موعد مباراة نابولي ضد أودينيزي اليوم الإثنين 6-5-2024 والقنوات الناقلة    ترامب يتهم بايدن بقيادة "إدارة من الجستابو"    خبير تحكيمي: حزين على مستوى محمود البنا    محمد صلاح: هزيمة الزمالك أمام سموحة لن تؤثر على مباراة نهضة بركان    حالة الطقس اليوم.. تحذيرات من نزول البحر فى شم النسيم وسقوط أمطار    بسعر مش حتصدقه وإمكانيات هتبهرك.. تسريبات حول أحدث هواتف من Oppo    نجل هبة مجدي ومحمد محسن يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



60 مليار دولار انهالت على مصر.. ما الثمن؟ بيع أصول البلاد أم تحويلها إلى كلب حراسة للمنطقة؟

كشف رصد لمركز إنسان للإعلام أن حصول نظام المنقلب السيسى على 60 مليار دولا بعد فترة جفاف مالي وشواهد انهيار اقتصادي غير مسبوقة لاقتصاد مصر، ومن خلفه نظام عبد الفتاح السيسي، الذي أفسد الاقتصاد وأهدر أموال مصر على مشاريع فاشلة، تدفقت مساعدات ومنح تقدر ب 60 مليار دولار بصورة مريبة.
جانب كبير من هذه المساعدات والمنح لم يكن بلا مقابل، بل كان ثمنا دفعه السيسي لدول الخليج والغرب ببيع أصول الدولة المصرية، ما زاد من افساد الاقتصاد المصري عبر بيع أراضي ومباني مصر التراثية، كما زادت هذه المساعدات من تبعية النظام للخارج، وتورطه في مؤامرة ضد غزة.
النتيجة أن أنظمة خليجية، مثل الإمارات، تكاد تمتلك مصر باستحواذها على أراض ومبان تاريخية وصناعات حيوية بما يضر مباشرة بالأمن القومي المصري، حيث أصبحت مصر تستورد من الإمارات القمح والسكر وسلعا أخري مزروعة ومنتجة في مصر نفسها وفي مصانعها التي باعها السيسي للإمارات! (تغريدة)
وأكد المركز أنه من الواضح أن المساعدات التي تدفقت من صندوق النقد الدولي ومن الاتحاد الأوربي على السلطة في مصر، مرتبطة بتنازلات مطلوبة من مصر في ملفات عديدة في مقدمتها غزة وحماية الكيان الصهيوني، بالنظر لتوقيتها ومناسبتها، وهو ما يتعارض مع الأمن القومي المصري.
جانب من هذه المنح والمساعدات، خاصة القادمة من الاتحاد الأوروبي كان هدفها فرض مزيد من الشروط والمطالب على مصر ، بحيث تصبح حارس بوابة أوروبا الجنوبية وتمنع الهجرة غير الشرعية عبر البحر.
وبموجب هذه المساعدات أيضا تم الضغط على نظام السيسي لغلق ملف التمويل الأجنبي (الأوروبي) لمنظمات حقوقية مصرية بعد 13 عاما من تداول هذه القضية.
و مما يزيد من مخاطر هذه الديون الجديدة والمساعدات أنه سيجري انفاقها، مثل غيرها من مليارات الدولات التي حصل عليها السيسي مكافأة لانقلابه العسكري على التيار الاسلامي والديمقراطية في مصر، على مشاريع فاشلة أو يجري نهبها في ظل حالة الفساد المستشري والانفاق غير المقنن أو المراقبة.
وهو ما يعني أن إنفاق أموال القروض والمنح في مشروعات وهمية والاستمرار في السياسات الإنفاقية التي أودت بمصر إلى الأوضاع الحالية، ستزيد من انحدار ظروف الشعب ومزيدا من الفقر.
منح أوروبا: لماذا الآن؟ ما الثمن؟
كما كان من الواضح أن هناك جملة أسباب من وراء الدعم الأوروبي لنظام السيسي بما يعادل 8 مليارات دولار.
