يواصل قائد الانقلاب الدموى عبد الفتاح السيسي استنزاف مقدرات الشعب المصري وأمواله وممتلكاته، وتضييع "لقمة عيش" الغلابة فى عقد مؤتمرات عبثية يطلق عليها مؤتمرات الشباب، أو منتدى شباب العالم، والتي تقام فى أرقى المناطق السياحية وفى أفضل الفنادق والقاعات، وتخصص لها كل الإمكانيات على حساب المصريين. الخبراء والمراقبون أكدوا أن توسع السيسي في إقامة المؤتمرات والمنتديات على مدار العام، يستهدف في المقام الأول الترويج الإعلامي له، وتجميل صورة نظامه أمام الخارج، وليس مناقشة قضايا الشباب . وانتقدوا الإنفاق البذخي على الشكليات والمظاهر فى وقت أصبح فيه 60% من الشعب المصرى تحت خط الفقر، متسائلين: لماذا يكرر "السيسي" مقولته السخيفة "مصر بلد فقير أوى" ويرفض أية زيادات في الرواتب، ويعمل على إلغاء الدعم التمويني، ورغم ذلك لا يتوقف عن العبث بأموال الدولة ويضيعها فى أمور تافهة لا تفيد أحدًا غيره؟ . 4,8 مليار جنيه كان مصدر مطلع في اللجنة المنظمة لمنتدى "شباب العالم"، التي تخضع للإشراف المباشر ل"السيسي"، قد كشف عن أن تكاليف المنتدى المنعقد حاليًا في شرم الشيخ تجاوزت 4.8 مليار جنيه. وقال المصدر، إن تكلفة المنتدى شملت استضافة أكثر من 7 آلاف شاب وإعلامي ومسئول ورجل أمن من مختلف دول العالم، لمناقشة موضوعات مُحددة سلفًا من خلال 24 جلسة، تُعقد في 9 قاعات بمركز المؤتمرات الدولي على مدار 4 أيام. وأكَّد أن عدد الإعلاميين والصحفيين المدعوين من مصر تجاوز ال800 هذا العام، وهو رقم أكبر بكثير من النسختين السابقتين للمنتدى. وأوضح المصدر أن تكاليف المنتدى تضمنت مصاريف الطيران والإقامة في فنادق 5 نجوم، للآلاف من الشباب المشاركين من خارج مصر، لافتًا إلى أنَّ أسعار الإقامة في الفنادق المجاورة لمركز المؤتمرات الدولي، تراوحت بين 900 و2000 جنيه لليلة الواحدة، وبلغت أقل مدة محجوزة لأي مدعو من داخل مصر أو خارجها 5 ليال. وأشار إلى أنَّ تكلفة رحلة الطيران على شركة "مصر للطيران" والشركات الخاصة من مطار القاهرة إلى مطار شرم الشيخ الدولي، بلغت نحو 3500 جنيه للفرد المدعو من داخل مصر. وأكد المصدر أن تجهيزات المنتدى من قاعات وتأمين وحملات دعاية وإعلان في مختلف وسائل الإعلام، تزيد على نصف التكلفة الإجمالية للمنتدى. أسرار حربية ويرى الخبير الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، أن دولة العسكر تتعامل مع عقد المؤتمرات الدولية والإقليمية بشكل سيئ وسلبي، لخدمة أهداف نظام الانقلاب وليس من أجل خدمة الاقتصاد المصري، وهو ما يؤكده نوعية المشاركين في المؤتمرات، والذين لا يمثلون قيمة إضافية للتنمية المستدامة لمصر . وأكد الصاوي، فى تصريحات صحفية، أن كل المؤتمرات التي نظمها السيسي لم تقدم أي فائدة للاقتصاد المصري، لافتا إلى أن الهدف الأساسي منها هو الترويج للسيسي ونظامه، وهو ما يمثل عبئًا على موازنة الدولة، نتيجة تكلفة عقد هذه المؤتمرات، التي يصل عدد المشاركين في بعضها إلى 10 آلاف مشارك، في وقت تعيش فيه الدولة أزمات اقتصادية طاحنة. وأوضح أن تكلفة الفرد الواحد بأي مؤتمر