بدأ الأتراك بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، الأحد، من أجل التصويت في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسية، وسط تنافس حاد بين مرشحي "تحالف الجمهور" رجب طيب أردوغان، و"الأمة" كمال كليجدار أوغلو. بدأت عملية التصويت للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والتي تجرى لأول مرة في تاريخ الجمهورية، في الساعة ال08:00 صباحا، وتستمر حتى الساعة ال17:00 في جميع أنحاء البلاد. ويدلي الناخبون الأتراك بأصواتهم في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع في جميع أنحاء تركيا من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد لمدة 5 سنوات. وأظهر استطلاع أجراه مركز "أوزدمير" أن نحو أربعة وخمسين في المئة (53.94%) من أصوات الناخبين مستعدون لدعم أردوغان، بينما سيدعم أكثر من ستة وأربعين في المئة (46.06%) كليجدار أوغلو. كما أظهر استطلاع آخر أجراه مركز دراسة الرأي العام "إيفيم" أن أردوغان سيحصل على نحو 54% من الأصوات، بينما سيحصل كليجدار أوغلو على 46%. وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات في الجولة الأولى في الرابع عشر من مايو الجاري قد بلغت ثمانية وثمانين فاصل تسعة في المئة داخل تركيا وتسعة وأربعين فاصل أربعة في المئة في الخارج. ويحقّ لأكثر من أربعة وستّين مليون تركي التصويت في ما يقرب من مئة واثنين وتسعين ألف مركز للاقتراع. وفقًا للنتائج الرسمية التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات، فقد حصل أردوغان في الجولة الأولى على 49.52 بالمئة من الأصوات، بينما حصل كليتشدار أوغلو على 44.88 بالمئة من الأصوات. وبلغ عدد الأصوات لأردوغان 27 مليونا و 133 ألفا و 849 صوتا، وبلغ عدد أصوات كليجدار أوغلو 24 مليونا و 595 ألفاً و 178. ممنوعات انتخابية وفي نطاق الانتخابات، لن يتم بيع المشروبات الكحولية الأحد من الساعة ال06.00 إلى ال24.00، كما يُحظر تقديم المشروبات الكحولية وشربها في الأماكن العامة، وستبقى أماكن الترفيه مغلقة خلال فترة التصويت. ويحظر إدخال الهواتف المحمولة أو الكاميرات إلى مكان التصويت، حيث سيتم ترك هذه الأجهزة عند لجنة صناديق الاقتراع، لاستعادتها بعد انتهاء عملية التصويت. كما أنه يحظر تقديم الأخبار والتنبؤات والتعليقات على نتائج الانتخابات في الإذاعات وجميع أنواع أجهزة البث لغاية الساعة ال18:00. ويتم رفع الحظر على البث حول الانتخابات بعد الساعة ال21:00، وقد ترفع الهيئة العليا للانتخابات التركية الحظر قبل ذلك. وستلغى الأصوات التي لم يتم وضع إشارة "نعم" أو "تفضيل" عليها، أو تم وضع اختيار أكثر من تحالف، أو حزب أو مرشح ليس في نفس التحالف.
إعلان النتائج وستعلن النتائج غير النهائية في مساء اليوم، ومن المتوقع أن تنتهي عملية الفرز مبكرا بخلاف الجولة الأولى التي رافق الانتخابات الرئاسية فيها اختيار النواب. وبعد الإعلان عن النتائج الأولية، ستكون هناك فترة اعتراض على قرارات ومحاضر لجان صناديق الاقتراع، على أن تنتهي في الساعة ال17:00 من يوم 29 مايو، بينما سيتم الإعلان عنها قبل الساعة ال23:59، كحد أقصى. وفي 1 يونيو، سيتم الإعلان رسميا عن نتائج الانتخابات العامة في الجريدة الرسمية ووسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية.
فتوى "كليجدار" أثار المرشح الرئاسي ل"تحالف الأمة" كمال كليجدار أوغلو الجدل في تركيا، بعد اعتباره أن التصويت لمنافسه عن "تحالف الجمهور" رجب طيب أردوغان يعد "ذنبا" داعيا إلى عدم التصويم له في جولة الإعادة الأحد. وقال كليجدار أوغلو في مقابلة تلفزيونية على قناة "FOX" التركية، إن التصويت لأردوغان يعتبر "ذنبا". وأضاف: "إلى الناخبين الذين يصوتون لأردوغان، لا تفعلوا ذلك لا ترتكبوا هذا الذنب، المسلم المخلص لا يرتكب مثل هذا الذنب العظيم، وعليه أن لا يرتكبه". وتابع: "يجب أن يتحلى الجميع بالأخلاق والفضيلة، وإذا كان المواطن حريصا على بلاده فيجب أن يعيد تفضيلاته ويدلي بصوته (لي)". كليجدار أوغلو، أضاف أنه "من لا يرغب بمنحي صوته، فعليه ألا يذهب إلى صناديق الاقتراع ويكون شريكا في هذا الذنب". الكاتب التركي زكي بهشي، كتب في تغريدة في حسابه على "تويتر": "بدأ كليجدار أوغلو بإصدار الفتاوى بشأن التصويت لأردوغان معتبرا أن ذلك ذنب كبير وغير أخلاقي". وتابع الكاتب التركي: "المسلم المخلص لا يمنح صوته لك (كليجدار أوغلو)، لا يمنح الصوت لمن حصل على دعم منظمة العمال الكردستاني، ومن يرى أن المثلية الجنسية أمر طبيعي، ويعتبر الحجاب قطعة قماش، وداس بحذائه على سجادة الصلاة".
