اليورو يتراجع فى منتصف تعاملات اليوم الأحد 17 أغسطس 2025 بالبنوك المصرية    معهد بحوث صحة الحيوان يطلق برنامجا تدريبيا لطلاب طب بيطري جامعة الملك سلمان    تحصين 10110 رأس ماشية في أول أيام انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية في الدقهلية    إعدام 2 طن أغذية منتهية الصلاحية وتحرير 161 لمنشآت مخالفة بالشرقية    وزير السياحة يطلق اليوم حملة ترويجية سياحية تحت شعار إحنا مصر    محافظ المنوفية يقرر صرف مساعدات مالية ومواد غذائية لعدد من الحالات الإنسانية    خسائر بالملايين.. توقف حركة القطارات بإسرائيل بسبب حادث في كابلات الكهرباء    انطلاق قافلة زاد العزة ال16 إلى غزة بحمولة 2400 طن مساعدات غذائية وطبية    الصحة في غزة تسجل وفاة 7 حالات نتيجة المجاعة خلال 24 ساعة    بوليفيا تجري انتخابات عامة والتضخم يتصدر المشهد السياسي    شوبير: ريبيرو عالج أخطاءه أمام فاركو ولم يكابر    أحمد شوبير عن خطأ مصطفى حارس الأهلى أمام فاركو: أعظم الحراس يخطئون    مصر تحصد ذهبية تتابع المختلط فى ختام بطولة العالم لشباب الخماسي الحديث    تنفيذ 72196 حكم قضائى متنوع خلال 24 ساعة    تجنبا للمساءلة القانونية.. اعرف شروط تركيب عدادات المياه    سحب 995 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    اطلاق جائزة باسم مدير التصوير تيمور تيمور بمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    رقص وتفاعل مع الجمهور.. مايا دياب تشارك متابعيها كواليس حفلتها الأخيرة    عاجل- روسيا تعلن دعمها لمرشح مصر خالد العناني لتولي منصب مدير عام اليونسكو    بحضور شقيقه ومصطفى كامل.. أحمد سعد يتألق بحفله الثاني في مهرجان "ليالي مراسي"    الساعة السكانية تسجل 108 ملايين نسمة.. والإحصاء يكشف تباطؤ وتيرة الزيادة    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    وكيل صحة بنى سويف: تقديم 930 ألف خدمة طبية ضمن مبادرة "100 يوم صحة"    مساعد وزير الصحة للمشروعات القومية يتفقد المنشآت الطبية بمحافظة الإسكندرية    قمة إنجليزية.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    موعد آخر فرصة لتقليل الاغتراب والتحويلات بتنسيق المرحلتين الأولى والثانية    الأنبا مقار يترأس القداس الإلهي بكنيسة البابا أثناسيوس بالعاشر    قرار من جامعة حلوان للطلاب الجدد بشأن التقديمات والكشف الطبي    السيطرة على حريق محول كهرباء بالبدرشين    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي بقيمة 11 مليون جنيه    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    فتنة إسرائيلية    صناديق «الشيوخ» تعيد ترتيب الكراسى    إصلاح الإعلام    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    "محدش يقدر يمنعني".. طارق سليمان يعلق على أزمة تعليقه على أداء حراس الأهلي وشوبير يتحمل هدف فاركو    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    بسبب الحرارة..إصابة شخصين بلدغات العقارب السامة في الفرافرة والخارجة    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    «مش عايز حب جمهور الزمالك».. تعليق مثير من مدرب الأهلي السابق بشأن سب الجماهير ل زيزو    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    البيت الأبيض يرد على تقارير العثور على وثائق تخص قمة ألاسكا.. ماذا قال؟    «قطاع الأعمال»: تجهيزات نهائية لبدء إنتاج مصنع «الملاكي»    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الريسونى»: «إمامة المتغلب» ليست من الإسلام وأسوأ من الرق والقرصنة

أكد الدكتور أحمد الريسونى، أستاذ مقاصد الشريعة ونائب رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، أن إمامة المتغلب ليست من الإسلام فى شيء وأنها أسوأ من الرق والقرصنة.
