تزامنا مع الحديث عن تعديلات وزاري جديد، عقد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي اجتماعا، أمس السبت، مع وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، وقائد القوات البحرية، الفريق أحمد خالد. ويأتي الاجتماع في توقيت حساس، تداولت فيه مصادر قريبة من القوات المسلحة معلومات عن عودة الفريق أسامة عسكر، قائد منطقة سيناء لمكافحة الإرهاب سابقا، إلى العمل العسكري بعد تجميده في أعمال إدارية لمدة 3 سنوات، وتعيينه رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة. كما عقب الاجتماع انتشار معلومات من مصادر عليمة عن ترشيح الفريق أحمد خالد نائبا للسيسي، وإخطار نائبه الحالي بالاستعداد لتولي قيادة البحرية المصرية، بالإضافة إلى إجراء تغييرات عديدة أخرى في المناصب القيادية بمختلف الأسلحة بالجيش، وترجيح بعض المصادر إبعاد رئيس الأركان الحالي، الفريق محمد فريد حجازي، فيما أفاد مصدر برلماني بأن تعديلا وزاريا سيجري في الحكومة وسيشمل من سبع إلى عشر وزارات. التعديل الجديد برئاسة مصطفى مدبولي، سيتضمن أسامة هيكل وزيرا للإعلام، وعمر مروان وزيرا للعدل، وعلاء فواد وزيرا لشئون مجلس النواب، ورانيا المشاط وزيره للتعاون الدولي، ونيفين جامع للصناعة، ونيفين القباج وزيرة للتضامن، وهالة السعيد وزيرة للتخطيط والتنمية الاقتصادية، وسيد القصير وزيرًا للزراعة، ومن المرتقب إلغاء وزارة الاستثمار واستبدال هيئة عليا بها للاستثمار برئاسة رئيس الوزراء. التعديل يأتي لمحاولة لتجميل وجه نظام السيسي القمعي والمرفوض شعبيًا، وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتنامي إثر الأزمات الاقتصادية التي يعانيها الشعب المصري؛ حيث تتلاعب الأجهزة المخابراتية بالشارع المصري، لتعويم نظام السيسي المأزوم داخليا وخارجيا. وليس أدل على أزمات السيسي من الاستعانة بقادة عسكريين تم إعفاؤهم من أعمالهم والإطاحة بهم في أوقات سابقة، كأسامة عسكر الذي اتهمه السيسي سابقا بالفشل، وسرقة وإهدار نحو 500 مليون جنيه فيما يعرف بعملية سيناء الشاملة، وتم وضعه قيد الإقامة الجبرية. وكذا الاستعانة بصهره محمود حجازي الذي أطاح به من قيادة أركان القوات المسلحة، ليسند إليه حقيبة الإعلام، بدلا من عباس كامل ورجال الاستخبارات العامة الذين يتهمهم السيسي بالفساد والفشل أيضا. وبين التخبيط والعجز تتفاقم أزمة السيسي الداخلية، فيما أزمات الخارج أشد وطأة ما بين عجز مائي مؤكد ستعانيه مصر وسط إصرار إثيوبي على ملء سد النهضة في 3 سنوات، وعجز مصر عن إقناعها، بعدما ورط السيسي مصر في التوقيع على اتفاق سد النهضة. كما تتزايد أزمات السيسي في الملف الليبي، الذي تلعب فيه دورا قذرا في قتل الليبيين بصواريخ وأسلحة مصرية وتنفيذ مخططات الإمارات في المنطقة، بينما يتصاعد التهديد العسكري للأمن القومي المصري مع دخول دول كأمريكا وتركيا وقطر في تقديم العون لحكومة طرابليس في مواجهة الإرهاب الدولي الذي يمارسه السيسي ومحمد بن زايد بحق الليبيين. كما يأتي اتفاق تركيا والحكومة الليبية المعترف بها دوليا، بشأن تعيين الحدود البحري بين البلدين، ليضع مصر في مأزق؛ إذ إن الاتفاق الليبي التركي يحقق منافع كبيرة لمصر، يعيد إليها 40 ألف كلم من مياهها الإقليمية والاقتصادية التي تنازلت عنها لقبرص، بينما علاقاتها العدائية مع تركيا دفعتها للارتماء في حضن اليونان، المتصارعة مع تركيا، وهو ما جعل السيسي ينحي المنافع القومية المتحققة مع اتفاق تركيا وليبيا لينحاز لليونان ومصالحها القومية على حسب الأمن القومي المصري، بالمخالفة لتقديرات القوات المسلحة التي سبقت أن رفضت العرض اليوناني لترسيم الحدود مع مصر، لتصادمه مع حقوق مصر القومي والإقليمية. وهو ما قد يضع السيسي في مواجهة مع القوات المسلحة التي يبدو أنه يعمل في مسار مضاد لها، وهو ما يفسّر عودة الاستعانة بقيادات مغضوب عليها من خارج المنظومة العسكرية، لإعادتها، للعمل، وطبعًا وفق أجندته الخاصة. وهو ما بدا من بيان الرئاسة الأخير الذي اقتصر على إبراز الجانب العملياتي من اللقاء على خلفية التصعيد في منطقة شرق البحر المتوسط والأزمة في ليبيا. وذكر البيان أن الاجتماع تناول استعراض آخر المستجدات على صعيد التدابير والإجراءات التي يتخذها الجيش لحماية الحدود المصرية وتأمينها وإحكام السيطرة عليها، فضلاً عن آخر تطورات جهود القضاء على الإرهاب، واقتلاع جذوره، وتعزيز قدرات التأمين الشامل على امتداد الحدود البرية والبحرية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية للدولة. وتبقى الأيام المقبلة حبلى بمزيد من التكهنات والإشكالات التي ستشهدها البلاد، إثر سياسات السيسي الرعناء التي تضرب الأمن القومي المصري في مقتل.