مع ارتفاع الأسعار وموجات الغلاء التي لا تتوقف ومسلسل الاستنزاف المتواصل من خلال فرض الرسوم والضرائب وتجريد المواطنين من حقوقهم وتزايد أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 60 مليون مواطن بحسب بيانات البنك الدولي انتشرت الجرائم ومع التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا ساد الانفلات الأمني والأخلاقي والفوضى الشوارع المصرية؛ بسبب تجاهل نظام الانقلاب وإهماله لدوره في حماية المواطنين وتأمينهم وتفرغه لحماية قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي وملاحقة المعارضين والرافضين لانقلابه الدموي. وتعد الجرائم الأسرية من أخطر الجرائم التي يشهدها المجتمع المصري بكثرة في زمن الانقلاب، حيث وصلت هذه الجرائم الى معدلات غير مسبوقة في التاريخ المصري وأصبح الزوج يقتل زوجته والأخ يقتل أخاه بل ويقتل الابن أباه وأمه، ويعد الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية وتراجع الدخول وتسريح العاملين والموظفين من أعمالهم وتوقف الكثير من الأنشطة وإغلاق الشركات والمصانع وتصفيتها من أهم الأسباب التي تؤدي إلى استفحال هذه الجرائم.
اضطرابات نفسية الانهيار الاقتصادي وتدهور الأوضاع الاجتماعية واستفحال الفقر والتسول في عهد الانقلاب، حول حياة المصريين إلى جحيم وأوجد حالة من الاحتقان غير مسبوقة. هذه الأوضاع حذرت من خطورتها على مستقبل البلاد الأمانة العامة للصحة النفسية، والتي كشفت في نتائج مسح قومي للصحة النفسية كانت قد أجرته مؤخرا عن انتشار الاضطرابات النفسية بمصر بصورة لم تشهدها البلاد في كل عصورها السابقة. وقالت الأمانة إنها "أجرت دراسة على عينة تقديرية بلغت 22ألف أسرة، موزعة على المحافظات الحضرية، بنسبة 45٪،والريفية بنسبة 55٪،وذلك بالتناسب مع حجم الأسر في المحافظة". وأكدت الدراسة، أن "معدل انتشار الاضطرابات النفسية، في المناطق الريفية، أعلى منها في المناطق الحضرية، وهو ما أظهر الحاجة لتوجيه تخطيط الخدمات النفسية إلى المناطق الريفية مطالبة بضرورة حل المشكلات العاجلة والتركيز على الأساسيات والضروريات التي يحتاجها المواطن وأسرته في حياتهم اليومية، بدلا من المشروعات الفنكوشية والإنجازات الوهمية التي تتغنى بها أبواق الانقلاب.
مواجهة الحقائق حول هذه الأوضاع طالب أحمد حجاج، أخصائي نفسي، بضرورة مواجهة هذه الحقائق والعمل على التخفيف من التداعيات السلبية التي يعاني منها الشعب المصري". وقال حجاج في تصريحات صحفية إن "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشف عن جانب من هذه الكوارث حينما أعلن عن تراجع معدلات الزواج بين المصريين، مطلع العام الجاري ،حيث بلغ عدد عقود الزواج 66.7 ألف عقد زواج، خلال فبراير الماضي، مقابل 69.4 ألف عقد زواج، خلال الشهر المناظر من العام السابق عليه، بنسبة انخفاض 3.9٪ خلال عام، كما شهدت مصر 218ألف حالة طلاق عام 2020،مقابل 225ألف حالة عام 2019،و201 ألف في 2018". وأشار إلى أن "تراجع معدلات الزواج وتزايد حالات الطلاق يؤكد حالة الانهيار الاقتصادي التي يعاني منها الجميع والتي تسببت أيضا في حدوث مثل هذه الجرائم الغريبة والشاذة".
أسباب اقتصادية وقالت الدكتور عزة صيام أستاذ علم النفس بكلية الآداب ببنها إن "حوادث قتل الزوجات لأزواجهن أو العكس وكذلك الأقارب والأشقاء والأبناء والآباء والأمهات ربما ترجع إلى أسباب اقتصاية أو نفسية؛ نتيجة الظروف الاقتصادية التي يمر بها كل المواطنين في حياتهم ولا يستطيعون مواجهة هذه الظروف الصعبة فيضطر طرف إلى التخلص من الطرف الآخر بعد نشوب مشادات ومشاجرات كثيرة بينهم وأحيانا بدون أي مشاجرات". وأضافت عزة صيام في تصريحات صحفية أن "البيئات الاقتصادية تؤثر في حياة الأزواج والأسر؛ بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة علاوة على بعض الحوادث التي تقع بسبب الخيانة الزوجية أو شك طرف في الآخر". وأرجعت ذلك إلى "غياب الوازع الديني لدى الطرفين، متسائلة إذا كان أحد الطرفين لا يستطيع أن يتكيف مع الآخر فلماذا لا يتم الانفصال بينهما في هدوء بعيدا عن القتل والسجن وتشريد الأسرة ؟ ويكون الضحايا في النهاية هم الأطفال".
العقل المجنون وقال الدكتور جمال فرويز الخبير النفسي إن "الانحدار الثقافي والأخلاقي مُحرّك رئيسي لتلك الجرائم الأسرية مشيرا إلى أنه على سبيل المثال فإن العاطفة عند النساء هي المحرك الأساسي لارتكاب جرائم القتل، فحب المرأة الشديد لأحد الأشخاص يدفعها إلى قتل زوجها وكلما زاد عشقها لذلك الشخص زاد الانتقام من زوجها". وأوضح فرويز في تصريحات صحفية أن "الذين يرتكبون تلك الجرائم يعانون من شخصية سيكوباتية مضطربة يؤدي بها الأمر إلى ارتكاب أبشع الجرائم وصولا إلى القتل، إلى جانب الطمع في أمور الحياة والتي تنتهي بتلك الجرائم من قبل النساء". وأشار إلى أنه "بالنسبة لجرائم قتل الزوجة زوجها، فإنه حال ما إذا كان للزوجة تاريخ مرضي مع المواد المخدرة أو سوابق جنائية، فيكون التفسير هنا أنها مضطربة وتحت ضغط شديد، أما إن كانت المرة الأولى التي تتعرض فيها لهذا الموقف، فإنها تكون أجرت عملية «تفريغ» نتيجة ما تعرضت له". وأضاف فرويز أن "الزوجة تكون تحت تأثير الدم، وذلك بعد وصولها لأقصى مراحل السعرات الانتقامية، حيث تزيد حدة وعدد ضربات قلبها تحت تأثير الدم، بعد رؤيته يسيل أمامها، وتكون في هذه اللحظة، مسؤولة عن تصرفاتها، وتدخل مرحلة تُسمى «العقل المجنون اللحظي»". ولفت إلى أن "ما ينطبق على الزوجات والأزواج ينطبق أيضا على الأشقاء والأبناء والآباء والأمهات فكل هذه الجرائم تنطلق وتحدث بدافع من العقل المجنون اللحظي وعدم التفكير والتريث بجانب عدم قيام المجتمع بدوره وهو الأساس في كل الجرائم".