كشفت مواقع إسرائيلية، الأربعاء 20 أكتوبر 2021م، أن إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن بحثت في سبتمبر 2021م مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسألة انضمن السعودية إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي. وبحسب موقعي "معاريف ووالاه" العبريين نقلا عن مصادر أمريكية وعربية فقد بحث مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مسألة تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد لقائه إياه في 27 سبتمبر الماضي، في أثناء زيارة سوليفان للملكة السعودية. وأبدى ولي العهد السعودي ترحيبه بالأمر ولم يبد أي اعتراض أو تحفظات لكنه طالب فقط بمنحه مزيدا من الوقت لإتمام الأمر. كذلك سلّم مستشار الأمن القومي الأميركي قائمة بجملة من الخطوات ينبغي القيام بها قبل ذلك، ومن بينها تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية. ويحظى ملف التطبيع السعودي باهتمام واسع من جانب مؤسسات الحكم بدولة الاحتلال باعتبارها إحدى أكبر الدول الإسلامية وقبلة المسلمين لإدارتها للحرمين الشريفين في مكة والمدنية، وترى أجهزة الاحتلال أن دخول السعودية في حظيرة التطبيع كفيل بدفع دول عربية وإسلامية أخرى للانضمام. لا يمكن فهم خفايا العلاقات السرية بين الرياض وتل أبيب التي تمتد لعشرات السنين إلا من خلال الإشارة إلى الفيلم الوثائقي الذي أعدته شبكة "بي بي إس" الأمريكية والذي تم بثه في سبتمبر2019م، ضمن برنامج "فرونت لاين، والذي كشف أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تعهّد للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، خلال زيارته للرياض في مايو 2017، بالاعتراف بإسرائيل وتطبيع التجارة معها إذا ساعدت الولاياتالمتحدة بلاده في "هزيمة إيران والسيطرة على الشرق الأوسط". وقال مارتن سميث، مقدم الحلقة، التي حملت عنوان "ولي العهد"، إن بن سلمان أراد من ترامب أن يضمن مساعدة الولاياتالمتحدة في هزيمة إيران، ودعم طموحاته في أن يصبح اللاعب الرئيسي في الشرق الأوسط. وفي مقابل ذلك، تعهد بن سلمان بمساعدة ترامب وصهره، جاريد كوشنر، في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو التعهد الذي أصبح لاحقًا نواة خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلاميًّا باسم "صفقة القرن". وعرض الفيلم الوثائفي حديث المحلل العسكري في صحيفة "واشنطن بوست"، دافيد أغناتيوس، الذي اقتبس من بن سلمان قوله: "أرى شرقًا أوسطَ تكون إسرائيل جزءًا منه… أنا مستعد للاعتراف بها وإقامة علاقات تجارية معها"، مضيفًا أن بن سلمان "أغرى" الإدارة الأميركية، وأصبح محور الخطة التي يواصل كوشنر الترويج لها. يتفق مع ما توصل إليه الفيلم الوثائقي الأمريكي، التسريبات التي نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" حول خفايا وأسرار القمة العربية الأمريكية الشهيرة بالرياض في مايو 2017م، والتأكيد على أن إدارة ترامب تلقت إشارات مهمة من جانب السعودية حول استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع "إسرائيل" من دون شروط . كما انه لأول مرة في تاريخ المملكة تتجه طائرة مباشرة من الرياض إلى تل أبيب وهي طائرة الرئيس الأمريكي في إشارة لا تخفى دلالتها على تدشين عهد جديد بعد هذه القمة المشبوهة التي أعقبها مباشرة إعلان الحصار على الشقيقة قطر. وفي أعقاب اتفاق التطبيع الإماراتي في 2020م، دافع رئيس المخابرات السعودية السابق تركي الفيصل في مقال له عن هذا الاتفاق الإماراتي مع الكيان الصهيوني، وشن هجوما على كل من قطر وتركيا وإيران لوصفها اتفاق التطبيع الإماراتي بالخيانة للقضية الفلسطينية. وهو ما اعتبره محللون ومراقبون دفاعا عن تطبيع سعودي محتمل في المستقبل لكن السعوديين يخشون من وصمهم بالخيانة على غرار ما يجري حاليا مع الإمارات. وفي 2016 كشف الأمير الوليد بن طلال عن موقفه من الكيان الصهيوني بشكل واضح، حيث قال في تصريحات له "أفخر بأن أكون أول سفير سعودي ل"إسرائيل" لأجل العمل مع تل أبيب"، كما يعد أحد أكبر المساهمين في شركة "ديزني" أكبر الشركات العالمية في مجال الترفيه والسينما والرسوم المتحركة، التي تبنت قبل سنوات حملة للترويج من أجل جعل القدس عاصمة أبدية ل"إسرائيل"، كما أن إنتاجها لا يخلو في معظمه من التعريض بالعرب والمسلمين وقيمهم أو الترويج لكل ما هو صهيوني، وكالعادة يسيطر اليهود على الشركة تمامًا. وأبدى ولي العهد السعودي مواقف صادمة للعرب والمسلمين جميعا حول القضية الفلسطينية؛ وذلك في حواره مع مجلة "ذي إتلانتك" الأمريكية في إبريل 2018م، حيث اعتبر "فلسطينالمحتلة" وطنا للصهاينة لهم الحق في العيش فيه بسلام على أرضهم!. وذلك أثناء المقابلة الصحفية التي أجراها معه جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير أتلانتك. الصدمة في هذه التصريحات أنها وضعت الصهاينة المحتلين على قدم المساواة مع الفلسطينيين أصحاب الحق والوطن في المطالبة بالأرض واعتبارها وطنا لهم؛ وهو أمر غير مسبوق لم تتضمنه تصريحات أي من كبار المسؤولين السعوديين من قبل، كما لم تأت أي من تلك التصريحات على مدار السنوات الماضية من ذكر أي "حق" للإسرائيليين منذ بدأت السعودية في تولي الدور الأكبر في رعاية مبادرة السلام العربية في 2002، والتي تتبنى حل الدولتين لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وهي التصريحات التي أطلقت حالة احتفالية في (إسرائيل)، وصلت إلى حد وصف كلام ولي العهد السعودي بأنه "وعد بلفور جديد"، وهو فعلياً يرتقي إلى هذا المستوى، طالما أنه تم الإقرار بأن فلسطين هي أرض أجداد اليهود. وزاد بن سلمان على ذلك في تصريحاته للمجلة الأمريكية بإصدار فتوى بأنه لا مانع دينيا من وجود "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية، وأنه لا يمانع من إقامة علاقات تجارية اقتصادية ومصالح مشتركة مع الاحتلال بشرط أن يكون ذلك في سياق حل القضية الفلسطينية ضمن اتفاق سلام لم يحدد حدوده وأبعاده هذه التصريحات الصادمة دفعت شبكة (BBC) إلى اعتبارها تمهيدا ل«صفقة القرن» حتى خرجت "الصفقة" للعلن ولاقت من بن سلمان ونظامه ترحيبا كبيرا، قبل أن تخبو مع رحيل ترامب، ولكن يبدو أن إدارة بايدن تستأنف الصفقة من جديد من خلال العمل على اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي محتمل خلال الفترة المقبلة.