ما مصير من يحبس ابن آدم الذي كرّمه الله دون ذنب ويضيّق عليه بالجوع والبرد والمرض حتى الموت؟ 300 معتقل سياسي من خيرة أبناء مصر يواجهون الموت البطيء فى سجن العقرب، على يد جنود جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، ويواصلون إضرابًا عن الطعام منذ أسبوع، بعد منع الأغطية والأدوية والحاجات الأساسية عنهم، بما يشبه نزع أنابيب الحياة عن أوردتهم. وقالت مصادر حقوقية مصرية إن أكثر من 300 معتقل بسجن العقرب يواصلون إضرابهم عن الطعام لليوم السابع على التوالي، احتجاجا على ممارسات إدارة السجن معهم، والتي أدت إلى وفاة الصحفي والناشر محمود صالح، بسبب معاناته من البرد والإهمال الطبي داخل محبسه. وأشارت المصادر إلى “زيادة عدد المرضى في ظل الطقس منخفض الحرارة، ورفض إدارة سجن العقرب تسليم المعتقلين أغطية أو ملابس ثقيلة أو السماح لذويهم أو محاميهم بزيارتهم وتوفير متطلباتهم، وكذلك منعهم من العلاج”. وأعلن المعتقلون بدء إضرابهم عن الطعام عقب وفاة الصحفي محمود صالح، مطالبين النائب العام بفتح تحقيق في أسباب وفاة الصحفي المعتقل بالعقرب، موجهين الاتهامات إلى كل من ضابط مباحث السجن محمد شاهين، وبلوكامين السجن علاء. وكانت قناة الجزيرة الفضائية القطرية، قد حصلت على رسالة مسربة من داخل سجن العقرب الشديد الحراسة في مصر، تكشف محاولة أحد المعتقلين ويدعى أحمد عبد الله ضبعان الانتحار بذبح نفسه بآلة حادة بسبب التعذيب والظروف القاسية داخل المعتقل. محاولة انتحار وأشارت الرسالة إلى أن المعتقل نقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، ومن ثم أعيد إلى السجن مرة أخرى رغم حالته الحرجة؛ بسبب خوف إدارة السجن من انتشار خبر محاولة الانتحار. كما كشفت عن احتجاج المعتقلين المضربين عن الطعام على ما تعرض له زميلهم، فهددتهم إدارة السجن باعتقال ذويهم لإجبارهم على إنهاء الاحتجاج والإضراب، موضحة أن الإدارة عزلت المضربين عن باقي السجناء بعد رفضهم الاستجابة لتهديداتها. وتضمَّنت الرسالة مناشدة لوسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان للضغط على عصابة الانقلاب لتوفير ظروف سجن آدمية لهم تراعي أبسط الاحتياجات الإنسانية، فيما أطلق نشطاء حملة إلكترونية تحت عنوان “البرد قرصة عقرب” للتضامن مع معتقلي سجن “طرة-1” شديد الحراسة، المعروف باسم “العقرب”، ضد ما يواجهونه من انتهاكات فاقمها الصقيع وقسوة سلطات السجن. ويعد سجن طره 992 شديد الحراسة أقسى سجون مصر وأكثرها رعبًا، حتى عُرف باسم “سجن العقرب” نتيجة سمعته السيئة، وتهدف الحملة إلى تسليط الضوء على معاناة المعتقلين بين التعذيب والمرض والبرد، لا سيما أن عددًا من المعتقلين فقدوا حياتهم داخل السجن ذاته بسبب تفاقم الأمراض نتيجة البرد الشديد. وعلى الفور وكالعادة خرج متحدث باسم عصابة الانقلاب ينفى جرائم السادة قابضي الأرواح وزبانية التعذيب، ويزعم أن ما نشرته المنظمات الحقوقية سواء المحلية أو الدولية، بخصوص مجازر قتل المعتقلين والسجناء جوعًا ومرضًا وبردًا محض شائعات مغرضة، هدفها النيل من الرخاء والسخاء الذي تعيشه مصر تحت حكم السفيه السيسي. وتخطَّى اللامعقول حين وصف كل من يفضح حقيقة ما يجري، بأنه “موال لجماعة الإخوان الإرهابية” حتى ولو كان غربيًّا مسيحيًّا!. ويصف إعلام الانقلاب، عبر أبواقه المتعددة المنتشرة من القاهرة وحتى دبي، ما يطفو على السطح من حقائق دامغة على إجرام عصابة الانقلاب بالاختلاق والكذب، وأن المعارضة في