لا أدرى لماذا تذكرت برنامج "حياتي" الذي كان التليفزيون المصري يعرضه منذ أعوام , وذلك عندما قرأت تصريحات المهاجم البرازيلي ايلتون لاعب فيردر بريمن الألماني وهو يعترض ويحتج على قرار الاتحاد الدولي بمنعه من الحصول على الجنسية القطرية للعب بأسم "العنابي" في تصفيات كأس العالم! فأيلتون ملأ الدنيا صراخا وعويلا بسبب عدم حصوله على الجنسية القطرية وهدد بالرحيل عن المانيا عندما علم ان رئيس اتحاد الكرة الالماني هو من كان وراء اثارة الاتحاد الدولي عليه , وهو نفس الأسلوب الذي تتبعه السيدات الشاكيات في برنامج "حياتي" , حيث كن يشتكين كانت السيدات يتذمرن من ازواجهن دائما ويطالبن مقدمة البرنامج بالنصيحة والحل! الحكاية هي أن "السيد" أيلتون يريد الحصول على الجنسية القطرية للعب بأسم منتخبها في كأس العالم القادمة التي ستقام بالمانيا (وكأنه ضمن وصول قطر الى البطولة أصلا) , كما أنه بالتأكيد لا يعرف معلومة واحدة عن الدولة التي سيحمل جنسيتها قطر , ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أنه يخادع نفسه قبل أن يخدع الآخرين , فيقول ان السبب وراء سعيه إلى اللعب بأسم قطر ليس رغبته في الحصول على مليون يورو مقابل التوقيع على جواز سفره الجديد وحصوله على راتب سنوي يقدر ب400 الف يورو. وانا اقول أو أفترض أنه قد يكون محقا في ذلك , ولكن , ماذا يحدث لو قدمت مصر مثلا إلى ايلتون عرضا بالحصول على الجنسية المصرية واللعب بأسم منتخب "الفراعنة" ولكن بدون حصوله على أي مقابل مالي؟ هل كان أيلتون سيوافق؟ بالتأكيد لا , لأن ايلتون سيترك فريقه الحالي , فيردر بريمن , أصلا في طريقه الى شالكه بحثا عن المال ليس إلا , وعندما سئل : لماذا تترك فريقا قد يفوز بالدوري ويلعب في دوري ابطال اوروبا؟ كانت اجابته : "في شالكه سأحصل على ضعف راتبي في بريمن". إذا المشكلة ليست رغبته في اللعب في كأس العالم , ولكن في حصوله على "الفلوس من الهواء" , فهو يعتبر ان اللعب في تصفيات اسيا كأنها رحلة ترفيهية , وقد تكون فرصه له أيضا للتسوق! ولكني إذا قلت بأن ايلتون هو المخطيء الوحيد في هذه القضية فأنني بذلك أظلمه , ولكن الحقيقة أن الخطأ على من عرض عليه هذا العرض , وللأسف فإن قطر اعتادت على حكاية التجنيس هذه في العديد من اللعبات الأخرى , فعلى سبيل المثال نجد أن كابتن المنتخب القطري لكرة سلة صومالي الجنسية , ولاعبي رفع الاثقال من بلغاريا , ولاعبي العاب القوى من كينيا والصومال , ومنذ اربعة اعوام تقريبا حاول القطريون اعطاء لاعبة التنس السويسرية مارتينا هينجز الجنسية القطرية ولكنها رفضت رفضا قاطعا!. والخطأ الأكبر يقع أيضا على مدرب المنتخب القطري , الفرنسي فيليب تروسييه , الذي يبدو أنه تخيل أنه يدرب نادي قطر وليس منتخب قطر , وهو ما دفعه إلى المطالبة بشراء عشرة لاعبين ومنحهم الجنسية , وعندما قالوا له : :"إنك تدرب المنتخب القطري" , قال لهم : "وماله , نمنحهم الجنسية"! ما كانت قطر بصدد القيام به لهو أمر من شأنه قتل روح الانتماء في روح الشباب العربي في أي دولة , طالما أن المسألة كانت ستصبح بالبيع والشراء وليس بالوطنية والولاء. والحمد لله أن قرار الفيفا دفع قطر إلى التراجع عن مخططاتها في الوقت الحاضر , ولكن ماذا لو لم يتدخل الفيفا في الوقت المناسب ؟ ما هو الحال الذي كانت ستصل إليه لعبة كرة القدم إذا سمح الفيفا بالتجنيس "عمال على بطال" , وب"الفلوس"؟