النهج نفسه، موضحا أن هذا يفرض على دولة الاحتلال أن تبلغ تلك الدول بمكان وجود مواطنيها وبظروفهم بشكل فوري، لأنهم لم يرتكبوا أي جريمة، وكانوا فقط في طريقهم إلى قطاع غزة ضمن عمل إنساني مشروع .
محاولات مشروعة
وفيما يتعلق بوصف منظمي الرحلة لهذا التحرك بأنه عمل سلمي ضمن المقاومة المدنية، أكد أن هذا الوصف دقيق قانونيا، إذ أن القانون الدولي لا يمنع الأفراد من الإبحار إلى غزة أو نقل مساعدات إنسانية إليها. وشدد بودن على أن الحصار المفروض على غزة نفسه مخالف للقانون الدولي، كما سبق أن أكدت محكمة العدل الدولية، وبالتالي فإن محاولات كسره تُعد مشروعة . واعتبر أن تحرك الدول الأوروبية الآن، مثل فرنسا وإسبانيا والنرويج، هو خطوة بالغة الأهمية، لأنها تمارس رقابة قانونية على ما تفعله دولة الاحتلال، مؤكدا أنه لا يحق لدولة الاحتلال محاكمة هؤلاء المواطنين أو احتجازهم، وعليها تسليمهم إلى سلطات دولهم . وحذر بوددن من أنه إذا امتنعت دولة الاحتلال عن الالتزام بالقوانين الدولية، فإن للدول المتضررة الحق في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، كما فعلت فرنسا مؤخرًا ضد إيران.