غلق ملف المنظمات الحقوقية وتبرئتها وأعضائها بعد 13 عاما من "اللاتهام"، له صلة بزيارة الوفد الأوروبي لمصر وتقديمة تمويلا لنظام السيسي، وإنهاء هذه القضية كان أحد شروط الصفقة المالية، بجانب أسباب أخري، منها حماية السيسي أوروبا من الهجرة غير الشرعية ودوره المشبوه في حصار غزة وقتل المقاومة.
محللون ربطوا بين هذه الخطوة وتحرك الاتحاد الأوروبي لدعم الاقتصاد المصري بمخاوف من عدم استقرار النظام، خاصة بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية والمخاوف من ثورة جياع قد تنعكس على فوضى وتزايد الهجرة لأوروبا.
أكدوا أن الأوروبيين تحركوا لإنقاذ نظام السيسي، من جهة، ولتقديم مقابل للخدمة التي يقدمها نظامه لهم مقابل استضافة مصر لاجئين ومنعهم من الهجرة لأوروبا فضلا عن الدور المصري في حصار غزة.
وقد اتهمت صحيفة "الغارديان"، 17 مارس 2024، زعماء الاتحاد الأوروبي ب "مكافأة القمع" في مصر بصفقة مالية، ووصفت الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بأنه "ثمن محاولة أوروبا منع اللاجئين من عبور البحر الأبيض المتوسط".
ونقلت الصحيفة تعليق منظمة هيومن رايتس ووتش أن الاتفاق "سيكافئ الزعيم المصري المستبد عبد الفتاح السيسي لمنعه مغادرة المهاجرين نحو أوروبا".
وقالت إنه منذ أن تولى السلطة في انقلاب عام 2013 وأصبح رئيسا في عام 2014، "حكمت حكومات السيسي مصر بقبضة من حديد"، وقمعت المعارضة، وسجنت المنتقدين، وخنقت وسائل الإعلام والمجتمع المدني.
وقالت في بيانها: "الآن تتم مكافأة هذا القمع السحيق بدعم جديد من الاتحاد الأوروبي"!
وقال حقوقيون مصريون أن الحكومات الأوروبية تشعر منذ فترة طويلة بالقلق بشأن خطر عدم الاستقرار في مصر، وأن تؤدي الصعوبات الاقتصادية لدفع أعدادا متزايدة للهجرة باتجاه أوروبا.
أكدوا أن الاتفاق جزء من استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمنع تدفق اللاجئين للاتحاد من المنبع على غرار اتفاق مشابه تم توقيعه مع تونس، بحيث تكون مصر حارسة لبوابة شمال المتوسط وتمنع عبور المهاجرين، من المنبع" لأوروبا.
وطالبت 20 منظمة حقوقية مصرية وأوروبية، في بيان، 15 مارس 2024، رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورؤساء وزراء بلجيكا واليونان وإيطاليا، بإدراج معايير واضحة للإصلاح في الشراكة الأوروبية المصرية، تساهم في معالجة أزمات حقوق الإنسان والمساءلة في مصر، وإلا سيساهم الدعم المالي للاتحاد الأوروبي في دعم سياسات الحكومة المصرية المقوضة للحقوق السياسية والاقتصادية.
واستندت المنظمات في تخوفاتها، إلى اتفاق مسبق وقعه الاتحاد الأوروبي مع الرئيس التونسي، قيس سعيد، لإدارة الهجرة بين تونس والاتحاد الأوروبي، والذي انتهى بعواقب مأساوية للمهاجرين وصلت حد فقدانهم الحياة، فضلًا عن فشلها في ضبط عمليات الهجرة، وزيادة القمع في تونس.
