دأبت حكومة سوريا الجديدة على تأخر الردود على مواقف ملتبسة (ما يعطي فرصة لتلبيسها مواقف ليست لها)، أو ربما تعطي نفسها الفرصة للالتقاط الرؤى والاستشارات المحلية والإقليمية الصديقة، فبعد نحو أسبوعين من الأخذ والرد ظهر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على قناة "الحدث" السعودية (المعروفة بعدائها للمقاومة ضد كيان العدو الصهيوني) وقال: "الرئيس أحمد الشرع لم يتطرق في رسالته لأمريكا إلى التطبيع مع إسرائيل أو اتفاقية أبراهام". ومنذ أن وطأت أقدام الرئيس السوري أحمد الشرع أرض أبوظبي، لا تتوقف إشارات معسكر المتصهينين العرب إلى أنه التقى الصهاينة، ومن ينوب عنهم من النواب أمريكي. كما نفى أسعد الشيباني، أن تكون الولاياتالمتحدة قد طلبت من دمشق الانضمام إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية" أو الدخول في أي مسار تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن رسالة الحكومة السورية إلى واشنطن لم تتطرق إطلاقاً لهذا الملف. وأضاف أن سوريا ترفض بشدة الممارسات الإسرائيلية في البلاد، بما في ذلك الضربات الجوية والعمليات الأمنية، موضحا أن سوريا لن تشكل أي تهديد لأي دولة، بما في ذلك إسرائيل. وعن طبيعة الحوار مع الجانب الأميركي، أوضح الشيباني أن معظم مطالب واشنطن تتقاطع مع المبادئ التي تتبناها الحكومة السورية، مشيراً إلى أن الاجتماعات الثنائية ركّزت على المصالح المشتركة. وشدد على رفضه تسييس العقوبات، وانفتاح دمشق على إقامة علاقات استراتيجية مع الولاياتالمتحدة، لافتاً إلى أن المحادثات تُجري بشكل مباشر وعلى أعلى المستويات. وأضاف أن تنظيم الوجود العسكري الأميركي في سوريا يحتاج إلى ترتيباً مع دمشق. وعلى الصعيد الداخلي، قال الشيباني: إن "السوريين يتطلعون إلى برلمان وطني يمثل جميع فئات الشعب، واعداً بأن يكون البرلمان المقبل متنوعاً ويعكس التعددية السورية". أكد أن العدالة الانتقالية يجب أن تُرسّخ السلم الأهلي وتبتعد عن منطق الانتقام، مشدداً على أن الشعب يضع ثقته في حكومته لضمان تحقيق العدالة بشكل منصف وشامل. وقبل نحو أسبوع قالت القناة 12 العبرية: إن "موافقة بشكل مبدئي من الشرع على الدخول لاتفاقات إبراهيم بعد فترة". ودعمها تصريح من نائب بالكونجرس الأميركي مارلين ستوتزمان زعم أن "الرئيس السوري أحمد الشرع يريد التطبيع مع إسرائيل، بشرط أن تبقى سوريا دولة موحدة وذات سيادة.". وأضاف ستوتزمان أن "مطالب الشرع مطالبه، في رفع العقوبات عن سوريا وتوقّف القصف الإسرائيلي، والتوصل إلى تفاهم حول الوجود الإسرائيلي في جبل الشيخ والمنطقة العازلة، ومناقشة قضية الجولان المحتلة"، مشيرا إلى ضرورة توقف إسرائيل عن قصف الأراضي السورية، بزعم أن ذلك مقابل التطبيع. وفي الوقت ذاته تسلط الصهاينة عبر وزير المالية "سموتريتش" بأن الكيان "وراء الأحداث التي تشهدها سوريا من تمرد للدروز في السويداء وجرمانا والعلويين في الساحل ومليشيات قسد في الشمال". وزحف الإعلام الصهيوني عبر د. إيدي كوهين الذي قال: "أحد شروط التطبيع مع سوريا هو استقبال مئات الآلاف الغزيين في شمال سوريا". والتقى "أبراهام كوبر" عرّاب التصهين الناعم، وأحد أعمدة الترويج لاتفاقيات أبراهام، نائب عميد مركز سيمون ويزنثال الصهيوني، وأبرز دعاة التطبيع الثقافي والديني مع الاحتلال الصهيوني وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني وسط تحذيرات من معسكر المقاومة من خطابه الناعم