عاشت مصر اليوم جمعة حزينة؛ حيث أغلق نظام الانقلاب المساجد: وألغى صلاة الجمعة، وهدد الأئمة والخطباء بالويل والثبور وعظائم الأمور في حالة مخالفة أوامره بزعم مواجهة وباء كورونا. المصلون تجولوا في الشوارع بحثا عن مسجد تقام فيه صلاة الجمعة، وقال البعض: إن هناك مجموعات أقامت صلاة الجمعة في الخفاء وبدون مكبرات صوت، إلا أن أغلبية المواطنين عادوا إلى منازلهم يجرون ذيول الحزن على صلاة الجمعة التي لم تتم إقامتها للمرة الأولى. احتواء الغضب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في محاولة لاحتواء غضب السيسي عليه قرر إيقاف صلاة الجماعة والجمعة مؤقتا بالجامع الأزهر، حرصا على سلامة المصلين ولمدة أسبوعين، أو لحين وقف انتشار الوباء، انطلاقا من القاعدة الشرعية “صحة الأبدان مقدمة على صحة العبادات”. واستندت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في مشروعيَّة تعطيل صلاة الجمعة والجماعات وإيقافهما؛ تلافيًا لانتشار الوباء: على ما روي في الصحيحين: “أن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قال لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلاَ تَقُلْ حَيّ عَلَى الصَّلاَةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ، فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحَضِ”. وقالت الهيئة إن الحديث دل على الأمر بترك الجماعات تفاديًا للمشقة الحاصلة بسبب المطر، ولا شك أن خطر الفيروس أعظم من مشقَّة الذهاب للصلاة مع المطر، فالترخُّص بترك صلاة الجمعة في المساجد عند حلول الوباء، ووقوعه أمر شرعي ومُسلَّم به عقلًا وفقهًا، والبديل الشرعي عنها أربع ركعات ظهرًا في البيوت، أو في أي مكان غير مزدحم، بحسب فتوى الهيئة. واشارت إلى أن الخوف الآن حاصلٌ بسبب سرعة انتشار الفيروس، وقوَّة فتكه، وعدم الوصول إلى علاج ناجع ومن ثَمَّ فالمسلمُ معذورٌ في التخلُّف عن الجمعة أو الجماعة وفق الهيئة. وخلصت هيئة كبار العلماء بالأزهر إلى القول بأنه يجوز شرعًا لدولة العسكر متى رأت أن التجمُّع لأداء صلاة الجمعة أو الجماعة سوف يُؤدِّي إلى انتشار هذا الفيروس الخطير أن تُوقفهما مؤقتًا. تحقيق المصالح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أفتى بأن المقصد العام من تشريع الأحكام الشرعية هو تحقيق مصالح الناس في العاجل والآجل معا. وقال إنه إذا كان حضور الجمع والجماعات من شعائر الإسلام الظاهرة، فإن تحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم أساس إرسال الرسل وتشريع الأحكام التي أرسلوا بها؛ مما يعني أنها مقدمة على تلك الشعائر، بحسب المجمع. وأضاف: برغم كون الجمعة فرضا من الفروض وصلاة الجماعة سنة مؤكدة على القول الراجح فإن هناك أعذارا تمنع من حضورهما دفعا للضرر الناشيء عن التجمع عن قرب في مكان واحد، و من هذه الأعذار: المرض، فقد روى مسلم بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ”. وروى البخاري من حديث أبي هريرة قوله صلى الله عليه و سلم: “وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَد”، وروى الشيخان من حديث أبي هريرة قوله صلى الله عليه و سلم: “لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ”. وفى محاولة للتطبيل للسيسي أشار المجمع الى أنه إذا ما قرر ولي الأمر خطورة تجمع الناس في مكان واحد سواء كان ذلك المساجد أوغيرها، و أن هذا التجمع يزيد من انتشار الفيروس، فمنعهم من هذا التجمع، وكان ذلك بناء على توصيات أهل العلم في هذا