الخارج تحاول تشويه صورة “المؤسسات العقابية” التى طالما حرصت على إقامة حفلات الشواء وإطعام المساجين بالكباب والكفتة، بل وتوفير كافة أوجه الراحة المختلفة للنزلاء، حيث يتمتعون بإقامة مباريات للتنس والاسكواش والسباحة!. حرمان السجناء وتتعمّد سلطات الانقلاب، عبر إدارة قطاع السجون، خلال تلك المرحلة التي شهدت انخفاضًا في درجات الحرارة، حرمان السجناء من كل متطلبات الحياة، وعلى رأسها البطاطين والوجبات والمشروبات الساخنة؛ وذلك بهدف إصابتهم بمختلف الأمراض. وبمناسبة #إضراب_العقرب، هذه رسالة أرسلها أحد الذين كتب الله لهم عمرا جديدا، وأحد الناجين من جحيم العقرب، تنشرها (الحرية والعدالة) دون إشارة إليه، يقول في مستهل رسالته: “في مثل هذه الأيام.. زنزانتي في العقرب غرقت ميه.. صحيت الساعة 2 على صوت خرير ميه جوة الزنزانة.. لقيت المطر اتسرب في شرخ في الحيطة، وبدأ ينزل جوة الزنزانة بغزارة”. مضيفًا: “كان معانا راجل كبير سنا ومقاما في الزنزانة فكان نايم ع المصطبة.. أنا وأحمد كنا نايمين على الأرض.. صحيت أحمد بسرعة.. كانت الميه وصلت للفرشة بتاعته.. شيلنا الفرشة ونشرناها.. وفرشتي كانت ناشفة لحقناها قبل ما توصلها الميه”. وتابع: “كان في متر في متر ما بين باب الزنزانة وقاعدة الحمام هيا أبعد مكان عن المية.. خدت فرشتي وحطيتها في المساحة دي.. ونيمت أحمد عليها.. كان هوه الصغير بتاع الزنزانة 19 سنة.. قلعت فانلتي الداخلية وفضلت ببدلة السجن.. وسهرت طول الليل أنشف الميه بالفانلة وأعصرها في الحوض مرات ومرات لحد ما أنشفه خالص.. وأروح أريح ضهري جنب أحمد دقايق تكون المية ملت الزنزانة تاني”. وختم بالقول: “وأقوم أكرر عملية التنشيف علشان المية متوصلش لأحمد وهوه نايم.. وكده لحد الصبح.. لحد ما جه تعيين الفطار الصبح واشتكينا للمخبرين.. بس محدش جه صلح الشرخ اللي في الحيطة والسقف.. بس الحمد لله ربنا ستر والموضوع متكررش”. أحرار العالم واطلعت (الحرية والعدالة) على رسالة من المعتقلين بسجن العقرب، تكشف ملابسات وفاة الصحفي المعتقل محمود عبد المجيد محمود صالح داخل محبسه بزنزانته، فضلا عن تطرقها إلى أوضاع المعتقلين بالعقرب التي وصفتها الرسالة بالمأساوية. والسبت الماضي، توفي محمود عبد المجيد، والذي يبلغ من العمر 46 عاما، ويعيل أسرة مكونة من 5 أفراد، وكان يقضي حكما بالسجن المؤبد، وتوفيت والدته في 2015؛ حزنا وكمدا عليه. ودعت الرسالة جميع من وصفتهم ب”أحرار العالم”، وجميع المنظمات الحقوقية، وجميع “الإعلاميين الأحرار”، إلى التضامن معهم، من أجل وقف الانتهاكات التي تحدث بحقهم، لافتة إلى إضراب المعتقلين عن الطعام حتى تتم محاكمة قتلة محمود عبد المجيد، واسترداد المعتقلين لحقوقهم كاملة. وخاطبت الرسالة “أحرار العالم”، قائلة: “وصل إليكم استشهاد البطل الحر الإعلامي والناشر محمود عبد المجيد صالح، أحد معتقلي سجن العقرب، الذي قُتل عمدا من إدارة السجن بعد معاناة مع المرض والألم. ليلقى ربه صابرا محتسبا، لم يغير ولم يبدل، ولم يعط الدنية في دينه، ووالله لم ينزل على رأي الفسدة، ولم يرض عيش الذل والهوان، لتبقى دماؤه لعنة على قاتليه”. وأضافت: “يتقدم معتقلو مقبرة العقرب بالعزاء إلى زوجته الصابرة وأبنائه؛ نادية، ونور، وسهيلة، وعبد المجيد، وأهله جميعا، نتقدم لهم بخالص التعازي، سائلين الله عز وجل أن يربط على قلوبهم برباط الصبر والإيمان، وأن يأجرهم في مصابهم، وأن يخلفهم خيرا منها، وأن ينتقم ممن حرمهم منه طيلة 5 سنوات”.