واعترف الريسونى في مقال له بعنوان «إمامة المتغلب بين الشرع والتاريخ» والمنشور على موقع "الجزيرة نت" أن فكرة شرعية "إمامة المتغلب" ووجوب الطاعة له وعدم الخروج عليه رائجة فى الفقه الإسلامى والثقافة الإسلامية قديما وحديثا وهو الحكم القائم على القوة والغلبة أو هو من يستولى على الخلافة أو الإمارة بالقوة والسيف حتى قهر خصومه واستولى على البلاد وسلم له العباد.
ورد الريسونى على ذلك بأن «هذه القضية فيها من الالتباس والتلبيس ما يستوجب تفكيكها وبيان حقيقتها».
وتحت أربعة عناوين فرعية بالمقال جاءت على النحو الآتي:
• ليست من الإسلام
• بين التاريخ والفقه
• المتغلب في عصرنا
• الانقلابات العسكرية
فند الريسونى هذه الفكرة الرائجة منتهيا إلى أنها ليست من الإسلام فى شيء.
ليست من الإسلام
و نفى الريسونى مشروعية الفكرة «لم ينص الإسلام على مشروعية المتغلب في تولي الحكم، ولا هو أرشد إليها ولا أقر وقوعها ولو في نازلة واحدة، فلا نجد شيئا من هذا لا في القرآن الكريم، ولا في السنة الشريفة، ولا في سنة الخلفاء الراشدين».
وبيَّن أن الشورى هي المسلك الشرعى الوحيد المنصوص عليه حيث قال:« المسلك الشرعي المنصوص عليه والمأمور به في باب السياسة وتولي الحكم، وفي باب تدبير الشؤون العامة فهو مسلك "الشورى" وما تسفر عنه من قرار واختيار» مستدلا بقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38].
وأضاف الريسونى في مقاله:« فما جاءنا عن طريق الشورى ومؤسساتها، من اختيار وتولية وبيعة، أو من عزل وإعفاء وإلغاء، أو من "حل وعقد" فهو شرعي ومشروع، وهو من الإسلام وإليه، لكونه مأمورا به في القرآن والسنة، ومعمولا به في سنة الخلفاء الراشدين».
وأوضح الريسونى أن أول تطبيق لمسلك الشورى كان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التشاور في اختيار خليفة له من بعده، فكان بذلك اختيار أبي بكر وبيعته إماما للمسلمين، وهكذا مضت الأمور على عهد بقية الخلفاء الراشدين: الشورى والاختيار، ولو بأساليب وأشكال متنوعة.
وانتهى الريسونى إلى أنه بكل ثقة اطمئن إلى أن «الطريقة الشرعية الوحيدة التي جاء بها الإسلام ونص عليها -لتولي الحكم وانتقاله وتدبير أموره- هي: الشورى والاختيار، مع ترك الطرق والوسائل التفصيلية المعتمدة في ذلك للاجتهاد والتشاور والمراجعة».
بين التاريخ والفقه
وذكر الريسونى أن الفقهاء وجدوا أنفسهم أمام دول تقوم وتسود، وليس فيها مكان للشرعية الإسلامية، أي شرعية الشورى والاختيار، ولكنها على كل حال دول تدين بالإسلام، وتحكم باسم الإسلام، وتنفذ كثيرا من أحكام الإسلام.
وتابع : «ووجدوا -من بين ما وجدوا- أن التاريخ يضعهم أمام حكام تغلبوا وتمكنوا، واستولوا على الحكم وأقاموا دولتهم، لا بالشورى والاختيار من أهل الحل والعقد، ولكن بفضل شوكتهم وقوة عصبيتهم، وربما بفضل سيوفهم وسيوف أنصارهم».
وقال إن هذه هي إمامة المتغلب التي ذهب جمهور الفقهاء إلى التعامل معها والإقرار بشرعيتها ونفاذ أحكامها متهما الفقهاء بالتفريط فى الشرعية الإسلامية والاستسلام أمام الأمر الواقع قائلا:« قد يكون من السهل علينا اليوم أن نرمي الفقهاء -في موقفهم هذا- بتهمة التفريط في الشرعية الإسلامية والاستسلام أمام الأمر الواقع، وهو اتهام له -في الجملة- نصيبه من الحق والصواب، أما تفاصيله فالكلام فيها طويل متشعب لا يحتمله المقام».
