كعادة نظام السيسي في تمويل المشاريع الاحتماعية ومشروعات خدمة الفقراء والفئات الخاصة من جيوب المصريين، وليس من موازنة الدولة أو من مخصصات مالية واضحة، يتجه نظام السيسي نحو استحداث صندوق جديد لخدمة كبار السن. الاتجاه محمود ومستحق لكبار السن؛ إلا أن خداع السيسي يكمن في التفاصيل، حيث سيتم تمويل الصندوق من جيوب المصريين وليس من موازنة الدولة. وليس أدل على مكر السيسي وخداعه وتدميره لحاضر ومستقبل المسنين من قوانين المعاشات المعمول بها والتي تحرمهم من أبسط حقوقهم؛ إذ يحرمهم من الزيادات الخمس المحكوم بها لصالح أصحاب المعاشات، كما يتوسع السيسي في إغلاق المصانع والشركات الكبرى، بما يلقي بكبار السن في الشارع وتحت أنياب الجوع والعوز. الأحد الماضي، وافق مجلس شيوخ العسكر على مشروع قانون حقوق المسنين المقدم من حكومة الانقلاب وإحالته إلى مجلس نواب العسكر لإقراره بصفة نهائية، والذي يفرض رسوما جديدة على العديد من الخدمات المقدمة للمواطنين بغرض تمويل "صندوق رعاية المسنين"، على غرار رسوم "صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة" و"صندوق تكريم ضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم"، وذلك عوضا عن تخصيص موارد مالية لها في بنود الموازنة العامة للدولة. ونص مشروع القانون على زيادة الرسوم المالية على عدد من الخدمات بقيمة خمسة جنيهات لصالح "صندوق رعاية المسنين"، من بينها رخص السلاح، والتذاكر المُباعة الخاصة بحضور المباريات الرياضية والمسرح والسينما، وتذاكر الحفلات والمهرجانات الغنائية، وتصاريح العمل للمصريين العاملين لدى جهات أجنبية، وعقود المقاولات والتوريدات الحكومية، وتراخيص إنشاء المباني، وطلبات حجز قطعة أرض أو وحدة سكنية من الأراضي أو الوحدات التي تتيحها الدولة بالمدن العمرانية الجديدة. ونص القانون على تبعية الصندوق لوزارة التضامن الاجتماعي، تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، ويجوز لمجلس إدارته إنشاء فروع أخرى له في المحافظات، بهدف تعزيز حقوق وحريات المسنين، وتنميتها، وحمايتها، وترسيخ قيم المساواة، وتكافؤ الفرص، وتقديم الدعم لهم في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية والتعليمية. ويعاقب القانون بالسجن، وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه، ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، كل من زور بطاقة المسن، أو استعملها مع علمه بالتزوير، وكل موظف عام غير بقصد التزوير في بطاقة المسن حال تحريرها المختص بوظيفته. وكذلك الحبس مدة لا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص مكلف برعاية المسن أهمل في القيام بواجباته نحوه، أو في اتخاذ ما يلزم للقيام بهذه الواجبات، أو تحصل لنفسه على المساعدة المالية المقررة للمسن. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين، وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مكلف برعاية المسن امتنع عمدا عن القيام بواجبات الرعاية أو استغل المسن، فإذا ترتب على أي مما سبق جرح أو إيذاء شخص المسن تكون العقوبة الحبس، وإذا نشأ عنه عاهة أو وفاة المسن تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على خمس سنوات. فيما لن ينص قانون حكومة السيسي المقترح على حماية المسنين من الاعتقال السياسي أو توفير الحماية والرعاية الصحية له في السجون ومراكز الاحتجاز التي يقتل فيها المئات بسب ظروف الاعتقال المزرية، كما لم يمنع القانون التعذيب عن السجناء كبار السن، أو يقدر ظروفهم الصحية بقضاء عقوبة السجن في منازلهم أو دور رعاية مناسبة لهم. كما خلا القانون المقترح من توفير خدمات المواصلات العامة المجانية أو دخول المستشفيات وتقديم الخدمات الصحية مجانا لهم أو تسهيل حصولهم على مستحقاتهم المالية من الدولة، فيما ركزت فلسفة القانون على تحميل الأفراد والمجتمع توفير الحقوق الشخصية والنفسية والمالية للمسنين ، بينما أُعفيت الحكومة بمؤسساتها من الأمر، وهو نهج انسحابي من الدولة.