نشر الادعاء العام التركي، أمس، لائحة الاتهام الكاملة للمتهمين بتخطيط وتنفيذ عملية قتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018. وتضمنت لائحة الاتهام صورا جديدة ل"خاشقجي"، تُنشر لأول مرة، كما تتضمن إفادات موظفي القنصلية السعودية في إسطنبول الذين جرى التحقيق معهم. وضمَّت اللائحة صور جوازات سفر المتهمين، وبعضها دبلوماسي، بالإضافة إلى أرقام هواتفهم التي استخدمت يوم الجريمة. وبحسب فضائية "الجزيرة"، فإنّ اللائحة تضم أيضًا معلومات عن الاتصالات التي أجراها فريق اغتيال "خاشقجي" قبل الجريمة وبعدها، إلى جانب إفادات الموظفين الأتراك التي تشير إلى أنه طُلب منهم عدم الصعود لطابق القنصل السعودي قطعيًا. وذكرت لائحة الادعاء العام التركي أن حاسوب "خاشقجي" احتوى على صور رسائل تهديد له، وصور تغريداتٍ تنال منه وتهدده. كما تضمن الحاسوب مسودة مقالات تنتظر النشر عن خطر الذباب الإلكتروني، ومقالات بخصوص الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة في السعودية. وبحسب المراسل، فإن سائقا بالقنصلية أفاد بأنه جُمع الموظفون بغرفة، وأغلق عليهم، وهو ما لم يحدث منذ عشرين عاما من عمله. في حين أكد سائق آخر بالقنصلية أنه تلقى أوامر متضاربة بالتوجه لأماكن، وكان يتم العدول عنها بعد دقائق. وصرحت موظفة بمنزل القنصل بأنه طُلب من الخدم عدم القدوم بسبب إصلاحات، وبعدها اكتشف العمال عدم إجراء أي تعديل. وقال طباخ بمنزل القنصل السعودي: إنه طُلب منه ليلة الجريمة عدم القدوم للمنزل، ويوم الجريمة تم تمديد المدة أسبوعا. وكانت النيابة العامة التركية قد وجهت، في 25 مارس الماضي، تهمة القتل العمد "بشكل وحشي" وعن سبق إصرار وترصد ل20 متهما في قضية "خاشقجي"، متهمة كلا من "سعود القحطاني" مستشار ولي العهد السعودي، و"أحمد عسيري" النائب السابق لمدير المخابرات، بالتخطيط والوقوف وراء جريمة الاغتيال. 117 صفحة وتم الكشف عن تفاصيل لائحة الاتهام المكونة من 117 صفحة، والتي أعدها مكتب المدعي العام في إسطنبول، حيث طالبت اللائحة بالسجن المؤبد المشدد ل20 مشتبها فيهم، بمن فيهم "القحطاني" و"عسيري". وبحسب لائحة الاتهام، فإن جميع الدلائل تشير إلى أن التعليمات قد صدرت إلى فريق الاغتيال من جهة عليا، يرجح أنها ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان". ولفتت النيابة إلى أنه جرى إصدار مذكرة بحث حمراء بحق الأشخاص ال20، وأن الشرطة الدولية (إنتربول) والسلطات السعودية أُبلغتا بطلب تسليمهم إلى تركيا. ومن بين المتهمين "ماهر عبد العزيز المطرب" المرافق الشخصي لولي العهد السعودي، والطبيب الشرعي السعودي "صلاح الطبيقي" المتهم بتقطيع جثة "خاشقجي"، إضافة إلى "منصور أبو حسين" الذي لعب دور المنسق بين فرق الاغتيال التي قدم عناصرها تباعا من السعودية. وقتل "جمال خاشقجي" يوم 2 أكتوبر 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وباتت قضية اغتياله إحدى أبرز القضايا الحقوقية والسياسية تداولا على الصعيد الدولي منذ ذلك الحين. وعقب 18 يوما من الإنكار، قدمت خلالها الرياض تفسيرات متضاربة للحادث، أعلنت مقتل "خاشقجي" إثر "شجار مع سعوديين" وتوقيف 18 مواطنا في إطار التحقيقات، دون الكشف عن مكان الجثة. وفي ديسمبر الماضي، أصدرت محكمة سعودية حكما بإعدام 5 وسجن 3 في جريمة القتل، لكن ممثل الادعاء السعودي قال إنه لا توجد أي أدلة تربط بين "القحطاني" و"عسيري" وجريمة القتل. ويأتي إعلان النيابة التركية، اليوم، ليحكم الحبل حول رقاب ولي العهد السعودي الذي يواصل سياساته القاتلة ضد الجميع في الداخل وفي الخارج، وكان آخرهم السعودي الحويطي، الذي قتله الأمن السعودي مؤخرا بعد رفضه قرار