عندما تُبتذل الكلمات وتُوصف بأنها رومانسية وحب إلى غير ذلك، وهى فى الحقيقة سفالة وقلة أدب وانحطاط فى المجتمع، الذى أصبح يُدار بالمهرجانات والهلس والألفاظ البذيئة، بعدها يتساءل المجتمع: لماذا الاغتصاب والتحرش والألفاظ الخادشة للحياء؟. وطفى على السطح المصري من جديد ما أطلق على نفسه مطرب المهرجانات والأغاني الشعبية، لكنها فى الحقيقة مجرد كلمات قبيحة فى زمن الانقلاب العسكري الذى أخرج ما فى بطنه من قاذورات. #بنت_الجيران وعلى يوتيوب، وبالتحديد على قناة المطرب الشعبي حسن منصور، الشهير باسم “حسن شاكوش”، والذى أصبح من صفوة القوم فى مصر، فيتم استضافته من برنامج إلى آخر، متجولا بين قنوات “إم بى سى” و”النهار” و”الحياة”، وصولا إلى القاهرة والناس”. الغريب أن قناته على الموقع الشهير “يوتيوب”، التى كتبت باسمه “حسن شاكوش”، حققت أعلى نسب مشاهدة فى العالم، متخطية أسماء لامعة وشهيرة ومطربين حقيقيين، حيث حصد حتى كتابة التقرير 72 مليون مشاهدة فى أقل من شهر . تحرش وسقطات أخلاقية الغريب أيضا أن كلمات الأغنية “اللى كسّرت الديار”، كلها سقطات أخلاقية ومبتذلة وتدفع للتحرش والعنف والتنمر، بل وإسقاط الغزل الشعبي الذى عفى عليه الزمن. تقول كلمات المهرجان:” سكر محلي محطوت على كريمة، كعبك محني والعود عليه القيمة، وتجيني تلاقيني لسه بخيري، مش هتبقي لغيري، أيوه أنا غيري مفيش، بنت الجيران شغلالي أنا عنيا، وأنا في المكان في خلق حواليا، مش عايز حد ياخد باله من اللي أنا فيه، شوفت القمر سهرني لياليا، وهموت عليكي ربي العالم بيا، سيبي شباكك مفتوح ليه تقفليه، بهوايا إنتي قاعدة معايا، عنيكي ليا مراية يا جمال مراية العين، خليكي لو هتمشي هناديكي، إنتي ليا أنا ليكي إحنا الاتنين قاطعيا”. إلى آخر الإسفاف والفوضى الأخلاقية التى يتحدث عنها المهرجان. الذوق العام تقول الباحثة الاجتماعية مى عبد الله: إن النموذج الحديث فى عالم الغناء الشعبى هو نتيجة طبيعة للإفرازات التى تنتجها مصر بعد التضييق على المثقفين والصفوة فى مصر، فهناك المئات من هؤلاء سيخرجون كلما سنحت لهم الفرصة للظهور ومن ثم تختفى . وأضافت: “لسنا أمام إعجاز، بل نكبة جديدة فى الذوق والأخلاق والانحلال المجتمعي، بديل أن الملايين من المشاهدات تتجه نحو هذا النوع من الغناء العشوائي الذى يجد صدى فى القنوات الكبيرة الفضائية ومنها إلى العالم”. محذرةً أن الأمر خطير ويكشف للعالم الخارجي أن مصر “خاوية” من جميع أركان الدولة .. صفيحة زبالة الناقد الفني طارق، الشناوي، يتحدث عن الأمر الواقع فى مصر فيقول: “الإسفاف اللفظي يعاقب عليه القانون، عندما تجد كلمة مسفة أو لفظًا نابيًا لا يمكن السماح به”. ويضيف “شاكوش وبيكا وشطة يقدمون حالة واحدة تتشابه، ويعتمدون على الارتجال لتوصيل معنى، لا يملكون عمقا ولا إضافة مثل 90% من أغانينا الاستهلاكية، فهذه الأغنيات بطبعها تسلى الناس، ثم بعدها بمرحلة زمنية يبحثون عن أخرى”. مختتما حديثه فيقول: “أغانى (المهرجانات) صفيحة زبالة”. إفرازات المجتمع أما الناقدة كريمة أبو العينين فتقول: “لا تندهش إطلاقا مما آلت إليه أحوالنا فى هذه المرحلة وخاصة على الصعيد الفنى، فمن المعروف أن الفن انعكاس لحالة المجتمع وإفرازاته، إيماءات تثير الشهوات والغرائر” . وتضيف: “الفن ببساطة انعكاس لحالة مجتمع، ونحن لا بد إلا نخفى رؤوسنا فى الرمال ونعترف بأننا لا نستحق أفضل مما وصلنا إليه، وإذا كنا نريد الارتقاء بالفن فلا بد أن نرقى بأخلاقنا وذوقنا وتربيتنا وتعليمنا وثقافتنا، ببساطة أن نخرج إلى الحياة اللائقة ببلد وشعب صاحب حضارة من أقدم الحضارات وآثاره محفورة عليه”. مجدى شطة وحمو بيكا نقيب المطربين هانى شاكر يتحدث قائلا: “الفن يستمد قوته من الشارع، وأغانى المهرجانات راجت خلال السنوات الماضية فقط.” شاكر قال “أنا ضد الابتذال والإسفاف بشكل عام، وهذا لا يعنى أننى معترف بأغانى المهرجانات، لأنها لا تهدف للغناء وإسعاد الناس، بل لإفساد وتدمير الذوق العام، وأشعر بالخزى أن هذا التيار أصبح الآن الأكثر طلبا فى سوق الحفلات والإعلانات والأفلام، رغم عدم امتلاكهم لمؤهلات المطربين، سواء فى الموهبة أو مساحة الصوت أو حتى الشكل، وأسماؤهم كلها مستعارة”. من “رمضان” إلى “أورتيجا” الناقدة عزة أبو الحسن تكشف السبب فى الأمر فتقول: “ليس غريبا أن ينتج المجتمع هذا النوع من الغناء بعدما شاهدنا البلطجى على أنه فتى الشاشة المصرية.” وتشير إلى أن “المجتمع بدأ الانحلال منذ سنوات، وطفت ظاهرة المدمن والبلطجى والاغتصاب والأغانى الشعبية والمهرجانات على الذوق فى مصر، وهذا يكشف “ترومتر” المصريين لأنفسهم فى هذا العصر السلبى”