بمرور خمسة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب كلا من تركياوسوريا تتضاءل آمال العثور على مزيد من الناجين تحت الأنقاض فيما يواصل عمال الإنقاذ مساعيهم في ظل انخفاض درجة الحرارة في منطقة غازي عنتاب التركية لأقل من خمسة درجات تحت الصفر ما يعوق عمليات الإنقاذ. و ارتفع عدد الضحايا إلى أكثر من 23 ألفا وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين وتشريد ملايين السكان. ووفقا لأحدث البيانات الرسمية بنهاية الجمعة 10 فبراير 23م ، فإن عدد قتلى الزلزال في تركيا ارتفع إلى 20 ألفا و318، فيما بلغ عدد المصابين أكثر من 80 ألفا و88. أما في سوريا، فقد ارتفع عدد القتلى إلى 3 آلاف و637، وبلغ عدد المصابين 7216. ورغم أن العدد الأكبر من الضحايا سُجل في تركيا، فإن التحذيرات تتوالى من ارتفاع مطرد في عدد القتلى شمالي سوريا، وسط ضعف الإمكانات وقلة الموارد وتأخر وصول المساعدات الدولية اللازمة لعمليات البحث والإنقاذ. وحسب شبكة الجزيرة، دعا المبعوث الأممي الخاص لسوريا جير بيدرسون النظام السوري إلى عدم عرقلة إمدادات الإغاثة للمتضررين من الزلزال في المناطق الخارجة عن سيطرته. كما دعت وزارة الخارجية الأميركية النظام السوري للسماح بمرور المساعدات من خلال جميع المعابر الحدودية على الفور، وقالت إنه لا تزال هناك عقبات يجب تجاوزها في سوريا لتقديم المساعدات الإنسانية، لكنها أكدت أن العقوبات الدولية ليست من بينها. من جانبها، توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى أن تتجاوز الخسائر الاقتصادية جراء الزلزال «مليارى دولار» و»قد تبلغ 4 مليارات دولار أو أكثر». واعتبرت فيتش أنّ المبالغ المؤمنة «أقل بكثير»، وتصل «ربما إلى نحو مليار دولار»، «بسبب ضعف التغطية التأمينية فى المناطق المتضررة». وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قد أكد أنه يجب ألا تمنع العقوبات تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين بعد الزلزال، حيث تحول العقوبات الغربية دون إرسال المساعدات إلى دمشق. وقال: «هذه لحظة يجب على الجميع فيها أن يكون واضحا تماما فى أنه يجب ألا تمنع أى عقوبات مساعدة الشعب السورى فى هذه اللحظة»، معربا عن أمله أن يسمح مجلس الأمن الدولى بفتح نقاط عبور حدودية جديدة بين تركياوسوريا لإيصال مساعدات إنسانية أممية إلى ضحايا الزلزال، فى وقت يوجد فيه حاليا معبر واحد فقط. وأضاف «هذا وقت وحدة، هذا ليس وقت تسييس أو تقسيم، لكن من الواضح أننا بحاجة إلى دعم هائل بعد واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية فى عصرنا»، مؤكدا أن المساعدة يجب أن تتدفق إلى سوريا عبر الحدود مع تركيا، وكذلك عبر خطوط المواجهة بين قوات دمشق وخصومها. وفى سوريا، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الذين تضرروا بالزلزال قد يبلغ 23 مليون شخص، بما فى ذلك بسوريا، بينهم نحو 5 ملايين فى وضع هش. وفى المناطق التى تأخر وصول المساعدات إليها، يشعر الناجون بأنهم مهملون، ففى جنديرس الواقعة فى منطقة تسيطر عليها فصائل المعارضة فى سوريا «حتى المبانى التى لم يؤد الزلزال إلى انهيارها أصيبت بأضرار بالغة»، على حد قول حسن أحد السكان، الذى طلب عدم ذكر اسم عائلته. وأضاف أن «هناك بين 400 و500 شخص عالقون تحت كل مبنى منهار يحاول عشرة أشخاص فقط إخراجهم ولا تتوافر آليات». وأعلنت