في الوقت الذى تطحن فيه البطالة الشباب المقبلين على الحياة ولا يجدون فرصة عمل، وبالتالي لا يستطيعون توفير لقمة عيشهم ويعيشون عالة على آبائهم، رغم أن الكثير من الأسر تنتظر من أبنائها المساعدة حتى تتمكن من توفير احتياجاتها اليومية، يخرج محافظ البحيرة الانقلابي هشام أمين– لواء عسكري- بحل نهائي لهذه المشكلة التي تؤرق جميع فئات المجتمع، حيث اقترح توزيع بطٍّ على الشباب ليقوموا بتربيته وتوفير مصدر دخل لهم، ما أثار استنكار المتابعين، مؤكدين أن السيسي يستنسخ تجربة توفيق عكاشة فى مشاريع البط . كانت محافظة البحيرة قد شهدت توزيع عدد من طيور البط على الأسر الأكثر احتياجًا بقرى الظهير الصحراوي للمحافظة، في إطار ما أسماه مبادرة جديدة تحت شعار “قرية بحراوية منتجة”، وذلك وفقًا لبروتوكول تعاون بين محافظة البحيرة ومديرية الزراعة، وتم خلاله تخصيص مبلغ مليون جنيه لإقراض السيدات الريفيات بقرى المحافظة لتحفيزهن على إقامة مشروعات الدواجن. وزعم محافظ البحيرة الانقلابي أن تلك المشروعات لها أهمية كبرى لتخفيف الأعباء عن كاهل الأسر محدودة الدخل بالقرى، والعمل على تنمية مصدر دخلها عن طريق إقامة المشروعات الصغيرة. كما زعم أن هذه المشروعات تسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواجهة البطالة بالقرى إلى جانب ضبط أسعار الطيور فى الأسواق، مشيرا إلى أنه تم توزيع 1700 بطة كقرض لعدد 85 أسرة في محافظة البحيرة، بواقع 1500 جنيه لكل أسرة، عبارة عن 20 بطة مسكوفي لكل منهم. 20 بطة فيما أكد المهندس حازم الأشموني سكرتير عام المحافظة، أنه تم توزيع أكثر من ألف بطة للأسر المحتاجة بقرية الصديق الجديدة بمركز ومدينة أبو المطامير وقرية الحاجر التابعة لمركز ومدينة كفر الدوار، بواقع 20 بطة لكل منهم، وسيتم تعميم المشروع على كافة القرى الأكثر احتياجا بالمحافظة. وزعم سكرتير محافظة البحيرة، أن المشروع يستهدف رفع المستوى الاقتصادى للأسر الأكثر احتياجا وتحقيق التنمية بتلك القرى الفقيرة، لافتا إلى أن المشروع عبارة عن تقديم 20 بطة مسكوفى مجانا للأسر المحتاجة، والتكفل بتقديم مبالغ مالية لإطعامهم، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات البيطرية للمستفيدين من المشروع، وأوضح أنه يتم اختيار الأسر المستهدفة عن طريق مديرية التضامن الاجتماعي وتوفير سلالات البط عن طريق مديرية الزراعة، وتقوم الوحدات المحلية بتوزيعها على السيدات المستفيدات، وذلك بواقع 1500 جنيه لكل سيدة قيمة شراء عدد 20 بطة، بالإضافة إلى 900 جنيه متطلبات تغذية البط من الأعلاف على مدار 3 شهور، على أن تتولى مديرية الطب البيطري توفير التحصينات اللازمة للطيور. 200 مليار جنيه يشار إلى أنه كان قد ترددت في بعض صفحات التواصل الاجتماعي أنباء حول ارتفاع نسبة البطالة بين المصريين إلى 25% في عام 2019، وذلك وفقا للإحصائيات الرسمية . وفي محاولة منها للحد من البطالة في صفوف الشباب، كانت حكومة الانقلاب قد زعمت أنها أطلقت مشروعًا بقيمة 200 مليار جنيه لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة المملوكة للشباب على مدى أربع سنوات بتسهيلات مغرية. وادعت أن المشروع سوف يسهم فى إيجاد 3.5 مليون فرصة عمل جديدة. وسيتم تمويله من ادخارات المصريين بفوائد تزيد على 12 بالمائة، لكن شيئًا من هذه المزاعم لم يتم تنفيذه على أرض الواقع، واكتفى نظام العسكر بالتصريحات والشو الإعلامي . انقلاب 23 يوليو من جانبه قال الدكتور خميس الهلباوى، الخبير الاقتصادى: إن مشكلة البطالة بدأت فى الظهور بعد انقلاب 23 يوليو وإعلان النظام الجمهوري عام 1952، موضحا أنه كان من أهم إخفاقات ذلك الانقلاب محاولة كسب زعامة جماهيرية بالتضحية بنظم التعليم الراسخة القديمة، مثل إعلان مجانية التعليم بصرف النظر عن مسألة الجودة والتميز كشرط من شروط مجانية التعليم للمتميزين، وتسبب هذا الإجراء فى تطلع جميع طبقات المجتمع، والإسراع فى حصول أبنائه على المؤهلات العلمية العليا لاحتلال المراكز الوظيفية المرموقة، ونبذ التدريب على المهن الفنية وغير الفنية المختلفة