وزار وفد أوروبي رفيع برئاسة، أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، مصر، لتوقيع حزمة تمويل ضخمة للنظام المصري بقيمة 7.4 مليار يورو (8 مليارات دولار)، وأعقب هذا بشكل مفاجئ بعد 3 أيام فقط من الزيارة إلغاء مصر قضية التمويل الأجنبي لمنظمات حقوقية بعد 13 عاما من تداولها، لعدم كفاية الأدلة!!
وكان من الواضح أن قرار حفظ التحقيق هو أحد شروط التمويل الذي قدمه وفد الاتحاد الأوروبي لمصر ، بدليل غلق ملف القضية بعد ساعات من تلقي مصر التمويل الأجنبي، حيث نشرت صور تبين لقاء الوفد الأوروبي مع حقوقيين مصريين ممن تم وقف التحقيقات معهم وبحث الأمر معهم قبل أن يصدر قرار الحكومة المصرية.
وعقب التمويل الأوروبي صدرت التعليمات من نظام السيسي للقضاء بإنهاء قضية التمويل الأوروبي الأجنبي للمنظمات المصرية. وأصدر المستشار أحمد عبد العزيز قتلان، قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة للتحقيق في القضية المعروفة إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي، أمرًا يوم 20 مارس 2024 "بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة قبل خمس مراكز حقوقية"، وهي: مركز المبادرة للدراسات والاستشارات، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمؤسسة العربية للإصلاح الجنائي العقابي، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف.
وتضمن القرار، رفع أسماء من تضمنهم الأمر من قوائم الممنوعين من السفر، وقوائم المنع من التصرف في أموالهم الثابتة والمنقولة، وبينهم حسام بهجت أحد الذين التقوا الوفد الأوروبي خلال زيارته لمصر لتقديم التمويل لنظام السيسي.
وقال قاضي التحقيق -في بيان صحفي -إنه بصدور هذا الأمر، يكون عدد المنظمات والجمعيات والكيانات التي صدر بشأنها أوامر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية 85 أمرا، شملت كافة المنظمات والكيانات والجمعيات التي شملتها التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011.
وتابع أنه بذلك يكون قد أسدل الستار على أوراق القضية، وتكون قد وصلت إلى نهايتها بعد صدور هذا الأمر.
انقاذ مصر.. أم إنقاذ السيسي؟
لم تأت هذه التدفقات المالية، وفي هذا التوقيت الذي أصاب الشلل فيه نظام السيسي، بدون سبب، وإن اعتمد أسلوب شراء أصول مصر مقابل دعم نظام السيسي، حيث اعتمدت خطة دعمه على مقولة شهيرة ل "جون بيركنز "، عالم الاقتصاد الأمريكي يقول فيها: "نحن نغري الدكتاتور بأخذ القروض الضخمة، ونعلم أنه يسرقها، أو يضعها في مشاريع فاشلة، ثم تكبر القروض وفوائدها فلا يستطيع الدفع، ولا يستطيع غيره الإصلاح مهما فعل، وتصبح تلك الدولة رهنا لنا حتى لو جاء لحكمها بعد ذلك قائد نظيف وسياسي محنك"!!
الخطة اعتمدت على أن يدخل مصر (نظريا) في توقيت واحد قرابة 60 مليار دولار، منها 35 مليارا من الإمارات مقابل شراء أفضل منطقة بحرية في مصر هي منطقة رأس الحكمة وبناء ميناء ومطار وتحولها إلى ما يشبه "إمارة رأس الحكمة" الإماراتية على أرض مصر.
كما اعتمدت على بيع منطقة رأس جميلة للسعودية مقابل 20 مليار دولار حسبما كشف مصدر حكومي مطلع لموقع "مدي مصر"، "حيث ستشمل الصفقات المنتظرة تنازل السعودية عن ودائعها في البنك المركزي، التي تصل قيمتها أكثر من 10 مليارات دولار، منها 5.3 مليار دولار ودائع متوسطة وطويلة الأجل، و5 مليارات دولار ودائع قصيرة، مثلما حدث في صفقة رأس الحكمة، التي بمقتضاها تنازلت الإمارات عن ودائع بقيمة 11 مليار دولار لدى مصر".
