أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، أن المقصد العام من تشريع الأحكام الشرعية هو تحقيق مصالح الناس في العاجل و الآجل معا (الموافقات للشاطبي 2/9)، وقال الطاهر بن عاشور: "مقصد الشريعة من التشريع، حفظ نظام العالم، وضبطُ تصرّف الناس فيه، على وجه يعصم من التفاسد والتهالك، وذلك إنما يكون بتحصيل المصالح واجتناب المفاسد على حسب ما يتحقق به معنى المصلحة والمفسدة"[مقاصد الشريعة الإسلامية:3/230]. وأضافت اللجنة عبر موقع المجمع الرسمي، أنه إذا كان حضور الجمع والجماعات من شعائر الإسلام الظاهرة، فإن تحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم، أساس إرسال الرسل و تشريع الأحكام التي أرسلوا بها مما يعني أنها مقدمة على تلك الشعائر، فبرغم كون الجمعة فرضا من الفروض و صلاة الجماعة سنة مؤكدة على القول الراجح إلا أنه هناك أعذارا تمنع من حضورهما دفعا للضرر الناشئ عن التجمع عن قرب في مكان واحد، ومن هذه الأعذار: المرض، فقد روى مسلم بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ». وتابعت: فإذا ما قرر ولي الأمر خطورة تجمع الناس في مكان واحد سواء كان ذلك المساجد أو غيرها، وأن هذا التجمع يزيد من انتشار الفيروس، فمنعهم من هذا التجمع، وكان ذلك بناء على توصيات أهل العلم في هذا الشأن، فإنه يجب على الجميع الالتزام بهذا الحظر وعدم التجمع حتى ولو كان ذلك لصلاة الجمعة والجماعات، فهذا تعطيل أو تعليق مؤقت وليس فرضاً لأمر دائم، و هو مبني على توصيات أهل الشأن و الذكر امتثالا لقوله تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[النحل:43]. وأكد أنه، لا يحل لأحد مخالفة هذا القرار سواء كان ذلك بحضور عدد قليل إلى داخل المسجد و إغلاقه عليهم ثم يصلون الجمعة أو الجماعات، أو الصلاة أمام المسجد، أو الصلاة في الساحات أو على أسطح البنايات، و ذلك لما سبق من أحاديث نبوية، و للقواعد الفقهية التالية، الضرر يزال، ولا ضرر ولا ضرار، تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، إذا تعارض مفسدتان رُوعي أعظمُهما ضررًا بارتكاب أخفهما. وقد اشترط الحنفية شروطاً لصحة صلاة الجمعة يمكن الاستفادة منها في هذا الشأن، ومنها الإذن العام، وعلى ذلك، فإذا أصدرت السلطات المختصة قرارًا بالإغلاق المؤقت للمساجد فلا تجوز مخالفة هذا القرار درءاً للمفاسد المترتبة على مخالفته.