لا تقل عن 5 آلاف جنيه، وهو مبلغ يكفي راتب شهرين لأي شاب عاطل، أما تكلفة المؤتمر الواحد فقد تصل لأكثر من 4.8 مليار جنيه، وهو مبلغ كفيل ببناء عشرات المدارس والمستشفيات. وكشف الصاوي عن أن هذه المؤتمرات تعد من الأسرار الحربية، حيث لا يحق لأحد أن يحاسب المسئولين عنها عن الإنجازات والإخفاقات التي حققوها في المؤتمرات السابقة، وهو ما يجعلها مجرد "مكلمة" لنظام السيسي، يقدم فيها نظريات عقيمة فشلت في جذب المستثمرين الأجانب لمصر. مختتمًا بأن نظام الانقلاب بدلا من أن يعقد مؤتمرات لجذب المستثمرين الأجانب، فإنه يقوم بعقد مؤتمرات للترويج السياسي للسيسي وليس الترويج الاقتصادي أو السياحي لمصر . دجل سياسي من جانبه وصف الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، مثل هذه الفعاليات بأنَّها نوع من "الدجل السياسي"، مؤكدا أن المؤتمرات الشبابية التي عقدت من قبل لم تأت بأي نتيجة تذكر. وتساءل: ما الداعي لمثل هذا المنتدى؟ لافتا إلى أن مثل هذه المؤتمرات لن تجدي نفعًا، ولن تكون فرصة لتحسين صورة دولة العسكر بالخارج، في الوقت الذي لا يسمح فيه بفتح المجال للرأي اﻵخر وقمع حرية الرأي. وقال دراج، في تصريحات صحفية: إن نظام السيسي أصدر قرارات بإغلاق الصحف والفضائيات، وحجب العديد من المواقع الإلكترونية، واعتقل عددًا من الصحفيين والإعلاميين. ويرى عادل المليجي، أمين تنظيم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن نظام السيسي يستخدم ذات الأساليب التي كانت تستخدم من قبل لتسويق الوهم للمجتمع، خاصة القوة الضاربة فيه وهم الشباب. لافتا إلى أن هذا يفسر تركيز السيسي خلال خطاباته الخارجية على الإرهاب وضرورة مواجهته بشتى السبل، وهو الوتر الذي يرى فيه نظام العسكر بوابة العبور نحو الحصول على دعم دولي واكتساب الشرعية. وأضاف "كان بإمكان دولة العسكر بدلاً من المؤتمر الكرنفالي الذي تتحمله ميزانية الدولة، أن تتصالح مع الشباب والمجتمع كله بالإفراج عن المعتقلين والمحبوسين على ذمة قضايا ملفقة، والتوقف عن اضطهاد الشباب، والعمل على فتح المجال العام أمامهم للمشاركة الحقيقية في صنع مستقبل وطنهم. بروباجندا السيسي واعتبر الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، هذه المؤتمرات بأنها “ملهاة لا فائدة منها". وقال السيد، فى تصريحات صحفية: إنه لا ينبغي على المراقبين أو المواطنين أن يأخذوا مثل هذه المؤتمرات على محمل الجد، ويجب ألّا نهتم بها من حيث الفعاليات، ولا نتوقع منها نتائج ترجى، ولا أي تغيير على أرض الواقع يترتب عليها، مشيرا إلى أن تلك المؤتمرات عادة ما تكون مكررة، وتتضمن عرض لما يسمى إنجازات السيسى، وشرح إجراءات الإصلاح الاقتصادي، والتحذير من الإرهاب والتطرف. وأكد أن جميع التنفيذيين في مؤسسات الدولة يعلمون جيدا أن هذه المؤتمرات لها هدف وحيد، هو البروباجندا الإعلامية للنظام، وتأكيد المفاهيم التي يرددها السيسي مئات المرات منذ توليه المسئولية، مثل ضرورة الصبر على الإصلاحات الاقتصادية، وعدم الانجرار إلى التظاهرات، والتشديد على تماسك مؤسسات الدولة.