ولكن الريسونى يذكر أن للفقهاء 5 مستندات واعتبارات، هي معتمدهم وعذرهم في تسويغ حكم المتغلب إذا ما نزل ووقع، وأهم تلك الاعتبارات والتعليلات ما يلي:
1- إن هذه ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، علما بأن ما يباح في محل الضرورة لا يمكن اعتباره مباحا في غير محلها.
2- إن البديل الشرعي الأمثل (أي الشورى والاختيار) كثيرا ما يكون متعذرا لا سبيل إليه ضمن الممكنات المتاحة في العهود الماضية.
3- إن التغلب والاستيلاء قد يكون في بعض الحالات هو الخيار الأصلح، كحالة الموت المفاجئ للحاكم السابق دون أن يكون له عهد أو ترتيب لمن سيخلفه، أو كحالة كون ولي عهده طفلا صغيرا لا يقدر على شيء، وكحالة أن يأتي الاستيلاء على الحكم بعد أن تكون الدولة القائمة قد غرقت في الفساد والتفكك والانحلال، فيكون المتغلب المستولي هو المنقذ.
4- إن إبطال حكم المتغلب وشرعيته، والمناداة بإزالته بعد الغلبة والتمكن قد يعنيان الدخول في حرب أهلية تهلك الحرث والنسل، وقد تنتهي إلى تقسيم البلد.
5- إن إبطال إمامة المتغلبين يستتبع إبطال كل تصرفاتهم وكل تصرفات الدولة التابعة لهم، مما يعني تعطيل الخدمات والأحكام القضائية وسائر المصالح والحقوق المتوقفة على الدولة وولاتها ومؤسساتها، وهذا فساد عريض لا يقبله شرع ولا عقل.
وبعد أن ذكر الريسونى هذه الاعتبارات التى سوغت للفقهاء قبول "ولاية المتغلب" إلا أنه يشدد على أن الفقهاء أحاطوا قبولهم لإمامة المتغلب بشروط وقيود أربعة هي:
• أن يكون تغلبه واقعا ضد حاكم متغلب، أما حاكم جاء ببيعة أو عهد، وما زال حكمه قائما فلا تنعقد إمامة المتغلب عليه (انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشربيني الشافعي (5/423).
• أن يكون الزعيم المتغلب ذا أهلية في ذاته لتولي المنصب، فلا يكون فاسقا ولا ظالما، لأن الله تعالى يقول {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين} [البقرة: 124]. وبناء عليه "قال ابن خُوَيز منداد المالكي "الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا شاهدا ولا راويا". (تفسير ابن كثير 1/289).
• أن يستتب له الأمر، لا أن يكون باقيا في طور التجاذب والتنازع ما بين مؤيد له ومؤيد لغيره.
• أن يبادر إلى إقامة العدل والحكم بالشرع، إذ بدون تحقيقه هذين الغرضين لا حاجة إليه أصلا.
المتغلب في عصرنا
ثم ينتقل الريسونى من الحالة النصية والتاريخية إلى الواقع الراهن مقرا بأن من المعلوم أن العصر الحديث شهد تطورات هائلة في كثير من مجالات الحياة البشرية وأنماطها، ومنها مجال الحكم والسياسة وتنظيم الشؤون العامة.
ونوه إلى انتشار فكرة الدساتير المنظمة لشؤون الحكم وإدارة الدولة، وفكرة دولة القانون، ودولة المؤسسات، وتنظيم فكرة فصل السلطات، واعتماد أسلوب الانتخابات والاستفتاءات، وكل هذا لم يكن ممكنا من قبل، أو لم يكن متيسرا في العصور القديمة كما هو اليوم.
وأضاف أن التطور الحاصل في هذا المجال ليس فقط سياسيا ودستوريا وفكريا، بل هو -أكثر من ذلك- تطور في التجارب والوسائل والأدوات والإمكانات، معتبرا أن هذه التطورات قد أسقطت جميع المسوغات والدواعي لنهج الاستيلاء على الحكم بالقوة والغلبة.