عن "السلام الإبراهيمي" و"الحوار بين الأديان"، متسترًا بلباس الحاخام المعتدل، وهو من أشد المدافعين عن الاستيطان ومن أشد الداعمين للعدوان على غزة وحرب الإبادة فيها، ومن المهلّلين لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس بحسب المحلل السياسي أدهم أبو سلمية. وفي ظل تصاعد الهجمات الصهيونية على سوريا عبر القصف والتوغل قال محمد المختار الشنقيطي @mshinqiti "الهجوم الصهيوني الاستفزازي على #سوريا ليس له قيمة عسكرية، فهو تدمير لمؤسسات مدمَّرة أصلا، وإنما هو ابتزاز إسرائيلي-أمريكي للقيادة السورية الجديدة لجرّها إلى التطبيع والتنازل عن الجولان، وسعيٌ لقطع الطريق على ميلاد محور سوري-تركي يكون عمقا للمقاومة الفلسطينية.". ويرسم معسكر أنصار إيران على التواصل خريطة تطعن في القيادة السورية الجديدة عبر بوابة، تزعم أن سوريا تخطو خطوة عربية جديدة نحو التطبيع تُرسم بين سوريا وأمريكا. قرار الشرع وفي مشهد سياسي عربي سيطر عليه الركوع السياسي، يخرج الرئيس السوري أحمد الشرع ليكسر الإيقاع النمطي، معلنًا: "لن نطبع تحت الاحتلال". وبعد كثير من الماء العكر في قنوات المواقف السورية الجديدة، نشرت منصات على لسان أحمد الشرع موقفا لا يساوم، ولا يناور، بل يرفع السقف ويضع الجولان في صدارة الأولويات، مسجلاً بصوته موقفا نادرا في سجل الزعماء العرب: "السلام ليس خيانة، لكن التطبيع تحت الاحتلال هو ذلك تمامًا". https://x.com/watanserb_news/status/1917262891046297664 وأعلن في 29 أبريل أن القرار الذي اتخذته القيادة السورية (حسب التلفزيون السوري) أن رفضت التطبيع مع إسرائيل ضمن اتفاقيات إبراهام التي تراعاها الولاياتالمتحدة. https://x.com/Rd_fas1/status/1916886569815855585 وأشار محللون إلى أن الحكومة السورية رفضت في رسالة موجهة إلى واشنطن الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، لافتة إلى أن هذه الاتفاقات كانت مع دول لا تحتل إسرائيل أراضيها، ولا يمكن لسوريا أن تكون جزءًا منها. ووبالتزامن مع زيارة أبوظبي انتشرت شائعات عبر لجان متصهينة أن أحمد الشرع التقى بوفد إسرائيلي وهذا كلام غير صحيح بحسب ناشطين، وظهر الشرع بدون اي صفة في وكالة الأنباء الإماراتية (وام) . وقال المحلل السياسي لقاء مكي وعبر @liqaa_maki : "أصبحت سوريا ميدانا لصراع جيوسياسي بين تركيا وإسرائيل، فضلا عن إيران التي تحاول استدراك هزيمتها والعودة من جديد، هذا الصراع يستمر ويكبر، بسبب غياب الاتفاق رغم الاجتماع الذي حصل في أذربيجان لتفادي المواجهة المسلحة.". وأضاف أن " الدول العربية لاسيما السعودية وقطر قدمت دعما سياسيا واقتصاديا، معتبرا سمح للنظام الجديد بالوقوف على قدميه، وكذلك فعلت تركيا، لكن ذلك ليس كافيا، نظرا لأن إسرائيل تصر على أن يكون لها نفوذ في سوريا يضمن تحييد الأخيرة لعقود قادمة، وتدعمها في ذلك الولاياتالمتحدة، التي تتذرع لصالحها بحجج مختلفة لإبقاء العقوبات وابتزاز العهد الجديد في دمشق". ورأى أنه "ربما تكون زيارة ترامب المقبلة للمنطقة فرصة لفك الدائرة المغلقة لهذه الأزمة، ففي النهاية لن تكون سوريا الضعيفة وغير المستقرة غير عنصر تهديد للمنطقة وكذلك للمصالح الأمريكية، واستفادة إسرائيل من ذلك، لن تكون صلبة ولا مستمرة، وستترافق بالتأكيد مع عودة التنظيمات الإرهابية، والجماعات خارج الدولة، وحضور أطراف إقليمية ودولية جديدة للعبث الاستخباري والأمني في المنطقة من بوابة سوريا.".