تتهم قطاعات كبيرة من الشعب المصري نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي بمحاباة رجال الأعمال وأبنائهم على حساب الغالبية الساحقة من الشعب المصري؛ وذلك في أعقاب حادث الشيخ زايد الذي أدت السرعة الجنونية لكريم نجل رجل الأعمال "محمد الهواري"، صاحب "هايبر وان" إلى مقتل 4 شباب بالقرب من نادي الأهلي بالشيخ زايد. وتصاعد الجدل المستمر منذ أيام، حين أعلن النائب العام عن تحويل كريم الهواري إلى محكمة الجنايات، بتهمة تعاطي مخدر الكوكايين والقتل الخطأ، والقبض على اثنين من محاميه الأربعة الثلاثاء 14 ديسمبر 2021م، أثناء انتحال شخصية وكلاء نيابة، ومحاولتهم طمس مقاطع الفيديو المصورة للحادث بإحدى الفلل المطلة على الموقع، وتوارد أنباء عن محاولة شراء أهالي الضحايا بأموال طائلة. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت كاشفة للرأي العام، انتقد كثير من النشطاء والمواطنين إجراءات التقاضي والفساد والمحسوبية، وذكّروا بحادث مماثل لنجل رجل الأعمال، المقرب أيضا للنظام، كامل أبو علي قبل عدة شهور، على طريق العين السخنة، حينما دهس مهندسة شابة وهو مخمور، وانتهت القضية ببراءته، بعد دفع مليون جنيه كتعويض لعائلة المهندسة الضحية. أحد المواطنين أشار إلى تأثير المال في تلك القضايا التي يكون المتهم فيها نجل أحد أصحاب النفوذ أو الثروة، حيث يتم الحكم عليهم بأقل الأضرار، ربما بسبب دفع تعويضات مالية لأقارب الضحايا كما جرى في حادثة نجل كامل أبو علي، لكن يتعين على الدولة حتى لو قبل أهالي الضحايا تعويضات مقابل التنازل أنتقوم بسحب رخص قيادة القتلة لأن التهم ثابتة ضدهم وذلك لحماية المجتمع من أضرارهم. من جانب آخر، أبدى البعض انتقادهم للتناول الإعلامي لحادثة الشيخ زايد؛ حيث تتم الإشارة إلى الجناة بالحروف الأولى من أسمائهم، على عكس ما يحدث مع الفقراء إذا اتهموا في قضايا مماثلة حيث يتم التشهير بهم وبأقاربهم. وانتقد آخر محاباة النيابة لنجل الهواري وكامل أبو علي من قبل، حيث تتشابه تقارير النيابة في الحالتين مجاملة لأبناء الأثرياء وكأن القاتلين توأمان لكن الفرق في نوعية الكوكايين الذي أثبته تقرير الإدارة المركزية للمعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي من عينان نجل الهواري إلى جانب الكحول الإيثيلي.
تعديل قانون القتل الخطأ في المقابل يرى آخرون أن المسألة لا تتعلق بمحابات النظام لأبناء أصحاب النفوذ والأثرياء بقدر ما ترتبط بنصوص قانون القتل الخطأ، الذي يتعين تعديله أولا حتى تكون هناك عقوبات مغلظة بشأن مثل هذه الحوادث. ويعاقب قانون العقوبات مرتكب جنحة القتل الخطأ بثلاثة طرق: * الأولى بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال كان الخطأ ناتج عن إهمال تسبب في موت شخص، * الثانية بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين في حال قيام الشخص بإخلال جسيم بمهام الوظيفة أو كان متعاطيًا للمخدرات. * الحالة الثالثة، والأكثر تغليظًا، فهي في حال نتج عن الخطأ وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، وتكون العقوبة في هذه الحالة السجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين، تزيد إلى 10 سنوات في حال اقترن الخطأ بتعاطي الجاني للمخدرات أو مخالفة مهام الوظيفة. هناك فريق يرى عدم ضرورة تعديل القانون لأن العقوبة الواردة متدرجة بدءا من الحبس ستة أشهر إلى السجن عشر سنوات، فالحكم في تلك القضايا يعود إلى تكييف القاضي للواقعة، لكن ما يتعين تعديله هو مواد قوانين أخرى، مثل قانون المرور، فضلًا عن إعادة النظر في فلسفة التأمين والتعويض، سواء على مستوى النصوص أو الإجراءات في المحاكم، خاصة مع تحديد شركات التأمين تعويض ضحية القتل الخطأ بما لا يزيد على 40 ألف جنيه.
