حوار في الجول - سارة عصام: من صالات السلة إلى الملاعب.. فخورة بكوني أول مصرية تحترف بالخارج

في السادسة والعشرين من عمرها، تعيش سارة عصام -خريجة كلية الهندسة جامعة ديربي البريطانية- أول لاعبة مصرية تحترف في أوروبا، بين جنبات عاصمة الضباب لندن وتحديدًا في مدينة مانشستر (شمال غرب لندن) ومشاعر الفخر تلألأ قلبها بما حققته وما زالت تحققه من نجاحات عديدة مع كرة القدم.
حيث تفتخر سارة لكونها أول لاعبة مصرية تحترف في أوروبا، في خطوة وصفتها بالفريدة من نوعها، كما أشارت في مستهل حديثها ل FilGoal.com.
إذ استطاعت سارة بأن تكسر كل القواعد وتتحدى التقاليد؛ لتُصبح الآن نموذجًا يُحتذى به لكل فتاة تحلم بلعب كرة القدم، حيث كانت رحلتها مليئة بالتحديات، لكنها لم تستسلم يومًا، وتحدت الغربة، ووفقت بين دراستها الأكاديمية وحبها الغير متناهي لكرة القدم؛ فصنعت التاريخ.
الموهبة الشابة المصرية تنشط حاليًا في نادي هاليفاكس بدوري الدرجة الثالثة الإنجليزي.
هاليفاكس تاون ورجبي برو
اللاعبة المصرية السريعة ذات الفنيات العالية، والتي تشغل مركز المهاجم وتجيد اللعب في مركز الجناح الأيمن، بدأت مسيرتها مع كرة القدم في وادي دجلة أحد أشهر أندية مصر في الكرة النسائية، ثم جاءت خطوة احترافها عبر ستوك سيتي؛ لتسطر معهم أرقامًا استثنائية، وتقفز بعدها نحو ألباسيتي الإسباني، لتمضي هناك عقدًا لمدة عام، ومن ثم يعود بها المطاف مرة أخرى لإنجلترا من بوابة رجبي برو، حتى استقر بها المطاف حاليًا ضمن صفوف هاليفاكس تاون بدوري الدرجة الثالثة الإنجليزي.
هاليفاكس؟ لعلنا اضطرننا إلى اللجوء لمحرك البحث "جوجل" حتى نعرف ذلك النادي الذي تنشط فيه حاليًا سارة عصام، وفي محض هذا، تقول اللاعبة ل FilGoal.com: "هاليفاكس تاون هو فريق عريق تأسس منذ ما يقارب العقدين من الزمن، إذ يقع بمقاطعة ويست يوركشير في إنجلترا، وأنا سعيدة حقًا بتواجدي حاليًا في هذا الفريق الآن".
وتضيف: "انضممتُ لهاليفاكس مطلع شهر فبراير من العام الحالي 2025، بعدما كنت متوقفة عن ممارسة كرة القدم لأكثر من ستة أشهر بعد انتهاء عقدي مع رجبي برو، وشاركت مع الفريق الإنجليزي في 11 مباراة، سجلت خلالهم 6 أهداف، وكنت سببًا رئيسيًا في بقاء الفريق في الدوري بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من الهبوط للدرجة الأدنى، وأتطلع خلال موسمي القادم معهم في صنع إنجازات جديدة تضاف لرصيدي الشخصي".
وماذا عن فترتك في رجبي برو؟
تقول سارة عصام: "أمضيتُ مع رجبي برو (كوفنتري يونايتد سابقًا) موسمين رائعين (2023-2024) كانت لحظات ممتعة بشكل لا يوصف، فالفريق يقدم كرة قدم سلسة، ويمتلك قاعدة جماهيرية لا بأس بها".
وتضيف: "انضممتُ إلى الفريق اللندني مطلع 2023، وقدمت معهم أداءً فنيًا مميزًا؛ بتسجيلي 14 هدف في 28 مباراة، كان موسمًا رائعًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
ولمن لا يعرف، فرجبي برو، على الرغم من كونه فريقًا لا يتحلى بالزخم الجماهيري؛ لوقوعه غرب إنجلترا على بعد نحو 160 كم إلى شمال غرب العاصمة لندن، إذ لا تعد المدينة المتواجد فيها الفريق من المدن الجوهرية في البلاد رغم عراقتها؛ نظرًا لقربها من مدينة برمنغهام والذي يحظى فريقها هناك بشعبية جارفة مقارنة برجبي برو.
