عزل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ما لا يقل عن ثمانية من ضباط المخابرات العامة، واستبدل رئيس المخابرات العسكرية، ويأتي قرار البرهان بعد أسبوع من عقده اتفاقا لإعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي كان قد وُضع قيد الإقامة الجبرية في منزله في انقلاب وقع في 25 أكتوبر. ومن بين الضباط الذين تم تسريحهم، خمسة يشغلون مناصب عليا وكانوا موجودين منذ ما قبل إطاحة الرئيس عمر البشير في 2019، بحسب المصادر نفسها، وكانت مصادر رسمية أعلنت السبت أن برهان أقال رئيس جهاز الاستخبارات العامة. ولم يتضح على الفور تأثير هذه القرارات على ميزان القوى بعد عودة حمدوك، وقد أقال حمدوك اثنين من كبار مسئولي الشرطة في البلاد يوم السبت في أعقاب أعمال العنف ضد المتظاهرين المناهضين للجيش في الأسابيع الأخيرة. وقبل الانقلاب، كان الجيش يتقاسم السلطة مع الجماعات المدنية التي شاركت في انتفاضة ضد البشير، وقد عارض الكثيرون في هذه الجماعات الاتفاق بين برهان وحمدوك، قائلين إنهم "يريدون أن يخرج الجيش من السياسة". وكان أحد شروط الاتفاق هو الإفراج عن السجناء السياسيين الذين اعتُقلوا منذ الانقلاب، وقد أُطلق سراح بعضهم، بينما لا يزال آخرون رهن الاحتجاز. وطالبت الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج ، التى تقود السياسة الخارجية الغربية بشأن السودان ، بإطلاق سراح جميع الذين سُجنوا بسبب معتقداتهم السياسية في جميع أنحاء السودان. وأضاف البيان إنها "خطوات ضرورية لإعادة بناء الثقة وإعادة السودان إلى طريق الحرية والديمقراطية".
اتفاق حمدوك والبرهان أعلن الجيش السوداني عن اتفاق لإعادة عبد الله حمدوك إلى منصب رئيس الوزراء بعد أقل من شهر فقط من حل حكومته في انقلاب. ويواجه الاتفاق معارضة من المتظاهرين الذين رأوا في السابق أن حمدوك رمز للمقاومة للحكم العسكري لكنهم اعتبروا توقيعه على الاتفاق خيانة. وينص الاتفاق الموقع مؤخرا على أن حمدوك سيقود حكومة تكنوقراط خلال عملية انتقال سياسي من المتوقع أن تستمر حتى 2023 وأنه سيتم الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين. ومن المفترض أن يستند هذا الاتفاق إلى اتفاق سابق أُبرم بين القوات العسكرية والقوى السياسية المدنية في أعقاب الإطاحة بعمر البشير في عام 2019، والذي وافقت بموجبه على تقاسم السلطة إلى حين إجراء الانتخابات ولو أن الانقلاب أوقف هذه الشراكة. وينص على التحقيق في الخسائر خلال المظاهرات الأخيرة واستكمال عملية السلام التى وقعتها بعض الجماعات المتمردة السودانية في جوبا العام الماضي. ويقول الجيش إن "استلامه السلطة كان تصحيحا لتجاوز الاقتتال السياسي الداخلي، وأن الانتقال نحو الانتخابات يمكن أن يستمر الآن". ويقول المعارضون إن "الاتفاق يوفر الغطاء القانوني للانقلاب ويسمح للجيش بتعزيز موقفه من خلال استبدال الديمقراطيين بالموالين في مواقع السلطة، وبالتالي تقويض العملية الانتقالية وأهداف انتفاضة عام 2019 التي أطاحت بالبشير". وكان ترتيب تقاسم السلطة في السودان قد خضع لضغوط متزايدة مع ضغط المدنيين من أجل إصلاح الجيش، وتحقيق العدالة للمحتجين الذين قُتلوا في 2019، وتسليم البشير وغيره من المطلوبين على خلفية الجرائم في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية. واتهم الجيش الفصائل السياسية بالتحريض ضد الجيش، في حين قالت جماعات مدنية إن "الجيش كان يناور للسيطرة على السلطة، وفي 25 أكتوبر، قام البرهان بذلك واعتقل أبرز منتقديها ووضع حمدوك قيد الإقامة الجبرية". وقد أدان المجتمع الدولى الانقلاب وبدأت الجماعات المؤيدة للديمقراطية في السودان حملة من التجمعات الجماهيرية والعصيان المدني وسعت جهود الوساطة المحلية المدعومة من الأممالمتحدة إلى العودة إلى تقاسم السلطة مع تحرك الجيش لتعزيز موقفه.
مقدار الدعم الذي حظي به الاتفاق وقال حمدوك، الذي قاوم الضغط العسكري لحل حكومته قبل الانقلاب مباشرة، إنه "وقع على الاتفاق من أجل منع إراقة المزيد من الدماء بعد حملة أسفرت عن مقتل عشرات المتظاهرين". يحظى الجيش بدعم بعض الفصائل المتمردة السابقة التي وقعت اتفاق جوبا للسلام، كما يحظى بدعم زعماء اجتماعيين بارزين في عهد البشير، ورحبت الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والدول الغربية بحذر بالاتفاق. بيد أن الائتلاف السياسي لقوى الحرية والتغيير الذي كان يتقاسم السلطة مع الجيش، وكذلك النشطاء المؤيدين للديمقراطية الذين قادوا الاحتجاجات منذ انتفاضة 2019، قد رفضوه. فبسبب غضبهم من الانقلاب والوفيات في صفوف المتظاهرين، يطالبون بخروج الجيش من السياسة ومحاسبته أمام المحاكم، ما يثير احتمال استمرار المظاهرات.
أهمية الاتفاق سيحدد مصير الاتفاق ميزان القوى في السودان، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 46 مليون نسمة والذي كانت الانتفاضات الشعبية فيه سببا للخروج من عقود من الاستبداد والصراع الداخلي والعزلة الاقتصادية في عهد البشير. فقد نجحت حكومة حمدوك في تأمين الاتفاق على تخفيف أكثر من 56 مليار دولار من الديون الخارجية وهي الخطوة التي ألقى الانقلاب بظلال من الشك عليها، فقد نفذت إصلاحات اقتصادية مؤلمة قالت إنها "بدأت تؤتي ثمارها على خلفية النقص وانتشار الفقر". كما وافقت على اتخاذ خطوات لإتباع الدول العربية الأخرى في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وسيكون لمسار السودان تأثير على منطقة مضطربة متاخمة للساحل والبحر الأحمر والقرن الأفريقي حيث تتنافس القوى الدولية على النفوذ، يذكر أن الصراع في منطقة تيجراي الإثيوبية أرسل عشرات الآلاف من اللاجئين إلى السودان منذ عام واحد وتجدد التوترات حول الأراضي الزراعية على حدود الدول المجاورة المُتنازع عليها.