أعلنت حكومة الانقلاب عن خطة لإزالة الأسواق العشوائية وإقامة أسواق حضارية آدمية نظيفة وصحية بدلا منها. وبالفعل قامت بإقامة عدة أسواق بمنحة فرنسية ، لكن لم تمض أسابيع على تشغيلها حتى تكشفت كوارثها واضطر الباعة إلى تركها واللجوء إلى البيع في الشوارع ، وأصبحت الأسواق الحضارية، التي تكلفت ملايين الجنيهات خاوية على عروشها بلا زبائن ولا بضائع ولا بائعين. مأوى للقطط في "الزاوية" سوق «الزاوية الحمراء الحضاري» بشارع جيهان، يعاني الشيخوخة رغم أن عمره لم يتجاوز 4 سنوات، حيث تم افتتاحه عام 2019 ويتضمن 209 «باكية» داخله لكن سرعان ما تحول السوق إلى خرابة تسكنها الأشباح والقطط الضالة والكلاب المسعورة . على باب السوق بائعة في الستين من العمر، قالت "السوق مش شغال والبائعين «طفشانين» بعد تراكم الإيجار عليهم بسبب عدم وجود زبائن داخل السوق ، ولم يعد يوجد بالسوق سوى أفراد الأمن وبائع واحد فراخ فقط". «أبو أحمد» – 43 عاما من سكان الزاوية هو بائع السوق الوحيد، ويبيع دواجن قال إنه "حصل على محل داخل السوق في شهر ديسمبر عام 2021، مقابل 575 جنيها إيجارا شهريا وبعد شهر واحد فوجئ بفرار جميع البائعين من السوق والعودة للبيع في الشوارع، ولم يعد في السوق غيري، وتحول السوق إلى بيت للرعب لا يقربه أحد خشية الكلاب الضالة التي تملأ جنبات السوق. وأضاف «أبو أحمد» لا أحد من مسئولي الحي يزور السوق وأنا نفسي أقابل رئيس الحي لأخبره بالحال الذي وصل إليه السوق ولكن لا أستطيع الوصول إليه . وتابع، أسدد الإيجار في مواعيدها منذ 13 شهرا، ولم يأتِ زبون واحد منذ عام كامل، وحاليا شغال دليفري بسبب عدم دخول المواطنين للسوق ، لأنه فعلا بيت رعب ولأن أصحاب المحلات بالسوق أغلقوا محالهم بسبب المديونيات التي تراكمت عليهم، لعدم وجود زبائن . وكشف أن سوق الزاوية الحمراء ليس به سوى عداد مياه واحد مسبوق الدفع يخدم مرافق السوق بالكامل بما فيها المراحيض، وغسيل الأرضيات، إضافة إلى عابرين يملأون المياه من حنفيات السوق، ولهذا سرعان ما ينتهي رصيد شحن عداد المياه، وعندها اضطر إلى شحن العداد على نفقتي الخاصة حتى أستطيع توفير مياه لذبح الدواجن وتنظيفها وبيعها «ديليفري» لمن يطلبها.
إهمال وفوضى في "القصيرين" مول «الزاوية الحمراء الحضاري» بمنطقة القصيرين، هو الأول من نوعه الذي يعمل بالطاقة الشمسية، ومزود بمنظومة مكافحة الحريق وأجهزة تستشعر الحرارة والأدخنة، ويضم 390 محلا تجاريا على مساحة 3782 مترا مربعا، ويتكون من ثلاثة طوابق، تكلف إنشاؤه 40 مليون جنيه، بتمويل من صندوق تطوير العشوائيات. محلات السوق مقسمة إلى 104 محلات تم تخصيصها بالمزاد العلني، و286 محلا للباعة الجائلين، منهم 111 خاصا بباعة الترجمان، و111 محلا خاصا بباعة العتبة، وهو سوق خاص ببيع الملابس فقط، ويعمل بالسوق ورديتان للأمن الصناعي وثلاث ورديات للأمن العام وكذلك عمال نظافة . ورغم ذلك توضح نرمين سيد، 20 عاما، من سكان الزاوية الحمراء، وتعمل في محل والدها بالسوق الحضاري، أن قيمة إيجار المحل داخل السوق يختلف من مكان لآخر. وقالت: "الإيجار يصل أحيانا إلى 1300 جنيه بالإضافة إلى 5 آلاف جنيه تأمين ، مشيرة إلى أن هناك سرا غامضا في السوق، فالبائع يصارع حتى يحصل على محل داخل السوق، وبعد الحصول عليه يقوم بتشغيله لمدة أسبوع ثم يغلق المحل للأبد مكتفيا بسداد الإيجار". وتابعت، أغلب أصحاب المحلات المغلقة يأملون في تشغيل السوق في المستقبل وأن يتم تغيير موظفي الإشغالات من قبل محافظة القاهرة ليعودوا للعمل داخل منافذهم بالسوق .