حزمة جرائم الهواري ووفقا للمحامي طارق نجيدة، فإن إحالة النيابة المتهم في حادث «الشيخ زايد» إلى الجنايات يأتي إعمالًا لعدد من القوانين، منها مكافحة المخدرات والعقوبات والمرور وغيرها. وأوضح نجيدة أن حادث السيارة الذي تسبب في وفاة الشباب الأربعة هو جنحة قتل خطأ يحدد قانون العقوبات، في مادته رقم 238، ثلاثة عقوبات لها، وما ارتكبه الجاني من مخالفات أخرى؛ مثل تجاوز السرعة القانونية في القيادة وغيرها، هي جنح أخرى منصوص عليها في قانون المرور، أما حيازة المخدرات وتعاطيها فهي جناية منصوص عليها في قانون المخدرات، ووفقًا للقاعدة القضائية المتعارف عليها، ففي حال ارتكاب أكثر من تهمة تتنوع بين الجنحة والجناية، يحال المتهم إلى المحكمة الأعلى للفصل في كل التهم. بتفسيره سبب إحالة الحادث إلى الجنايات وليس الجنح، قال نجيدة إن المحكمة ستكيّف جميع الاتهامات وتبني قناعتها وفقًا للسيناريو الذي تتوصل إليه بشأن الحادث، مشيرًا إلى أن تهمة القتل الخطأ رغم أنها جنحة إلا أنها جنحة مشددة وقد تزيد عقوبتها عن عقوبة جناية حيازة المخدرات. ويؤكد أنه بعيدًا عن انفعالات المواطنين بسبب قسوة واقعة القتل الحالية، إلا أن القانون في النهاية ينطبق على جميع المواطنين، فلو كان هذا الجاني «شارب سيجارة حشيش وقتل حد وهو سايق»، يتعاقب بجنحة القتل الخطأ المغلظة لأنه ارتكب تلك التهمة تحت تأثير المخدر. ولو نفس الشخص تسبب في قتل اثنين خطأ بسبب تجاوز السرعة أو ارتكاب خطأ قيادة، فطالما لا يوجد تعمد في الحادث يعاقب بالعقوبة في درجتها الأولى، لكن لو تسبب متهم في وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، حتى إن لم يتعاطَ المخدرات، سيعاقب بعقوبة مشددة، لافتًا إلى أن الفيصل يعود إلى تكييف المحكمة للواقعة في ضوء التدرج الذي يحدده قانون العقوبات. كما شدد نجيدة على أن تلك العقوبات تطبق على آلاف الأشخاص المتسببين في حوادث الطرق، ولا يجب تعديلها تحت ضغط الانفعال بواقعة محددة. الرأي نفسه أيده المحاميان طارق عبد العال، ومحسن بهنسي، وفقا للتقرير الذي نشره موقع "مدى مصر"، غير أن بهنسي اقترح أن تضاف فقرة جديدة للمادة الخاصة بالقتل الخطأ في قانون العقوبات، تعاقب على السُكر البيّن، بحيث يكون كل من قاد سيارة تحت تأثير السُكر البيّن أو تعاطي المخدرات، وتسبب في حادث سير نتج عنه وفيات، مسؤولًا عن أفعاله، وتزيد عقوبته لتقترب من القتل العمد. إلى جانب التعديل في «العقوبات» اقترح بهنسي تعديل قانون المرور ليتضمن مصادرة رخصة القيادة لكل من يثبت تعاطيه المخدرات، واشتراط عدم تعاطي المخدرات لإصدار رخصة القيادة، لافتًا إلى أن المشرّع يتشدد مع سائق القطار ويتم فصله من عمله إذا ثبت تعاطيه المخدرات، وكذلك الحال بالنسبة لجميع العاملين بالدولة، ومن ثم فمن باب أولى، كما قال، معاقبة من يتسبب في قتل شخص بسبب «السواقة» تحت تأثير المخدرات.