أيضا ضمن الخطة تم الاتفاق على 8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وستقدم مجموعة البنك الدولي حزمة تمويلية لمصر بقيمة 6 مليارات دولار على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة، بحسب بيان من وزارة التعاون الدولي وآخر من البنك الدولي.
يعني هذا أن التدفقات الأجنبية التي نجحت الحكومة في تدبيرها تجاوزت 57 مليار دولار، شاملة 35 مليار دولار من شركة "أيه دي كيو" القابضة الإماراتية مقابل حقوق تطوير رأس الحكمة.
و"هذا يكفي لمعالجة شح السيولة الدولارية في البلاد لبضعة أعوام لكن التعامل مع العجز التجاري المزمن، ومرونة سعر الصرف، ودور الجيش المهيمن على الاقتصاد سيتطلب إجراءات تتجاوز مجرد إنفاق الأموال لحل هذه المشكلات"، بحسب كبير الخبراء الاقتصاديين للأسواق الناشئة في "بلومبرج" زياد داود، 18 مارس 2024.
التخويف من عودة الإسلاميين
قبل التدخل المالي الضخم، كانت الإمارات والسعودية وأمريكا والحكومات الأوروبية يشعرون منذ فترة طويلة بالقلق بشأن خطر عدم الاستقرار في مصر بسبب الصعوبات الاقتصادية التي دفعت أعدادا أمتزايدة للهجرة في السنوات الأخيرة، فضلا عن مخاوف من انفجار ثورة غضب وجياع.
يوم 16 مارس 2024، نقلت وكالة "بلومبيرج" الأميركية عن "ابتسام الكتبي"، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، في أبو ظبي، أن سبب تدخل الإمارات لإنقاذ نظام السيسي بصفقة رأس الحكمة ب 35 مليار دولار "هو ضمان الاستقرار، وتجنب عودة الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي تزدهر في أوقات الاضطرابات"، وفقا لتعبيرها، بجانب مكافأة السيسي لدوره في حصار غزة.
وكانت دراسة لمركز "كارنيغي" 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 أعدها ماجد مندور، أكدت أن نظام السيسي يتبع سياسة تخويف ثابتة للغرب من أن سقوط نظامه يهدد المصالح الاقتصادية للدول الغربية، وهو ما يعني أن السيسي كان يراهن على أن أمريكا والاتحاد الأوربي وأنظمة الخليج لن يتحملوا مخاطر سقوط نظامه وانهيار مصر ويسارعون بانتشاله من الغرق، حماية لمصالحهم.
وتمويل الاتحاد الأوروبي لمصر يشير ضمنا لنجاح خطة السيسي في تخويفهم من عواقب انهيار نظامه وعودة الإسلاميين وابتزازهم ماليا لدفع ثمن حمايتهم من الاسلاميين والمهاجرين على السواء.
لهذا تدخل الغرب لإنقاذ النظام
من زاوية أخرى، لخص الكاتب والمحلل الاقتصادي أحمد السيد النجار رئيس مجلس مؤسسة الأهرام الأسبق ما فعله السيسي في اقتصاد مصر خلال سنوات حكمه الطويلة، بالبيانات الرسمية ليقول ضمنا أنه لهذا تدخل الغرب لإنقاذ نظام السيسي لا مصر من السقوط.
"النجار" كتب تحت عنوان "هل كانت مصر "أي حاجة" وحوّلها السيسي إلى بلد؟!" في موقع "عروبة 22" يوم 20 مارس 2024، معلقا على قول السيسي في محفل عام بأنه "لم يجد بلد"، وأنه "وجد أي حاجة"، وأنهم – لم يقل من هم -قالوا له "خد دي": هذه أكثر مؤشرات الخراب الذي أوصل السيسي مصر إليه:
زادت الديون الخارجية بنسبة 257% لترتفع من 46.1 مليار دولار في بداية حكم السيسي، إلى 164.7 مليار دولار في نهاية يونيو 2023.