ويشيد الريسونى بالتجربة الإسلامية في بداياتها أيام النبوة والخلافة قائلا :«حين أتأمل ما جاء به الإسلام وطبقه الخلفاء الراشدون من شرعية شورية انتخابية رفيعة -في مطلع القرن الأول- فإني أوشك أن أقول إن ذلك كان سابقا لأوانه، وكان فلتة في زمانه، ولكنه على كل حال رسم للبشرية الصورة المثلى لما ينبغي أن تكون عليه الأمور، وترك لنا أن نتعارك مع الواقع لإقامة تلك الشرعية بعينها، أو بما يشبهها، أو ما يكون الأقرب إليها».
ويضيف:«ها هو الزمان قد استدار دورته، وأصبحت إقامة الشرعية الشورية الانتخابية اليوم ميسرة وفي متناول أيدي المسلمين، ولا يحول بينهم وبينها إلا طبائع الاستبداد وطلائع الاستبلاد».
ويشدد على أن فكرة ولاية المتغلب فى ظل هذه التطورات الراهنة قد فقدت كل مسوغ لبقائها:«ولئن كان لولاية التغلب والاستيلاء مسوغات معقولة في العصور الماضية، على الأقل في بعض حالاتها، فإنها اليوم -في ظل شيوع الدساتير والمؤسسات، ويسر تنظيم الاستفتاءات والانتخابات- قد فقدت كل مسوغ لبقائها».
ويصف الريسونى "ولاية المتغلب" اليوم بأنه تعد «أسوأ من الرق والقرصنة، لأن الرق والقرصنة كانا يصيبان أفرادا وأطرافا من المجتمعات، أما الاستيلاء على الحكم بالقوة والغلبة وبدون ضرورة ملجئة فهو استرقاق للأمم وقرصنة للدول».
ويصل من ذلك إلى أنه «يجب القول شرعا إن تولي الحكم عن طريق القوة والغلبة والاستيلاء قد انتهى زمانه وتمحض بطلانه».
ويبدى الريسونى حزنه لحال الأمة العربية حين يقارن بين الوضع في دول أفريقيا والدول العربية «إذا كانت دول القارة الأفريقية تعتبر اليوم هي الأكثر تخلفا وانحطاطا وفوضوية بين دول العالم وقاراته فإنها من حيث الشرعية الدستورية والقانونية قد أصبحت أرقى من جامعة الدول العربية وأعضائها، وأرقى من منظمة التعاون الإسلامي ودولها».
ويستشهد على ذلك بأن «الاتحاد الأفريقي قد نص في المادة الثلاثين من قانونه الأساسي المعتمد سنة 2000 على أنه "لا يُسمح للحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الاتحاد".
ويضيف «ثم أصدر في يناير/كانون الثاني 2007 (الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم)، ونص في مادته الثانية على أهداف هذا الميثاق، فكان من بينها ما جاء في الفقرة الرابعة، وهو "رفض وحظر وإدانة التغييرات غير الدستورية للحكومات في أي دولة عضو، باعتبار ذلك تهديدا خطيرا للاستقرار والسلم والأمن والتنمية"، والغريب أن مصر كانت هي الدولة الوحيدة التي تحفظت على هذا الميثاق».
ويمتدح الريسونى هذا المسلك من الاتحاد الأفريقى مشيرا إلى أنه «منذ سنة 2000 أصبح الاتحاد الأفريقي يبادر بتلقائية إلى تجميد العضوية فيه وفي منظماته وأنشطته، لكل دولة يقع فيها انقلاب عسكرى».
ويقول:« لقد أصبح الاتحاد الأفريقي أكثر تمثلا وتمسكا بالشرعية الإسلامية النيرة من عدد من المشايخ المحسوبين أزهريين أو سلفيين أو من هيئة كبار العلماء ممن يدافعون عن الاستبداد ويشكلون طلائع الاستبلاد».