محمد بن سلمان بتهجير قبيلة الحويطات بشمال غرب السعودية، من أجل إطلاق مشروع نيوم السياحي. قهر الأسرة الحاكمة وفي سياق القهر والقمع الوحشي الذي يعتمده النظام السعودي، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن 3 مصادر بالعائلة الحاكمة بالسعودية، أن سلطات المملكة اعتقلت الشهر الماضي الأمير "فيصل بن عبدالله" الرئيس السابق لهيئة الهلال الأحمر بالبلاد، بذريعة إصابته بفيروس "كورونا" المستجد "كوفيد-19". وذكرت الصحيفة الأمريكية، وفقا للمصادر السابقة، أن احتجاز الأمير "فيصل" جاء بدون أن يكون لدى أسرته أي تفسير عن سبب تلك الخطوة من قبل حكومة المملكة أو حتى مكان احتجاز الأمير. وأشارت الصحيفة إلى أن خطوة احتجاز الأمير "فيصل" تتزامن مع تأكد أنباء اعتقال الأميرة "بسمة بنت سعود" هذا الأسبوع بعد اختفائها منذ مارس الماضي. ولفتت إلى أن ما قامت به السلطات السعودية بحق كل من "فيصل" و"بسمة" يأتي في إطار حملة اعتقالات متزايدة وغير مسبوقة في صفوف أفراد العائلة المالكة بدأت منذ صعود الأمير "محمد بن سلمان" لمنصب ولي العهد. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن اللافت في خطوة اعتقال الأمير "فيصل"، والأميرة "بسمة" أنهما ليسا من أصحاب القوة والنفوذ، ولا يمثلان أي تهديد فيما يتعلق بمساعي ولي العهد لتولي العرش في مرحلة مقبلة. وأضافت الصحيفة أن هذا الأمر أثار حيرة الخبراء السعوديين، ومن بينهم الأستاذ الزائرة بكلية لندن للاقتصاد "مضاوي الرشيد". وعقّبت "الرشيد" قائلة: "ليس لدي أدنى فكرة لماذا يتم اعتقالهم". وأوضحت "نيويورك تايمز" أنه في عام 2017 جرى حبس ما لا يقل عن 11 أميرا في فندق ريتز كارلتون واتهموا بارتكاب جرائم تتعلق بالفساد والاكتساب غير المشروع، مشيرة إلى أن واحدا من بينهم على الأقل هو الأمير "تركي بن عبدالله" لايزال رهن الاعتقال. ولفتت إلى أن ولي العهد وضع أيضا ولي العهد السابق الأمير "محمد بن نايف"، قيد الإقامة الجبرية قبل أن يقدم على اعتقاله الشهر الماضي إلى جانب عمه الأمير "أحمد بن عبد العزيز". ونوهت الصحيفة إلى أن كل الأمراء السابقين شغلوا مناصب قوية كرؤساء للأجهزة الأمنية أو بصفتهم حكام مناطق، ما دفع المحللين إلى استنتاج أن ولي العهد احتجزهم لتحييد التهديدات المحتملة لموقفه الساعي للجلوس على العرش. وذكرت الصحيفة أن الأميرة "بسمة"، والأمير "فيصل"، لم يكن لهما على الاطلاق قوة أو نفوذ كبير. ونقلت الصحيفة عن "مضاوي الرشيد" قولها: إن الاعتقالات السابقة لأفراد العائلة المالكة كانت تتم بوضعهم تحت الإقامة الجبرية داخل فيلاتهم، ولا يسمح لهم بالدخول أو الخروج، ولكن خطوة إيداع الأميرة "بسمة" في سجن الحائر (سجن سيئ السمعة للمجرمين والجهاديين بالقرب من الرياض) مع ابنتها تعد خطوة غير مسبوقة، بل متطرفة. وقالت الصحيفة، إن الأمير "فيصل" في منتصف الأربعينيات من العمر، كان رئيسا للهلال الأحمر السعودي في عهد والده الملك "عبد الله" الذي توفي عام 2015، لكنه لم يفعل شيئا يذكر لكي يتم اعتقاله. ونقلت عن أحد مساعديه أن الأمير "فيصل" اعتقل لفترة وجيزة في فندق رتيز كارلتون في 2017 وسلم بعض ممتلكاته، موضحا أن الأمير كان يعيش بهدوء من ثروته المتبقية منذ ذلك الحين. كما صرح اثنان من المقربين من الأمير "فيصل" للصحيفة الأمريكية بأن اثنين من ضباط الأمن جاءا إلى منزله بالقرب من الرياض، واتهموه بأنه مصاب بفيروس "كورونا"، في المقابل نفى الأمير إصابته بالوباء، وقال إنه على أي حال يعيش في عزلة. ونقلت الصحيفة عن شخص ثالث مقرب من الأمير قوله: إنه بعد ذلك تم القبض عليه ولا تعرف أسرته أي تفاصيل عنه منذ ذلك الحين، ولا تعرف سبب أو مكان احتجازه.