بين جدران بارزة ونوافذ حديدية يغطيها الصقيع، يمكث أبطال قصتنا، نحو 60 ألف سجين لم ينسهم المصريون على اختلاف انتماءاتهم وانطلقت دعوات تدعو لحمايتهم من وباء كورونا الفيروس الذي حصد نحو 7500 شخص حتى الآن، معظمهم فى بلدان تتمتع ببنية صحية عالية التطور، لكنه الآن يشق طريقه فى مصر، ويهدد هؤلاء المظاليم فى مقرات احتجاز تفتقد الإنسانية. السجون التى تشهد مزيجا استثنائيا من صنوف الموت، قضى داخلها أكثر من 1000معتقل بعهدة هذا النظام؛ عبر تعذيب جسدي ونفسي او إهمال طبي متعمد؛ تبدو مرشحة الآن للتحول إلى بؤرة انفجار للوباء بلا فرق بين سجين أو سجان. من هنا، جاءت حملة “خرجوا المساجين” التى أطلقها حقوقيون وإعلاميون قبل أيام، وتواصلت مع حملة “أنقذوها” لتحرير السجينات؛ لتمدد أصداءها إلى الشارع؛ مطالبين بالإفراج ولو كان مشروطا خوفا من إصابتهم بالفيروس، وتفشى المرض بينهم. أصداء وصلت أخيرا إلى مجلس حقوق الإنسان والمنظمة المصرية التابعة للدولة؛ لتطالب بنفسها الرئاسة بالتوسع في الإفراج المشروط على المحبوسين احتياطيا، وعن كل سجين قضى نصف مدة العقوبة دون أن يدان بارتكاب أعمال عنف. أصداء متصاعدة كما وصلت إلى مجلس النواب عبر تكتل 25-30 بدعوة النائب العام إلى الإفراج الفوري عن كل محبوس احتياطي لمدة تزيد عن أحكام القانون، واستبداله بالتدابير الاحترازية ،والإفراج الفوري عن المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، فضلا عن الحالات الحرجة من المرضى والمسنين. هذا هو المعيار الكاشف لمدى جدية السلطة فى تجنيب البلاد أضرارا تفشى الوباء، حسب ما يرى مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان الحقوقي جمال عيد الذى لا يستطيع أن يرى فى إجراءات الحكومة ما يثلج الصدر قبل الإفراج عن سجناء الرأي الأبرياء قبل وقوع الكارثة. “هذه لحظة يجب على الجميع أن ينسوا فيها خلافاتهم، وأن يتضامنوا أمام وباء لا يفرق بينهم”، يقول مؤسس حزب الدستور محمد البرادعى، مضيفا “ستكون خطوة إنسانية فارقة إذا تم الإفراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيا وغيرهم مما تستدعى حالاتهم الإفراج”. رغم سيطرة فيروس كورنا ووسومه على حديث مواقع التواصل الاجتماعي، لم ينس المصريون مظاليم السجون ومعتقلي الرأي من مخاوفهم؛ لتتواصل الحملة الشعبية والسياسية للمطالبة بالإفراج المشروط عن المعتقلين خوفا من أصابتهم بالفيروس وما قد يعنيه ذلك من احتمال تفشى المرض بينهم وتحوله إلى بؤرة لنشر الوباء فى مصر. كما انطلقت حملة أخرى تحت وسم “أنقذوها” للتذكير بالسجينات فى عهد السيسى والدعوة للإفراج عنهن ، مجددين نشر قصصهن ومعاناتهن فى المعتقلات معاناة تثير الهلع من احتمالية انتقال الفيروس إلى داخل مقرات الاحتجاز وفق خبراء وحقوقيين. يأتى هذا فيما ذكرت مصادر صحفية رصد أول إصابة لمعتقل سياسي بسجن وادي النطرون بعد ارتفاع مفاجئ فى درجة حرارته. مستجدات الأزمة قناة “مكملين” ناقشت عبر برنامج “قصة اليوم”، مستجدات الأزمة والنداءات المتواصلة لإنقاذ المعتقلين، وهل يصبح كورونا اختبار الإنسانية عند نظام الانقلاب؟ الدكتور أسامة رشدي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقا، رأى أن حملة «خرجوا المساجين»، لها بعد اجتماعي وإنساني؛ فنحن نتحدث عن جائحة ووباء عالمي يشبه الوباء الذي اجتاح العالم في القرن الماضي، وقضى على ما يقرب من 100 مليون نسمة. وأضاف رشدي أن كل التقديرات تقول إن وباء كورونا متفشٍ في مصر ؛ خاصة وسط أنباء عن فرض حجر صحي على 300 أسرة بالدقهلية وظهور حالات في المنيا ودمياط والبحر الأحمر؛ ما ينذر بكارثة إنسانية يجب التصدي لها. وأوضح رشدي أن أوضاع السجون مأساوية وسط تكدس بلغت نسبته 400% بحسب تصريحات مسؤولين في مصلحة السجون، ما يجعل السلطات أمام خيارين: الأول، الاعتراف بأن هذه السجون ستتحول إلى محارق على غرار السجون النازية والخيار الثاني، تغليب القانون والتعامل وفق الظروف الاستثنائية الدولية والاحتياطات التي طالبت منظمة الصحة العالمية باتباعها. بدوره أطلق الدكتور أحمد رامي، النقابي والناشط السياسي، مبادرة باسم 1200 عضو باتحاد المهن الطبية معتقلين في سجون السيسي ؛لإطلاق سراحهم للمساعدة في التصدي لمواجهة كورونا. وقال رامي، إن إطلاق سراح المعتقلين يشمل السياسيين والجنائيين على السواء، مضيفا أن الفيروس لا يسجن في زنزانة أو سجن بل ينتقل من السجين إلى أفراد الشرطة ومنها إلى عامة الشعب، مؤكدا أن المجتمع أمام خطر يهدد المجتمع كله ببقاء هؤلاء المعتقلين في الزنازين. وأضاف رامي أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الانقلاب للتصدي للفيروس ناقصة ومتأخرة، ولابد الآن من إخلاء سبيل المسجونين للحفاظ على صحة ال 100 مليون مصري. وأوضح رامي أن توصيات منظمة الصحة العالمية لوقف انتشار كورونا يستحيل تطبيقها في السجون المصرية في ظل التكدس الرهيب، وانعدام الرعاية الطبية.