التحركات الأخيرة وبينما اقتصر الرئيس التركي في تحركاته على مناطق الزلزال، والظهور في اللقاءات التلفزيونية، فقد غير كليجدار أوغلو شعار حملته، واتبع خطابا أكثر يمينية وركز نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي. وأعلن المرشح الرئاسي في الجولة الأولى سنان أوغلو، دعمه للرئيس التركي أردوغان في الجولة الثانية، فيما توصل كليجدار أوغلو إلى اتفاق مع زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ للحصول على دعمه. ولا يتم احتساب الانتخابات التي تجرى يوم الأحد 28 مايو، من النسب التي حصل عليها المرشحان في الجولة الأولى، بل من الصفر، ما يشكل تحديا لكليهما في دفع الناخبين إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى. ورغم التوقعات التي تحدثت عن مشاركة أقل من الناخبين الأتراك في الجولة الثانية، فإن ناخبي الخارج حطموا رقما قياسيا بنسبة مشاركة فاقت الجولة الأولى؛ حيث إن عدد من ذهبوا إلى صناديق الاقتراع حتى مساء الجمعة بلغ مليونا و912 ألفا و30 ناخبا مغتربا، فيما شارك في الجولة الأولى مليون و839 ألفا و470 ناخبا.
دعوة للمشاركة وبينما شدد أردوغان على أن التحدي الأكبر في الجولة الثانية هو "التكاسل"، فقد استخدم كليجدار أوغلو خطابا تحريضيا ضد اللاجئين في تركيا سعيا منه لاستقطاب الناخب القومي المتشدد. الكاتب التركي برهان الدين دوران، ذكر في مقال على صحيفة "صباح"، أن الجولة الثانية فيها ثلاث محددات مجهولة، سيكون لها تأثير على نتائج الانتخابات الأحد. أما المعادلة الأولى، فهي أولا، تأثير تفضيلات مرشح "تحالف أتا" سنان أوغان، ورئيس حزب النصر أوميت أوزداغ على ناخبيهم، وثانيا "نوع الرد على حملة كليتجدار أوغلو القاسية والسلبية بالخطاب اليميني المتطرف".. والمعادلة الثالثة، تكمن في مدى قدرة تحالفات أردوغان وكليجدار أوغلو على حشد الأصوات مرة أخرى. ومما لا شك فيه أن أردوغان يدخل الجولة الثانية بميزة الحصول على 49.5 بالمئة بالمئة في الجولة الأولى متجاوزا كليجدار أوغلو بفارق أربع نقاط، لكن الميزة الأخرى له هي أن "تحالف الجمهور" حصل على أغلبية في البرلمان . وكان هدف الطاولة السداسية الأساسي، هو العودة إلى "نظام برلماني" معزز بدلا من الرئاسي، وبررت تجمعها غير المتجانس بهذا الهدف، لكن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 14 مايو فككت ذلك، ما يشكل تحديا لدى أحزاب "تحالف الأمة" الأخرى في التوجه للانتخابات والتصويت لكليجدار أوغلو. ويشدد أردوغان في تحذيراته المؤخرة لحزبه والناخبين من "التكاسل" على رغبته في التغلب على خصمه بهامش كبير، ومع ذلك فإن كل انتخابات لديها دينامياتها وتفضيلاتها الخاصة، ولا يمكن التقليل من شأن الخصم في الجولة الثانية.
توقعات بإقبال على التصويت الكاتب التركي مليح ألتنوك، ذكر في مقال على موقع "ديلي صباح"، أنه بالنظر إلى زيادة الأصوات المدلى بها في الخارج، فمن المتوقع أن يكون هناك إقبال أكبر في الجولة الثانية، حيث تعمل نسبة المشاركة المرتفعة في صالح أردوغان لأنه يحظى بدعم الفئات المحرومة التي تشكل الأغلبية، بينما يحصل كليجدار أوغلو على أصوات من الأقلية المتمدنة الغنية والأثرياء. وأضاف أن كليجدار أوغلو بعد أن نصب نفسه على أنه "يساري" لدرجة أنه شكل تحالفا مع حزب الشعوب الديمقراطي، قبل 14 مايو بقليل، أصبح الآن يتبنى الخطاب القومي الذي يبدي العداء للأجانب، ويدّعي أنه مصمم على ترحيل اللاجئين المقيمين في البلاد. وتبنى علانية خطاب الكراهية. وتساءل الكاتب: "هل هذا المسار الجديد الذي يوحي بالفاشية بشكل صريح، يعمل لصالح كجدار أوغلو الذي وصف نفسه قبل الانتخابات ب"الجد الديمقراطي"؟"، مجيبا: "لا أعتقد ذلك". وأشار إلى أن أردوغان الذي قاوم الموجة الشعبوية أقنع أوغان الذي حصل بشكل أساسي على أصوات من الناخبين المناهضين للاجئين، بالنظر في مقاربات أكثر حضارة مثل الاندماج والعودة الطوعية. ونقل عن صحفي مؤيد لكليجدار أوغلو بشأن نتائج الانتخابات، أنه "بينما تسعى الحكومة المعروفة بموقفها القومي إلى حلول براجماتية لقضية اللاجئين، فإن المعارضة التي تصور نفسها على أنها أكثر ديمقراطية وذات ميول يسارية، تعطي الأولوية لطرد اللاجئين كأجندة سياسية