أم عبد الرحمن: "بلف من الصبح علشان حقنة لابنى والصيدلية قفلت وقالوا لى بكرة" الحاج فوزى: "مفيش رحمة.. ده احنا فى شهر الرحمة.. حسبى الله ونعم الوكيل" شيماء جلال المرضى رصيدهم من الحكايات المؤلمة لا ينتهى، وليس غريبا عند المرور بجوار إحدى المستشفيات أن تسمع صرخات المرضى: "حسبى الله ونعم الوكيل"، أو ترى أبا يهرول على أبواب مستشفيات بحثا عن طبيب ينقذ ابنه، ولا تتعجب ونحن فى شهر الرحمة من أن تجد مستشفى ترفض إجراء عملية لمريض قرحة؛ لأنه لا يملك مصاريف العملية. هؤلاء مرضانا الذين لا تنقطع معاناتهم.. شكاواهم تبكينا من الألم.. ومشهد الطوابير أمام الاستقبال والكشف والحجز والأشعة لا تنتهى حتى فى شهر رمضان المبارك، المؤلم أنهم حينما يزداد بهم الألم تراهم أمام المستشفيات يبكون أو يسألون المساعدة حتى يتمكنوا من استكمال العلاج الذى ارتفعت أسعاره بصورة لا طاقة لهم بها. كوارث الدمرداش "الحرية والعدالة" قامت بجولة بعدد من المستشفيات الحكومية للتعرف بشكاوى المرضى وآلامهم فى هذا الشهر الكريم، البداية المُفجعة كانت أمام مستشفى الدمرداش، فأول مشهد فى قسم الأطفال أب يحمل ابنه يهرول يمينا ويسارا من أجل إنقاذه قبل أن يفارق الحياة وهو لم يتعدَّ العاشرة من عمره، هرول الأب سريعا نحو الاستقبال والطوارئ، فأخبره الطبيب أنه فارق الحياة. قصة الطفل لم تنته عند هذا الحد، فقد أخبرتنا عمته أنهم يترددون بالطفل على المستشفى منذ فترة طويلة ولم يجدوا إجابة واضحة من الأطباء حول طبيعة مرضه منذ عامين. تقول أمه بعد وفاته: "ولدى مات ومعرفش هو كان عنده إيه.. كان نفسى أريحه واعالجه"، ثم خرج الأب مسرعا لكى ينهى إجراءات شهادة الوفاة. وتحكى أم عبد الرحمن (طفلها عمره عام وشهرين) يعانى من ارتجاع فى المرىء ومشاكل فى الرئة، قصة معاناتها وتقول: منذ ولد ابنها وهو يتقيأ دما ويعانى من ضيق فى التنفس، وذهبت به إلى مستشفى أبو الريش وظلت تتردد عليها أكثر من ثلاثة أشهر ولكنهم لم يخبروها بما يعانى منه ابنها، ثم جاءت إلى مستشفى الدمرداش وبدأ الأطباء فى إجراء الأشعة والتحاليل واكتشفوا أنه يعانى من ارتجاع فى المرىء بالإضافة إلى أنه طفل منغولى، وتقول الأم: إنها تأتى من العياط ولديها 4 أبناء منهم اثنان مصابان بحمى روماتيزمية ولا تملك مصاريف علاجهم. وتشير إلى أن ابنها عبد الرحمن يحتاج إلى حقنة شهرية قيمتها 650 جنيها، وفى حالة عدم إعطائه الحقنة تكون حياته فى خطر؛ لأنه يكون عرضة لاستقبال أى مرض لعدم وجود مناعة، وتضيف "ربنا بيسترها معانا.. وولاد الخير بيساعدونا". وتؤكد أم عبد الرحمن أن مستشفيات التأمين لم تساعدها مستنكرةً بلهجة يملؤها الأسى عدم توفر خدمات صحية لمن لا يملكون المال. حال الحاج فوزى -فى الثمانين من عمره- لم تكن أحسن من سابقيه فقد جلس أمام باب المستشفى وبيده روشتة العلاج، وقال: إنه يعانى من ارتفاع أسعار العلاج، وإن المستشفى لا تساهم فى دفع أى تكاليف، مشيرا إلى أنه يعانى من قرحة فى المعدة ويحتاج إلى عملية منظار ولا يستطيع دفع مصاريفها، ورغم ذلك وقّعت المستشفى عليه الكشف المجانى فقط فى الاستقبال والطوارئ. الحاج فوزى وجه كلمة للمسئولين عن صحة المصريين: "حسبى الله ونعم الوكيل". آلام "أبو الريش" أمام مستشفى أبو الريش لا يختلف المشهد كثيراً فالمعاناة والألم واحد ولكن الأجساد مختلفة؛ أسرة كاملة جاءت من المنوفية للكشف على أحد أبنائها يعانى من احتباس البول بالإضافة لمشاكل فى الجهاز الهضمى ولا يأكل بشكل طبيعى، ويتم إطعامه من خلال المحاليل، الأسره تدرك أنه لن يعيش ولكنهم يتمكسون بالأمل بأن الله قد يمد فى حياته ويرزقه العافية، متفائلين ببركة الشهر المبارك. إحدى الأمهات تحتاج إلى مصاريف لعلاج طفلها وللحليب الصناعى؛ لأنه يعانى من مشكلة فى المعدة، ويحتاج إلى نقل دم، وقالت: إنها تذهب للجمعيات الخيرية فى هذا الشهر.. شهر الرحمة حتى تحصل على مصاريف لعلاج ابنها. مآسى قصر العينى أمام مستشفى قصر العينى المشهد كان مختلفا حيث يتوافد أقارب وعائلات المرضى من المحافظات ومعهم أطعمة واحتياجات ذويهم بالمستشفيات وبينهم من ينتظر دوره فى إجراء عملية جراحية ومن يستكمل علاجه، فأسرة تأتى من الفيوم وهى تحمل الأطعمة والمشروبات والعصائر وتسرع لتلحق بمريضها قبل الإفطار. بعض المرضى يأتون من مناطق بعيدة جدًّا ويتحملون مشقة السفر؛ لأن فى محافظاتهم لا توجد التخصصات المطلوبة أو الأجهزة الطبية، تقول أسرة: إنها قامت باستئجار ميكروباص؛ لأنها تأتى مرتين أسبوعيا لإجراء غسيل كلوى لوالدتهم ولبعد المسافة يقومون باستئجار حافلة صغيرة تنقلهم، ولأن المواعيد فى رمضان مختلفة دائما يحين موعد الإفطار وهم فى طريق العودة، وهكذا يكون حالهم طوال الشهر الكريم لعدم وجود مركز للغسيل الكلوى فى محافظتهم.