الأممالمتحدة حصولها على ضمانات بمرور جزء من المساعدات الطارئة عبر المعبر الحدودى الوحيد المفتوح بين تركيا وشمال غرب سوريا، وفق ما جاء على لسان المبعوث الأممى الخاص جير بيدرسن. وقال بيدرسن لصحفيين فى جنيف: «حصلنا على ضمانات بأنه يمكننا تمرير المساعدات الإنسانية الأولى» عبر معبر باب الهوى، داعيًا إلى «عدم تسييس» المساعدات إلى السكان السوريين المتضررين بشدّة. وبالفعل، دخلت أول قافلة مساعدات بعد الزلزال المدمر، إلى المناطق المعارضة فى شمال سوريا، وفق ما أفاد مسئول فى المعبر الحدودى بين سورياوتركيا ومراسل وكالة فرانس برس. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس عند المعبر قافلة من 6 شاحنات فقط تعبر إلى سوريا، وتضم بشكل أساسى مستلزمات خيم وأدوات تنظيف. وحتى قبل الزلزال، كان معبر باب الهوى شريان الحياة لنحو 4.5 مليون شخص فى المناطق الواقعة فى شمال غرب البلاد الذى لا تسيطر عليه الحكومة السورية نتيجة للحرب الجارية. وبحسب الأممالمتحدة، 90 ٪ من السكان هناك يعتمدون بالفعل على المساعدات الإنسانية حتى قبل الزلازل. الأقوى في التاريخ من جانبها، أعلنت إدارة الكوارث الطبيعية التركية أن خطوط السكك الحديدية انزاحت أمتارا عن أماكنها بفعل الزلزال المدمر، وهو ما يؤكد أن زلزال الاثنين الماضى هو من أقوى الزلازل فى التاريخ. وقارنت إدارة الكوارث بين الزلزال الذى ضرب منطقة مرمرة شمال غربى تركيا – التى تقع فيها مدينة إسطنبول – فى 17 أغسطس 1999 وكان مركزه مدينة إزميت، واستمر حينها 37 ثانية، وكانت قوته 7.6 درجات على مقياس ريختر، والزلزال الأخير، مبينة أنه كان على مساحة ضيقة ومحدودة مقارنة بالزلزال الحالي. وأضافت أنه فى ذلك الزلزال، المعروف ب «زلزال إزميت»، أو «زلزال مرمرة»، قتل 17 ألف شخص، وأصبح أكثر من نصف مليون إنسان بلا مأوي.إلا أن حجم وقوة واتساع مساحة الزلزال الحالي «زلزال كهرمان ماراش»، أكبر بكثير من زلزال عام 1999». توقيف مقاول فاسد في السياق، أوقفت السلطات التركية متعهد مبنى سكني مؤلف من 12 طابقا انهار جرّاء الزلزال ، لدى محاولته مغادرة البلد عبر رحلة جوية. وقدرت وكالة الأناضول للأنباء، أن يكون 800 شخص تحت أنقاض مبنى "رونيسانس" السكني الذي يضم 250 شقة في هاتاي في جنوب شرقي تركيا. وقالت الوكالة؛ إنه تم توقيف الرجل في مطار إسطنبول قبل أن يحاول مغادرة البلد إلى مونتينيغرو وبحوزته مبلغ كبير، فيما تداولت وسائل إعلام تركية مقطع فيديو للحظة إيقافه. كما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للمبنى السكني الفاخر، الذي كان يقدّمه على شبكات التواصل الاجتماعي على أنه "ركن من أركان الجنّة"، و"مقاوم للزلازل". وأشارت وسائل إعلام تركية، إلى أن لاعب كرة القدم الغاني كريستيان أتسو، الذي يلعب لصالح نادي هاتايسبور والمدير الرياضي للفريق تانر سافوت، من بين العالقين تحت أنقاض هذا المبنى. وتواصل فرق الإنقاذ البحث عن ناجين في المكان، فيما ندد الإعلام التركي منذ الاثنين ببعض المتعهدين الذين كانوا يستخدمون مواد رديئة، أو لم يحترموا معايير السلامة. وبحسب قناة "إن تي في" التلفزيونية الخاصة، قُدّمت أول شكوى قانونية الجمعة في ديار بكر (جنوب شرق) تلتها شكاوى أخرى، فيما قال وزير العدل التركي بكر بوزداغ الجمعة: "تتواصل التحقيقات بشأن المباني المنهارة. سيتم تحديد المسؤولين واستدعاؤهم أمام القضاء".