وأثناء فترة نشاط سارة برجبي برو، فإذ بها تتفاجئ بخبر تزيين المدرسة البريطانية بالرحاب جدرانها بصورتها، تقديرًا وعرفانًا من المدرسة للاعبة وطالبة المدرسة سابقًا، لما قدمته من تنمية وتطوير الكرة النسائية المصرية.
وعن هذا المديح تؤكد سارة: "عندما أنظر لهذا الثناء الكبير من قبل مدرستي، وما قدمته في الملاعب الأوروبية من نجاحات تلو الأخرى، تلوح إلى ذاكرتي ذكرياتي المثيرة إبان فترة صباي وبداية تعلقي بالرياضة بشكل عام، حيث كنتُ خلال هذه الفترة على بعد خطوات من احتراف كرة السلة، ولكن ما حدث كان مفاجأة".
ماذا حدث؟ تروي سارة..
عن بداية شغفها بالرياضة، تفتح الموهبة الشابة قلبها ل FilGoal.com: "كنت في البداية أهوى كرة السلة وأتخذ من صالات السلة الملاذ؛ للإفصاح عن موهبتي، ففي الحقيقة لم أكن موهوبة في كرة السلة فقط، إذ كنت أتمتع بكفاءة فنية جمة -حسبما وصفني المدربين- في ألعاب أخرى ككرة اليد والطائرة، وأبليتُ بلاءً حسنًا في كافة هذه الرياضات، ولكنني شعرتُ بأن طموحي فيهم محدود".
ومن هنا قررت سارة عصام التوجه إلى ممارسة كرة القدم، حيث كانت بالنسبة لها الرياضة الأكثر قربًا إلى قلبها.
وتوضح: "كنت أدرسُ بالمدرسة البريطانية بالرحاب وكانوا يعتمدون عليّ في بطولات المدارس، وبعد ذلك انضممتُ إلى أكاديمية أرسنال بالتوازي مع تواجدي في أكاديمية وادي دجلة".
الانضمام إلى وادي دجلة وتمثيل منتخب الفراعنة
وتضيف: "مطلع 2013 انضممتُ إلى أكاديمية وادي دجلة للسيدات بالرحاب، وكنت آنئذ في السنة الرابعة عشرة من عمري، ولم يمر سوى أشهر معدودات على تواجدي في الأكاديمية، وإذ بالمدير الفني الأسبق للفريق الدجلاوي آنئذ محمد كمال، يقرر تصعيدي إلى الفريق الأول (فرع المعادي)؛ لألعب في ذلك الوقت بالفريق الأول والناشئات تحت قيادة وسام عثمان".
وشاركت سارة عصام مع وادي دجلة خلال الفترة (2014–2017) في 50 مباراة سجلت خلالهم 30 هدف.
بعد مرور عام ونصف فقط من ظهور اللاعبة مع وادي دجلة، انضمت لصفوف الفراعنة وشاركت مع منتخب مصر تحت 17 عام في التصفيات الأفريقية المؤهلة للكان؛ لتخطو بذلك سارة أولى خطواتها مع المنتخب المصري.
وشاركت سارة عصام مع المنتخب المصري الأول ومنتخب تحت 17 عام، خلال الفترة (2014–2024) في 30 مباراة أحرزت خلالهم 6 أهداف.
أول مصرية تحترف في الملاعب الإنجليزية.. ومعضلة التوفيق بين الدراسة وكرة القدم
وضعت سارة عصام منذ ممارستها كرة القدم صوب أعينها على الاحتراف، إذ كانت تعلم أن الخطوة الأولى هي إثبات ذاتها في مصر -وهو ما حققته مع وادي دجلة- وبعد ذلك البحث عن فرص في الخارج، وبالفعل في عام 2017، سافرت إلى إنجلترا؛ لدراسة الهندسة المدنية في جامعة ديربي، وفي الوقت ذاته، خضعت لاختبارات في نادي ستوك سيتي، وتمكنت من اجتيازها والانضمام بشكل رسمي للفريق.