ترتب على تلك الديون بيع حصة المال العام في العديد من الشركات والبنوك الرابحة لسداد أقساطها وفوائدها ووصل الأمر مؤخرًا إلى بيع أرض مصر في "رأس الحكمة" للأجانب لاستخدام العائد في سداد الديون وأقساطها، رغم أن هذا البيع نفسه سيترتب عليه التزامات دولارية هائلة في المستقبل القريب عندما ترغب الشركة المشترية في تحويل أرباحها للخارج.
وجه نظام السيسي القدرات المالية والجهود نحو قطاع العقارات من خلال العاصمة الإدارية الجديدة التي استقطبت جزءًا كبيرًا من طاقة الاقتصاد العام والخاص في مشروع عقاري في النهاية، في بلد به مخزون عقاري عملاق بلغ 2 مليون مبنى متعدد الشقق وكامل التشطيب وغير مستخدم وفقًا لآخر تعداد للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
الموازنة العامة للدولة لم تستفد من قيمة الأرض التي خصصت لتلك العاصمة ومساحتها 800 كلم مربع، أي 800 مليون متر مربع، حيث ذهبت إلى جهاز أراضي القوات المسلحة. كما أن البنية الأساسية الخارجية التي تربطها بباقي الوطن وقع عبئها كليًا على الموازنة العامة للدولة المدنية لتُفاقم من عجزها.
لم تستفد ميزانية الدولة من قيمة الأرض التي خُصّصت للعاصمة الإدارية حيث ذهبت إلى جهاز أراضي القوات المسلحة الذي يستولي على كل شيء ويعتبر دولة داخل الدولة.
زادت الديون الداخلية من 1816 مليار جنيه قبل انقلاب السيسي إلى 8312 مليار جنيه في العام المالي الحالي (بعد 10 سنوات من الانقلاب) بزيادة نسبتها 358%، وأصبحت مغذيًا رئيسيًا للتضخم.
انهار الجنيه المصري أمام الدولار ووفقًا للبيانات الرسمية ارتفع الدولار من 7 جنيهات عندما تسلم السيسي الحكم إلى قرابة 50 جنيهًا في الوقت الراهن أي أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ارتفع 600% خلال فترة حكم اغتصاب السيسي للسلطة.
هذا الارتفاع يؤدي إلى زيادة أسعار كل السلع المستوردة بنسبة ارتفاع الدولار نفسها مقابل الجنيه وبالتبعية ترتفع أسعار كل السلع المحلية التي يدخل فيها أي مكوّن مستورد، ويتبعها باقي السلع والخدمات التي ارتفعت تكاليف إنتاجها على ضوء التضخم العام.
وهذا الارتفاع في الأسعار يعني تآكل الدخول الحقيقية أو القدرة الشرائية للدخول، وبخاصة لأصحاب الدخول شبه الثابتة من أرباب المعاشات والعاملين بأجر. كما يعني زيادة الفقراء فقرًا والأثرياء ثراءً.
بسبب سياسات السيسي الفاشل، وإفساده الاقتصاد المصري من خلال قبول منح مشروطة، تآكلت القدرة الشرائية للدخول وانخفاض مستويات المعيشة وسقوط الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى إلى مصاف الفقراء
زاد معدل الفقر أو نسبة الفقراء من عدد السكان، من 26,3% عام 2012/2013 إلى 27,8% عام 2014/2015. وارتفع المعدل بعد ذلك بقوة ليبلغ نحو 32,5% من عدد السكان في العام 2017/2018 وفقًا لكتاب مؤشرات الدخل الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو آخر عام تتوفر عنه بيانات رسمية متاحة.
وللعلم فإن خط الفقر لدول الدخل المتوسط المنخفض، التي تُعد مصر واحدة منها، هو 3,65 دولار للفرد في اليوم، بما يعني أن الأسرة المكوّنة من 4 أفراد (زوج وزوجته وطفلين)، إذا قل دخلها عن 14,6 دولار يوميًا، أي 438 دولار شهريًا وفقًا لتعادل القوى الشرائية، تُعد أسرة فقيرة.
