يتزود بمخارج طوارئ للحفاظ على مصالحة مع أنظمة دكتاتورية وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا رسالة إلى رئيس وأعضاء البرلمان الأوروبي انتقدت فيها سياسة الإتحاد تجاه انتهاكات حقوق الإنسان المنهجية في مصر، وبينت المنظمة أن هذه السياسة لا أخلاقية وتنتهك المعاهدات والمواثيق التي ارتبطت بها دول الاتحاد الأوروبي.
وأضافت المنظمة في رسالتها أنه من الناحية النظرية ينظر للاتحاد الأوروبي بأنه يقوم على أساس منظومة قيمية وحقوقية لا تقبل المساومة أو المقايضة لكن الواقع العملي أثبت أن مبادئ الديمقراطية ومنظومة حقوق الإنسان يضرب بها بعرض الحائط إذا تعارض الدفاع عنها مع مصالح الإتحاد حتى ولو كان ممكنا في سبيل الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان خسارة الشيء القليل.
وذكرت المنظمة في رسالتها أن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في التعامل مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل الأنظمة الديكتاتورية اتسمت بغض الطرف إلى حد اتهام الاتحاد بالاشتراك في هذه الجرائم، ما ألحق أفدح الأضرار بسمعة الاتحاد الأوروبي كمدافع عن حقوق الإنسان وفق المبادئ والاتفاقيات التي وقعت عليها دول الاتحاد.
ونوهت رسالة المنظمة أن الاتحاد الأوروبي لا يجرؤ على المهادنة في الانتهاكات التي تمس المواطنين الأوروبيين داخل دول الاتحاد أما خارج دول الاتحاد فقد زود الاتحاد نفسه بمخارج طوارئ للحفاظ على مصالحة مع أنظمة دكتاتورية ضد شعوب مقهورة ترنو إلى الحرية والعيش الكريم.
في مصر وعقب أحداث الثالث من تموز 2013 وقف الاتحاد موقف المتفرج وأرسل السيدة كاثرين آشتون ممثلة السياسة الخارجية للضغط على طرف من أجل سحب المتظاهرين من الميادين والشوارع والانخراط في خارطة الطريق على الرغم أن ما حدث يتناقض تماما مع أسس الديمقراطية التي يتبناها الإتحاد.
وعلى الرغم من تحذير المنظمات الحقوقية من أن السلطات المصرية ستقدم على ارتكاب مجزرة بحق المتظاهرين المعتصمين في الميادين وهذا ما ثبت من تصريحات مسئولين مصريين لم يتدخل الاتحاد ولم يحذر السلطات المصرية من مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة واكتفى مسئولي الاتحاد ومنهم ممثلة السياسة الخارجية بتصريحات ناعمة تطالب بضبط النفس وبدأت المجازر بدءا من حادثة المنصة ثم الحرس الجمهوري ثم ميدان رابعة والنهضة حيث شاهد العالم سقوط المئات من الضحايا وكيف قامت قوات الأمن بإحراق الجثث وتجريفها في مشاهد قتل جماعي تعيد إلى الأذهان ما حث في يوغسلافيا السابقة.
لم يتحرك الاتحاد وبقي ثابتًا على مواقفه الناعمة من المجازر.. الأمر الذي أعطى السلطات المصرية ضوءًا أخضر للاستمرار بحملة القمع التي راح ضحيتها الآلاف من كافة فئات المجتمع المصري نساء ورجالا وأطفالا.
والمفارقة في هذه المواقف عندما حدثت أزمة أوكرانيا هبّت دول الاتحاد الأوروبي ومعها الكثير من الحلفاء ووقفت موقفا حاسما وأرسل الاتحاد وفدا وزاريا جلس مع الطرفين، حيث أفضى تدخل الاتحاد إلى اتفاق أنقذ آلاف الأرواح.
والمرعب في مواقف الاتحاد الأوروبي من مصر أن جهات في الاتحاد أقرت بوجود انتهاكات وأدانتها إلا أن هذه الإدانة لم تترجمها ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد إلى واقع؛ بل اتسمت لقاءاتها مع القائد العسكري عبد الفتاح السيسي المسول الأول عن هذه الجرائم بالغزل.
وقالت المنظمة في رسالتها بشأن إرسال بعثة لمراقبة مسرحية الانتخابات الرئاسية "على الأقل حتى لا يتهم الاتحاد الأوروبي بالمشاركة في الجرائم التي تحدث في مصر كان يتوجب على السيدة آشتون قبل الموافقة على إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات -التي ينظر لها الكثيرون بأنها غير شرعية- أن تضغط على السلطات المصرية لإرسال بعثة لتقصي الحقائق في السجون ومراكز التوقيف."
وأكدت المنظمة في رسالتها أن قمع المظاهرات وما يرافقها من قتل واعتقالات لا تزال مستمرة ولربما سمعت السيدة آشتون أصوات الرصاص واشتمت رائحة الغاز المسيل للدموع أثناء زيارتها ولا شك أن الموافقة على إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات يشجع السلطات المصرية على تشديد القبضة الأمنية.
وطالبت المنظمة قادة الاتحاد الأوروبي أن يكفوا عن سياسة المقايضات والمساومات عند ما تتعلق الأمور بشعوب غير الشعوب الأوروبية، مؤكدة أن الشعب المصري لا يختلف عن أي شعب في أوروبا يتوق للعيش بحرية وكرامة. وختمت المنظمة رسالتها بالتشديد على أن مثل هذه المواقف تدعو للخزي وتشكل خذلانا للشعوب الأوروبية والمجتمع الإنساني وأن إرسال بعثة لمراقبة الانتخابات من شأنه أن يوفر غطاء لعمليات القتل والقمع المستمرة.