الانقلابات العسكرية
يتناول الريسونى طبيعة الشخصيات العسكرية التى عادة ما تقوم هي بالانقلابات العشكرية مشيرا إلى أن الحكام المتغلبين -الذين كانوا يستولون على الحكم قديما- كانوا عادة ما ينبثقون من بين الشخصيات ذات الشعبية والمكانة والزعامة في الأمة، ومن ذوي النخوة والشهامة والنجدة، ومن ذوي المؤهلات القيادية والقدرات التأسيسية، فكان هذا مما يسهل نجاحهم ويغري الفقهاء والوجهاء بمبايعتهم والتعاون معهم.
ويضيف :«أما الانقلابيون العسكريون في هذا العصر فينبتون في الظلام والتكتم، ويتسلقون بمكر وخداع، ومؤهلاتهم الأساسية عادة لا تتجاوز ثلاثة عناصر، هي:
- الرتبة العسكرية والمنصب العسكري.
- القابلية للخيانة والغدر.
- القدرة على المناورة والمغامرة».
ويؤكد الريسونى أن أمثال هؤلاء لا يمكن أن يكون استيلاؤهم على الحكم سوى سلسلة من الجرائم والكوارث والنكبات، والعرب بالباب كما يقال.
أضف إلى هذا أن الجنود والضباط اليوم في دول الاستبداد والاستبلاد قد أصبحوا يُنشّؤون على فلسفة الغباء والطاعة العمياء، يقتلون ولا يعرفون من يقتلون، ولا لماذا يقتلون، ولا لفائدة من يقتلون.
ويستشهد الريسونى بموقف مع العلامة محمد رشيد رضا عليه رحمة الله «منذ حوالي ثمانين سنة تفطن العلامة السيد رشيد رضا لهذه الحقيقة المرة، فكتب في تفسيره يقول "ولكن الحكام في هذا الزمان مؤيدون بقوة الجند الذين تربيهم الحكومة على الطاعة العمياء، حتى لو أمرتهم أن يهدموا المساجد، ويقتلوا أولي الأمر الموثوق بهم عند أمتهم لفعلوا، فلا يشعر الحاكم بالحاجة إلى أولي الأمر إلا لإفسادهم وإفساد الناس بهم، ولا يريدون أن يقرب إليه منهم إلا المتملق المدهن".
ويحذر الريسونى من مكر وخداع هؤلاء الانقلابيين:«على أن من أخبث الحيل التي بدأ بعض الانقلابيين يتّبعونها هروبا من تطورات العصر واستحقاقاته أنهم بعد تنفيذ انقلابهم واستيلائهم على الحكم، وبعد إحكام قبضتهم على الدولة والمجتمع يعمدون إلى إعداد طبخة ديمقراطية انتخابية، لكسب رداء الشرعية، فإذا بالزعيم الانقلابي يصبح "رئيسا شرعيا منتخبا"».
ويضيف : هكذا وقع مرارا في مصر وسوريا والعراق والجزائر وموريتانيا والسودان والصومال وتشاد.
بناء على ذلك يشدد الريسونى «لذلك وجب القول إن كل انقلابي متغلب يتمسك بالحكم بعد الانقلاب، ويوطد أقدامه ليستمر فيه، بأي حيلة أو خدعة، فهو غاصب ظالم: بانقلابه أولا، وباستمراره فيه ثانيا، وبكافة جرائمه في حق البلاد والعباد».
متى يكون الانقلاب مقبولا؟
ورغم تأكيد الريسونى على عدم مشروعية الانقلابات العسكرية على ولاة الأمر المنتخبون من الشعب وفق بيعة شرعية إلا أنه يؤكد أن الانقلاب يمكن أن يكون محمودا وجائزا شرعا في حالة واحدة هى عندما يقع ضد انقلابى سابق حيث يقول الريسونى:« ويبقى أن الانقلاب العسكري يكون جائزا ومحمودا في حالة واحدة، هي عندما يكون ضد انقلابي سابق، بشرط أن يتم تسليم الحكم بعد الانقلاب للمدنيين المنتخبين في أقرب وقت ممكن، وهذا ما فعله السيدان الفاضلان: المشير عبد الرحمن سوار الذهب في السودان، والعقيد على ولد محمد ولد فال في موريتانيا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.