تم إلغاء ضريبة المبيعات ونسبتها 10%، وحلّت محلّها ضريبة القيمة المضافة ونسبتها 14%، أي أنه تم رفع تلك الضريبة غير المباشرة بنسبة 40% دفعة واحدة، والضريبة غير المباشرة هي ضريبة "عمياء" تصيب كل من يستهلك السلع والخدمات التي فرضت عليها بلا تمييز بين فقير أو غني، وبالتالي فإن المموّل الرئيسي لها هو الطبقة الوسطى والفقراء.
تم فرض ضريبة على اتصالات المحمول بنسبة 30%، وهي بدورها ضريبة غير مباشرة وعمياء ويتحمل عبئها الفقراء والطبقة الوسطى. كما تم تفعيل ضريبة التصرفات العقارية التي يتم تطبيقها على الأشخاص الحقيقية فقط، أي إلى من ينتمون للطبقة الوسطى، بينما تعفى الأشخاص الاعتبارية أي الشركات العقارية منها في ظلم فادح للطبقة الوسطى.
تمت مضاعفة أسعار الكهرباء والمياه بصورة مرهقة للطبقة الوسطى وبخاصة لأرباب المعاشات والعاملين بأجر ورفع أسعار الوقود في مارس 2024 مجددا ما أدي لزيادة أسعار المواصلات العامة بصورة فاحشة وارتفاع أسعار وسائل المواصلات الأخرى داخل المدن وبين المحافظات والتاكسي وسيارات شركات التوصيل المختلفة.
كما ارتفعت أسعار الخضر والسلع بسبب ارتفاع تكلفة نقلها وتحدثت الغرف التجارية عن ارتفاع أخر في اسعار الفراخ واللحوم مع نهاية مارس الجاري بسبب زيادة الوقود.
انخفضت نسبة الإنفاق العام على التعليم والصحة إلى أدنى مستوياتها. ويبلغ الإنفاق العام على التعليم 229,9 مليار جنيه في موازنة عام 2023/2024 بما يعادل 1,9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المذكور، بما يشكل مخالفة صريحة للدستور الذي يلزم الحكومة بتخصيص 6% من الناتج القومي للإنفاق العام على التعليم الجامعي وقبل الجامعي. وكان الإنفاق العام على التعليم قد بلغ نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2013/2014 قبل صعود الرئيس السيسي للحكم.
ما هو المقابل لبيع غزة؟
ذكر مقال منشور على موقع منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" (DAWN) ، 20 مارس 2024، حول سلسلة من الصفقات الأخيرة لإنقاذ نظام السيسي، بما في ذلك من قبل صندوق النقد الدولي أنه "من الصعب أن ننظر إلى صفقة "رأس الحكمة" على أنها صفقة استثمارية تجارية بحتة، حيث يرأس شركة (ADQ) الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، أحد أفراد العائلة المالكة الإماراتية وهو أيضًا مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات وشقيق الرئيس محمد بن زايد آل نهيان.
وكما قال أحد مديري المحافظ لرويترز، أظهرت الصفقة أن مصر بالنسبة للإمارات العربية المتحدة "أكبر من أن تفشل"، أي أنهم لا يردون لنظام السيسي أن يسقط لأنه يخدم مصالحهم.
أضاف: هذا هو النظام الذي أهدر المليارات من المال العام على مشاريع عملاقة باهظة، بما في ذلك عاصمة إدارية جديدة في الصحراء خارج القاهرة. وكثيرًا ما فازت الشركات المملوكة للجيش بعقود هذه المشاريع، ولم يكن هناك سوى القليل من الشفافية أو المساءلة عن التكاليف المذهلة.
