أعربت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها من الإجراءات الأحادية التي اتخذتها جهات ليبية في شرق ليبيا، معتبرة، أنها تؤدي إلى تصعيد التوتر وتقويض الثقة وزيادة الانقسام بين الليبيين. وقالت البعثة، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني، إنها "تتابع بقلق الإجراءات الأحادية الأخيرة من جانب أطراف ومؤسسات ليبية سياسية وفاعلة في شرق البلاد وغربها وجنوبها". وفي حين لم تذكر البعثة تلك الإجراءات المتخذة، إلا أن البيان جاء بعد يوم واحد من إعلان مجلس النواب خلال جلسة عقدها بمدينة طبرق (شرق) تصويت عدد من أعضائه لصالح سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا وأمميا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وإعادة صلاحيات القائد الأعلى للجيش إلى رئيس المجلس عقيلة صالح. وشددت البعثة على أنه "تبرز الآن أكثر من أي وقت مضى الحاجة إلى التوافق والحوار ووحدة الصف الليبي". و"بالنظر للصعوبات العديدة التي تواجهها ليبيا"، ناشدت البعثة "الأطراف الليبية كافة لتبني الحوار والتوصل إلى حلول وسط على نحو يصب في مصلحة جميع الليبيين". وذكرت البعثة "جميع القيادات السياسية والمؤسسات المختلفة بالتزاماتهم بموجب الاتفاق السياسي الليبي (الموقع بالمغرب) وتعديلاته على نحو يتسق مع جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة". كما أكدت البعثة أنها "ستواصل مشاوراتها التي تجريها حالياً مع القادة الليبيين والأطراف الإقليمية؛ بغية التوصل إلى توافق والدفع بالجهود الكفيلة بإنهاء الجمود السياسي القائم". ولفتت إلى أنها "حريصة كل الحرص على تيسير عملية سياسية تتحرى الشمول وتفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية ذات مصداقية". وتشرف البعثة الأممية على جهود متعثرة لإيصال ليبيا إلى انتخابات عامة طال انتظارها منذ سنوات وتحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها. وأكدت البعثة أنها مستمرة في مشاوراتها مع القادة الليبيين والأطراف الإقليمية لتحقيق "توافق" وإنهاء الجمود السياسي الحالي. تزامنت هذه التطورات مع تحركات عسكرية في غرب ليبيا بعد إعلان قوات المشير خليفة حفتر التابع لحكومة حماد الغير معترف بها دوليا عن عمليات قرب طرابلس، مما أثار استنفارًا من حكومة طرابلس الشرعية ورفضا دوليا واسعًا. نفت قوات حفتر نيتها شن هجوم، مؤكدة أن هدفها تأمين الحدود الجنوبية. ويرى مراقبون أن هذه التحركات تهدف إلى "جس نبض" المواقف الدولية واستعدادات طرابلس العسكرية، محذرين من احتمال تجدد الصراع العسكري نحو العاصمة، مما قد يؤدي إلى "حرب مفتوحة". تشهد ليبيا تصعيدا سياسيا جديدا من جانب حكومة الشرق الغير معترف بها، مما يهدد مستقبل الاتفاق السياسي الذي تم إقراره في جنيف عام 2021 برعاية الأممالمتحدة، في الوقت الذي يرى فيه محللون أن الاتفاق السياسي يقترب من نهايته، وهناك حاجة ملحة للحوار لتجنب صدام عسكري جديد. الحكومة الغير معترف بها تواصل التصعيد أعلن مجلس النواب الغير شرعي المنعقد في بنغازي إنهاء مهام حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، واعتبار حكومة أسامة حماد في الشرق "شرعية" حتى تشكيل حكومة موحدة. كما سحب المجلس الغير شرعي صفة "القائد الأعلى للجيش" من المجلس الرئاسي وأعادها لرئيس مجلس النواب. ووصفت البعثة الأممية، كل هذه الخطوات في بيانها اليوم، أنه "في ظل المناخ القائم تفضي هذه الأفعال الأحادية إلى تصعيد التوتر وتقويض الثقة والإمعان في الانقسام المؤسسي والفرقة بين الليبيين". الحكومة الشرعية ترد من جهتها ردت حكومة الوحدة الوطنية، التي تحظى باعتراف دولي وشرعي، بأنها تستمد شرعيتها من "الاتفاق السياسي الليبي" وتلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لإنهاء المرحلة الانتقالية، وفقًا لاتفاق جنيف 2021. يرى محللون أن هذه الخطوة تحمل رسالة للخارج بأن الوقت قد حان لوضع اتفاق جديد للتفاوض، مشيرين إلى فشل اتفاق جنيف بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات عليه بسبب المحاولات المستمية لحكومة الشرق بإفشالها. واعتبروا أن التحركات الأخيرة التي تنتهجها حكومة الشرق تستوجب اللضغط على المجتمع الدولي للتوصل إلى اتفاق جديد يحقق توافقا أكبر بين الأطراف وإنهاء هذا الانقسام. وفي الفترة من أبريل 2019 حتى يونيو 2020، حاول معسكر حفتر السيطرة على طرابلس، لكنه فشل بعد معارك عنيفة. وبعد وقف إطلاق النار، وقع اتفاق عام 2021 في جنيف برعاية الأممالمتحدة أقام هيئات موقتة.