سوق صغير في "مدينة النور" سوق مدينة النور بالزاوية الحمراء، المخصص لبائعي الخضراوات والفاكهة واللحوم البيضاء والأسماك والبقالة وأدوات المطبخ الخفيفة، تكلف إنشاؤه 13.5 مليون جنيه، ويشتكي باعة السوق من صغر حجم «الباكية» مؤكدين أن من شيد السوق صب مواد خرسانية فوق كابل الكهرباء الذي يغذي منطقة الشرابية بالكامل . وقال إبراهيم محمد، 42 عاما، من سكان مدينة النور "أعمل في السوق منذ أكثر من 30 عاما وبعد تطويره تقدمت للحصول على «باكية» لبيع الخضراوات والفاكهة مقابل إيجار 500 جنيه شهريا ، وفوجئت بأن المساحة صغيرة جدا عكس المتوقع وبعد الحصول على مكان في السوق، انتقل البائعون إلى شارع «ترعة الدكر» المخصص لسير السيارات وحركة المواطنين فتحول الشارع إلى سوق عشوائي ، بينما ظل السوق شبه خال من الباعة والزبائن". وأضاف، تحدثنا كثيرا مع موظفي الإشغالات بالحي لرجوع الباعة وعودة حركة البيع مرة أخرى داخل سوق مدينة النور ، ولكن لم يستجب أحد من موظفي الحي، والسوق حاليا شبه خال فلا يوجد بداخله أكثر من 9 بائعين فقط، من أصل 133 بائعا وكل بائع منهم يقوم بتوزيع بضائعه على أكثر من 5 «باكيات» حتى لا يهرب الزبائن من السوق إذا وجدوه خاليا.
مأساة في "طلخا" «سويقة طلخا» بالزاوية الحمراء، كانت قبل التطوير مكانا سيئ السمعة وصارت بعد التطوير عنوانا للفوضى والإهمال. قبل التطوير كان سوقا لبيع الأسماك والدواجن والمخدرات أيضا، كما كان بؤرة تلوث تنبعث منها روائح كريهة بسبب تراكم القمامة ومخلفات الأسماك داخله. وظل السوق على هذا الحال المأساوي سنوات عديدة، حتى تم وضعه ضمن مشروعات التطوير بأموال منحة فرنسية، وبعدها تم رفع تلال القمامة وإزالة السوق العشوائي، وتحول المكان إلى سوق متطور حديث يضم 136 باكية بتكلفة تقارب 6.5 مليون جنيه ، لكن لم يمر أسبوع من افتتاح السوق حتى عادت الأمور إلى أسوأ ما كانت عليه قبل التطوير .
البيع خارج السوق في "طلخا" حول هذه المآسي قال أحمد محمد، 36 عاما بائع بسوق طلخا، إن "السوق متوفر به باكيات مخصصة لتجارة الأسماك والدواجن، لكن منذ افتتاح السوق لا يقترب أحد من الباكيات، حيث فر الباعة من السوق إلى شارع طلخا الرئيسي ، وعادوا إلى الصراع وسط الشارع لترويج الخضراوات والفاكهة واللحوم في منتصف الطريق، وبسب ذلك لا يستطيع أحد المرور في الشارع بسيارته وتحول السوق إلى سابق عهده، وأصبح رمزا للفوضى والسويقة العشوائية بسبب إهمال موظفي الإشغالات". وأضاف إبراهيم حسن 63 عاما صاحب محل تجاري بالمنطقة، أن شارع داير الناحية تحول من شارع مخصص لمرور أطفال المدارس بالمنطقة إلى مركز لتكدس البائعين، مما أصاب الشارع بشلل تام ولا يستطيع أحد أن يمنع البائعين من الوجود خارج السوق الذي أنفقت عليه المنحة الفرنسية ملايين الجنيهات ولكنه تحول إلى مخازن للروبابكيا وعربات الكارو والأخشاب المتهالكة وأصبح السوق بلا رقابة، رغم وجود أفراد أمن تابعين للحي، بينما لا يتوقف موظفو الإشغالات عن المرور بسياراتهم في الشوارع دون التصدي للبائعين في الشوارع أو رفع الإشغالات.