التى يحتاجها المجتمع المصرى لاستكمال بنيانه الاجتماعى والثقافى والحضاري، حتى يواكب المجتمعات الأخرى المماثلة ويتفوق عليها. وأضاف الهلباوي، فى تصريحات صحفية، أن اندفاع الغالبية العظمى من الشعب المصرى إلى تعليم أبنائهم تعليما جامعيا؛ سعيا للتميز للوصول بهم إلى المراكز المرموقة فى المجتمع فقط، وبالأخذ فى الاعتبار عنصر ثقافة المجتمع المصرى فى تحدى الصعاب والرغبة فى التميز، دون الأخذ فى الاعتبار تفاعل عنصرى العرض والطلب على سوق المؤهلات الجامعية فى المدة الطويلة، أدى إلى حدوث كارثة “الوفرة فوق اللازمة” فى طلب التعليم العالي أو المؤهلات العليا أو صكوك الحصول على مؤهلات عليا دون تمييز، فارتفع عدد الطلبة فى الجامعات بشكل لا يسمح لأى أسرة إلا أن تسعى لنفس الاتجاه فى طلب صك لابنها بصرف النظر عن تخصصه، وطلب السوق فى المدة القصيرة والمدة الطويلة لهذا التخصص، وفقدت الصكوك التى يحملونها أهميتها. وأشار إلى أن من أسباب ذلك، أن الوفرة فى طلب صكوك التعلم الزائفة فى معظمها، “المؤهلات العليا”، أدت إلى إهمال الكيف والاهتمام بالكم فى تخريج حملة صكوك التعلم والتوظيف، فشاعت فوضى التعليم الحقيقى، ولم يعد هناك إلا الاهتمام بالحصول على صك التعيين الذى أصبح بعد ذلك عبئا على حامله لما يتطلبه من مظهر يجبره على سلوكيات هو أصلا لا يملك توفير تكلفة مظاهرها، وتضع عليه قيدا أدبيا اجتماعيًّا مصريًّا، فى التدريب على مهنة أقل قيمة فى نظر المجتمع المصرى، باعتبار أن قيمة الفرد تعتمد على قيمة ما يحمل من صكوك التعيين فى الوظائف الهامة. وتابع الهلباوى: مع الأسف ما زالت سياسة ترميم نظام التعليم تخضع لأفكار متعددة تفسد التعليم أكثر من أن ترممه، نتيجة التخلف الإداري الذى يتمتع به الروتين الذى يتبعه المسئولون الذين يسمون أنفسهم إصلاحيين لكنهم يزيدون الطين بلة، عندما يتولون قيادة قطاع التعليم، ويصرون على تطبيق نظرياتهم الفاشلة فى ترميم التعليم خوفاً من الفئات المستفيدة من التعليم المجاني، أو الصكوك المجانية عديمة القيمة الحقيقية. التخطيط والتدريب وأوضح أنه نتيجة عدم الاهتمام بالإصلاح الحقيقى للتعليم، سار النظام الاقتصادى من ضعف إلى أضعف؛ نتيجة عدم إضافة مهنيين جدد، وأصبحت السوق المصرية تتضمن جهلة مهنٍ وحرفٍ فنيةٍ بدلا من خبرات عالية كانت تضارع بل تتغلب على الخبرات الأوروبية. ولفت إلى أن من أسباب أزمة البطالة أنه بعد أن كان الاقتصاد المصري يدار بنجاح عندما كان تعداد السكان 14 مليونًا أو عشرين مليون نسمة، يقوم بالإنتاج منهم حوالى 50%، أصبح تعداد السكان حوالى 100 مليون نسمة، مع عدم وجود أيدٍ عاملة وصالحة للعمل والإنتاج وكافية لإنتاج ما يكفى الاستهلاك، وبالتالى فقد ارتفعت تكلفة المجتمع والخدمات المطلوبة لمعيشته، واتسعت الفجوة بين المتاح والمطلوب لتنفيذ خطط تنمية حقيقية إصلاحية. وأكد الهلباوى أن الشباب من حملة الشهادات العليا لم يجنوا غير الحسرة على وقت الدراسة والعمل من أجل الحصول على تلك الشهادات، مشيرا إلى أن حكومات العسكر المتعاقبة أهملت التخطيط والتدريب العلمى والعملى السليم وفقا للاحتياجات الفعلية لسوق العمل. مشكلة البطالة وأكد عادل عبد الغفار، الباحث الاقتصادي بمركز بروكنجز للدراسات بالدوحة، أنَّ مشكلة البطالة تفاقمت فى عهد الانقلاب العسكرى بين الشباب، موضحا أن مواجهة هذه الأزمة تتطلب إصلاح منظومة التعليم العالي التى تخرج آلاف الطلاب كل عام من الجامعات، إلا أنّه من غير المرجح أن يعثر الكثير منهم على عمل في مجالات تخصصهم. بجانب زيادة الاستثمار في التدريب المهني؛ وزيادة التركيز على ريادة الأعمال؛ واتخاذ الخطوات اللازمة لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. وكشف عبد الغفار، فى تصريحات صحفية، أنّ سوق العمل المصرية غير قادرة على التعامل مع أعداد الباحثين عن عمل حيث زاد عدد الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً) من 13,3 مليون في العام 1988 إلى 17,4 مليون في العام 1998 و22,2 مليون في العام 2006، وقد يصل الآن إلى نحو 32 مليون شاب.