مثلت معضلة التوفيق بين الدراسة وممارسة كرة القدم تحديًا صعبًا أمام اللاعبة المصرية، لكنها تمكنت من التوفيق بين دراستها الهندسية بجامعة ديربى، وممارستها كرة القدم مع ستوك سيتي، وعن هذا التوازن تقول ل FilGoal.com: "حصلت على منحة دراسية في عامي الدراسي الأخير في الجامعة بعد فوزي بلقب هداف دوري الجامعات، وهذا منحني دافعًا للاستمرار في المجالين، كنت أضع جدولًا صارمًا بين التدريب والدراسة، وكنت أحيانًا أضطر للدراسة حتى وقت متأخر بعد المباريات".
وشاركت سارة عصام إبان فترة تواجدها مع ستوك سيتي الناشط بدوري الدرجة الثالثة الإنجليزي، مع فريق جامعة ديربي في دوري الجامعات خلال الفترة (2017–2020)، تمكنت خلالها من تسجيل 17 هدف في 25 مباراة.
كما وحصلت خلال فترة دراستها الجامعية على جائزة "Special Recognition Award" بعد التميز في دوري الجامعات البريطانية.
وعن فترتها مع ستوك سيتي، تتحدث سارة: "انضممتُ إلى ستوك سيتي الإنجليزي عام 2017؛ لأصبح بذلك أول مصرية وعربية تلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم للسيدات، وما لبثتُ حتى أظهرت جدارة كبيرة في مواسمي الأولى معهم، ليلمع نجمي؛ بحصولي على هدافة الفريق عام 2018 والذي أعده عامًا عظيمًا بالنسبة لي".
لماذا يعد عام 2018 استثنائيًا بالنسبة لكِ؟
لأن؛ في هذا العام "حصلت على جائزة أفضل امرأة عربية من مجلة لندن عام 2018، وتم اختياري ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم من نفس العام، سعيدة حقًا بهذه التكريمات الجلية التي حظيتُ بها".
وشاركت سارة عصام مع ستوك سيتي، خلال الفترة (2017–2021) في 61 مباراة أحرزت خلالهم 32 هدف؛ لتؤكد بذلك على أنها واحدة من أفضل اللاعبات العرب ممن سطرن تاريخًا بأحرف من ذهب في الملاعب الإنجليزية.
أول مصرية المنشأ تلعب بالدوري الإسباني
بعد خمس سنوات من الإمتاع الكروي بالملاعب الإنجليزية شدّت الدولية المصرية سارة عصام مطلع عام 2023 الرحال ورحلت صوب المحيط الأطلنطي عبر بوابة ألباسيتي الإسباني الناشط بدوري الدرجة الثانية؛ لتصبح أول مصرية المنشأ في الدوري الإسباني بعدما أن سبق وحققت الإنجاز ذاته في إنجلترا.
وتعدُ سارة أول مصرية مقيدة من الاتحاد المصري لكرة القدم تلعب في الدوري الإسباني.
وتحدثت سارة عن هذا الإنجاز: "انضمامي للدوري الإسباني كانت خطوة كبيرة في مسيرتي الكروية، فخورة أنني مثلتُ مصر والوطن العربي في إسبانيا".
وتابعت: "ما شدني في إسبانيا هي طريقة اللعب "تيكي تاكا" وهو مختلف تمامًا عن إنجلترا التي تعتمد أكثر على الكرات الطويلة".
وأضافت: "قدمت مع ألباسيتي موسمًا جيدًا، وكانت لحظة فارقة بالنسبة لي حين أوقعتنا قرعة الكأس أنئذ في مواجهة ريال مدريد في صدد الأدوار التمهيدية الأولى من البطولة".
"في هذه المباراة كنت أشارك في مركز رأس الحربة وكانت تلعب عليّ قائدة المنتخب الإسباني ولاعبة ريال مدريد في هذا الوقت إيفانا أندريس، ونعم لم يحافلنا الحظ في الفوز باللقاء ولكنني أظهرتُ خلال المباراة أداءً فعالًا للغاية".
وشاركت سارة عصام مع ألباسيتي الإسباني في عشر مباريات خلال موسم 2023 قدمت خلالهم أرقامًا جيدة على مستوى صناعة الفرص.
ويعد ألباسيتي من الفرق العريقة بالدوري الإسباني إذ خرج منه أسطورة برشلونة أندريس إنييستا وأسطورة ريال مدريد كيلور نافاس.
وسبق لفريق ألباسيتي التواجد في الدوري الإسباني الممتاز خلال الفترة من عام 2014 وحتى عام 2019.