الشأن، فإنه يجب على الجميع الالتزام بهذا الحظر وعدم التجمع حتى و لو كان ذلك لصلاة الجمعة والجماعات، زاعما ان هذا تعطيل أو تعليق مؤقت و ليس فرضاً لأمر دائم، وهو مبني على توصيات أهل الشأن والذكر امتثالا لقوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. كما زعم المجمع أنه لا يحل لأحد مخالفة هذا القرار سواء كان ذلك بحضور عدد قليل إلى داخل المسجد وإغلاقه عليهم ثم يصلون الجمعة أو الجماعات، أو الصلاة أمام المسجد، أو الصلاة في الساحات أو على أسطح البنايات، و ذلك لما سبق من أحاديث نبوية، و للقواعد الفقهية التالية: – الضرر يزال. – لا ضرر ولا ضرار. – تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة. – درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. – إذا تعارضت مفسدتان رُوعي أعظمُهما ضررًا بارتكاب أخفهما. وادعى المجمع أنه على ذلك إذا أصدرت السلطات المختصة قرارًا بالإغلاق المؤقت للمساجد فلا تجوز مخالفة هذا القرار درءًا للمفاسد المترتبة على مخالفته على حد مزاعم مجمع البحوث. تدابير وقائية أعلنت دار إفتاء العسكر تأييدها لإغلاق المساجد وإلغاء صلاة الجمعة ومنع المسلمين من الصلاة فى بيوت الله بحجة مواجهة وباء كورونا، مشيرة إلى أن هذا الغلق والمنع مؤقت ويأتى فى إطار التدابير الوقائية والاحترازية للحماية من مرض كورونا ومنع انتشاره. وعن حكم أداء صلاة الجمعة في المنزل، قالت إنها لا تنعقد بهذه الصورة والصحيح أداء الصلاة ظهرًا. وأضافت دار الإفتاء عبر تويتر: “صلاة الجمعة لا تنعقد في المنزل والجمعة تصلى ظهرًا بالمنازل من غير خطبة جمعة، كصلاة الظهر بحسب الدار. وذكرت أن هناك مجموعة من الأسباب التي يُترخَّصُ بها لترك الجماعة في المسجد بل والجمعة، ومنها أسباب عامة؛ كالمطر الشديد والوحل الذي يُتأذى به وكذا الظلمة التي لا يُبصر بها الإنسان طريقه إلى المسجد، ومنها أسباب خاصة؛ كالمرض والخوف على نفسه أو ماله أو أهله، وكذلك أكل ما له رائحة كريهة، وأيضًا إذا غلبه النوم، وغير ذلك من الأسباب وما يشبهها وفق دار الافتاء. فرصة تطبيل محمد مختار جمعة وزير أوقاف الانقلاب لم يترك هذه الفرصة وانما استغلها للتطبيل لنظام الانقلاب الدموى وقائده عبد الفتاح السيسي، وبرر إلغاء صرة الجمعة بقوله إن من شروط إقامة الجمعة توفر الأمن لإقامتها، زاعما ان مفهوم الأمن هو الأمن الشامل وفي مقدمته الأمن على حياة الناس، وبما أن الأمن الصحي لإقامة الجمعة غير متوفر في معظم دول العالم بما يُخْشى معه خشية حقيقية على حياة الناس، فإن الجمعة تصلى ظهرًا في البيوت أو الرحال حيث يكون الإنسان وفق تصريحاته. وزير أوقاف الانقلاب لم يتوقف عند الغاء وتحريم صلاة الجمعة فى المساجد وانما زعم عدم جواز إقامة الجمعة بالمنازل لأنها لا تنعقد بالمنزل، كما لا يجوز إقامتها في أي مكان بالمخالفة الشرعية والقانونية لما يقتضيه الوضع القائم من عدم إقامتها للحفاظ على حياة الناس، كما أن الجمعة لا تنعقد خلف المذياع أو التلفاز أو عبر الإنترنت أو نحو ذلك، بحسب جمعة. وادعى أنه لا يجوز في الظروف الحالية أن تقام أي جماعة في الأماكن العامة أو أمام المساجد أو في الحدائق أو في الطرقات أو على الأرصفة أو أمام المولات بما يعد تحايلا على المقصد الشرعي الأسمى، وهو الحفاظ على حياة الناس من مخاطر التجمع وفق تصريحاته. ولم يتجاهل جمعة تحذير جميع العاملين بأوقاف وارهابهم من مخالفة التعليمات، بل ودعوة جميع المصريين الى الالتزام بها بحجة الحفاظً على حياتهم.