أوضح أن "نظام السيسي انتقل مرارًا وتكرارًا من أزمة اقتصادية إلى أخرى، لكنه وجد دائمًا طرقًا لتأمين عمليات الإنقاذ من المانحين الخليجيين".
أوضح مقال منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" أنه "بالنسبة لصندوق النقد الدولي، فإن حزمة الإنقاذ التي تبلغ قيمتها 8 مليارات دولار تبعث برسالة مفادها أن الصندوق سوف يتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر وسياساته المعلنة لمكافحة الفساد.
وبما أن صندوق النقد الدولي لا يستطيع إبرام مثل هذه الصفقة الكبيرة دون دعم الولايات المتحدة، فإن الأمر يبدو بمثابة علامة أخرى على أن واشنطن، مرة أخرى، أعطت الأولوية ل "الأهمية الاستراتيجية" للعلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة ومصر على المخاوف بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان والفساد".
ويلمح المقال إلى أن هذه المدفوعات الضخمة لنظام السيسي علامة على دعم الولايات المتحدة مصر ربما مقابل استضافة مصر للاجئين الفلسطينيين من غزة أو أدوار مصر المشبوهة في غزة.
وقد رجح الدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسية في تحليل نشره عبر حسابه على "إكس" أن تكون دلالات التوقيت لصفقة التمويل الأوروبية لنظام السيسي بجانب اتفاقات بمليارات الدولارات من أوروبا وصندوق النقد وعدد من الأطراف الإقليمية لها علاقة بملف غزة.
أشار إلى "تداعيات أزمة طوفان الأقصى على السياسات الغربية، وحاجة الدول الأوروبية للنظام المصري للقيام بدور وظيفي في إدارة هذه الأزمة".
أكد أن هذا "الدور الوظيفي لا يخرج عن تفريغ القضية من جوهرها، من خلال سياسات المشاركة في دعم الحصار والتهجير وإعادة التوطين".
"والنظام في مصر يقوم بهذا الدور بامتياز منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم، ووصل تماهيه مع الملف للدرجة التي أصبح فيها شريكاً استراتيجياً بالمعني الكامل للمفهوم مع الكيان الصهيوني في كل ما يقوم به من ممارسات"، وفق "عبد الشافي".(التغريدة)
وبين عامي 2013 و2022، قدمت الإمارات والسعودية والكويت مجتمعة 34 مليار دولار لمصر في شكل منح نقدية وشحنات نفط وودائع في البنك المركزي، وفقًا لبيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وفي عام 2024 وحده من المقرر أن ترسل الإمارات أكثر من هذا المبلغ خلال شهرين فقط.
وتقول وكالة "بلومبيرغ" إن الهدف من ذلك ليس فقط دعم الاستقرار في مصر والحفاظ على النظام القائم عبر دعمه ماليا لمواجهة التحديات الاقتصادية، بل هناك هدف مهم آخر، وهو سعي أبو ظبي إلى القيام بدور مستقبلي في قطاع غزة، الذي تم تدميره في خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع المحاصر، فسيناريو اليوم التالي في غزة بعد الحرب محل نقاش واسع، كما أن من بين القضايا المطروحة مصير 1.2 مليون فلسطيني محاصر في رفح ترفض مصر خطط "إسرائيل" لتهجيرهم إلى سيناء.
ودور مصر في مستقبل القطاع مهم حيث إنها الدولة الوحيدة التي لها حدود غير خاضعة للاحتلال الإسرائيلي مع القطاع المحاصر، ومن ثم فإن الإمارات ترى أن صفقة مثل هذه ستجعل لها دورا في القطاع عبر التأثير على النظام في مصر.
وعلى الرغم من أن الدعم المالي الضخم لمصر يخدم بوضوح هدف الإمارات المتمثل في احتواء مخاوفها الإقليمية الرئيسية، كالاضطرابات الشعبية والإسلام السياسي، إلا أن المحللين يشككون في أن عملية صنع القرار في القاهرة سوف تتأثر كثيرًا نتيجة ذلك الدعم المالي السخي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.