والجدير بالذكر أن نادي الباسيتي كان قد احتفى بقدوم سارة عصام إلى صفوفه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة مختلفة وأضاف في فيديو تقديمها القدماء المصريين في المقدمة.
أول سفيرة مصرية لكأس العالم قطر 2022
تواجدت سارة عصام في كأس العالم "فيفا" قطر 2022، حيث تم اختيارها كسفيرة رسمية لكأس العالم بجانب أسطورة كرة القدم ديفيد بيكهام.
وكانت سارة هي المصرية والعربية الوحيدة التي حظيت بهذا اللقب من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وهو إنجاز استثنائي جاء بعد تجهيزها لهذا الدور لمدة عام كامل.
وعن هذا الإنجاز تقول ل FilGoal.com: "كان فخرًا بالنسبة لي بأن أنال شرف اتخاذي كسفيرة لمصر والعرب في هذا الحدث المونديالي الكبير قطر 2022".
وتضيف: "وشاركت أيضًا خلال هذا العام بالتعليق على كأس العالم مع فريق BBC".
بالحديث عن BBC فما قصة حبك للمجال الإعلامي؟
"لقد شاركتُ في تحليل العديد من البطولات مع قناة BBC، قبيل مشاركتي معهم بالتعليق على كأس العالم بقطر، إذ حظيتُ بفرصة تحليل كأس الأمم الإفريقية 2019، كما وكنتُ أول لاعبة مصرية تتعاقد مع شركة عالمية للمنتجات الرياضية، فكانت تجربة مذهلة أن أكون جزءًا من حدث عالمى، فالإعلام الرياضي مجال ممتع، ويعطيني فرصة لنقل خبراتي".
وأشارت سارة عصام إلى أن الاهتمام المتزايد بالرياضة النسائية في أرجاء العالم العربي، سجل نموًا ملحوظًا في العديد من الدول "لقد شهدت مشاركة السيدات في الأنشطة الرياضية بالدول العربية تطورًا كبيرًا، ما يعدُ مؤشرًا جيدًا على زيادة الوعي حول المساواة بين الرياضيين الرجال والسيدات، فكلاهما يمتلك القدرة على ممارسة الرياضة والعمل بجد للوصول إلى التميز، وتمثيل بلاده على أكمل وجه".
كرة القدم المصرية باتت تلاقي زخمًا إعلاميًا.. والأهلي تواصل معي أكثر من مرة
تغيرت كرة القدم النسائية في مصر رأسًا على عقب، خاصةً بعد دخول أندية كبيرة مثل الأهلي والزمالك إلى الساحة التنافسية المحلية رفقة مسار ووادي دجلة إبان منافسات الموسم المنصرم من بطولة الدوري.
وعن هذا التغير تقول سارة: "كرة القدم النسائية في مصر باتت تلقى زخمًا إعلاميًا عن ذي قبل؛ بدخول قطبي الكرة المصرية للصورة؛ مما أضفى على مسابقة الدوري مزيدًا من المتعة والإثارة".
وتضيف: "النادي الأهلي تواصل معي أكثر من مرة؛ للحصول على خدماتي، سواء قبل تكوين فريق السيدات أو بعد ذلك، كما وتلقيت عروضًا من وادي دجلة، لكنني أُفضل البقاء في الاحتراف؛ لأنني أشعر أنني ما زلت أحقق النجاحات وقادرة على الإعطاء".
والجدير بالذكر أن الفريق الأول لكرة القدم سيدات بالنادي الأهلي قد حصل في موسمه الأول ما بعد التكوين، على لقب كأس مصر لعام 2025، بينما ذهب لقب الدوري في نفس الموسم لفريق مسار.
وتختتم سارة عصام حديثها ل FilGoal.com بالحديث عن تجربتي صلاح ومرموش في الدوري الإنجليزي: "من غير السديد مقارنة بعض الجماهير تجربة صلاح بمرموش، فلكل منهما نشأة تختلف في فصولها عن الآخر".
وتؤكد: "دعوا المقارنات بعيدا، ودعونا نستمتع بما يقدمه الاثنين من نجاح باهر في الدوري الإنجليزي، ونعم مرموش قادر على تحقيق ما حققه صلاح؛ لأنه يملك بالعقلية، فإن وُجدت العقلية كان النجاح".