لم يصدق مشاهدو التليفزيون أعينهم وهم يرون فاروق جعفر يظهر على عدد من القنوات الأرضية والفضائية تقريبا بطريقة متزامنة ، فلم يكد الرجل يختفي من برنامج مباشر على القناة الفضائية المصرية قبل يومين حتى ظهر على الهواء أيضا في قناة "الجزيرة" الرياضية ، وهو ما تكرر على أكثر من شاشة في الفترة الأخيرة ودعا بعضهم إلى التندر بأن جعفر يقوم بأداء "شخصيتين" في الفيلم المآسوي الذي تجري أحداثه في نادي الزمالك! إلا أن هؤلاء ربما لا يدرون أن جعفر يبرع منذ زمن في أداء مثل هذه الأدوار التي تتطلب قيامه بشخصيات متباينة في وقت واحد وهي الموهبة التي أظهرها بجدارة في الأيام القليلة الماضية وتحديدا منذ بداية الموسم الجاري. فجعفر الذي ملأ الدنيا اعتراضا على إقالته معللا رفضه للقرار بأنه صادر عن قرار فردي من مرتضى منصور وليس عن مجلس الإدارة ، هو نفسه من رحب بقرار منصور "الفردي" بتعيينه مديرا فنيا للفريق في بداية الموسم بعد إقالة تيو بوكير الكوميدية بحجة التعادل مع الاتحاد. وقبل الإقالة ، عندما كانت العلاقة بينه وبين منصور على خير ما يرام ، لم يدخر جعفر جهدا في توبيخ لاعبيه بعد كل خسارة أو تعادل ، مؤكدا أنهم يجب أن يكونوا على مستوى المسئولية بعدما وفر لهم مجلس إدارة النادي كل عوامل النجاح.
وتصح بداية علاقة جعفر بمنصور نفسها لأن تكون أفضل مثال لإجادة مدرب منتخب مصر الأسبق إقناع الجميع بأدوار متناقضة ولكنه انقلب 180 درجة في مؤتمره الصحفي الأخير وهاجم تدخل منصور في التشكيل واشتكى من سوء البنية التحتية للنادي واتهم الإدارة بالتسبب في ما وصل إليه الحال من تدهور. وتصح بداية علاقة جعفر بمنصور نفسها لأن تكون أفضل مثال لإجادة مدرب منتخب مصر الأسبق إقناع الجميع بأدوار متناقضة إذ أن جعفر قضى فترة الإعداد لمجلس إدارة الزمالك مؤيدا للدكتور كمال درويش وقائمته بعد وعد من الأخير بتوليه مسئولية الفريق الأول في حالة نجاحه ، بيد أن ذلك لم يمنعه من أن يكون أول المهنئين لمنصور في السابعة صباحا يوم إعلان النتيجة بل والنجاح أيضا في الفوز بالمنصب نفسه حتى بعد أن تم الإعلان عن اختيار محمد صلاح مدربا للفريق! وإذا راجعنا تاريخ جعفر التدريبي - الذي لا يتضمن تحقيق أي بطولة كمدير فني - نجده حافلا بوقائع كثيرة في هذا السياق. فعلى سبيل المثال ، لم يكن توليه منصب المدير الفني لأسمنت السويس مانعا له من تولي تدريب الزمالك الذي سيواجه الأسمنت بعد أيام .. مثلما لم يكن إعلانه أنه متمسك بتدريب النادي الإسماعيلي قبل سنوات عائقا أمام توقيعه عقد تدريب فريق سعودي بعد مضى مرحلتين فقط على بداية الدوري المصري. وإذا كان حل مجلس إدارة الزمالك هو الحل في نظر البعض لإنقاذ النادي فإن رحيل جعفر وجهازه الفني لم يكن أقل أهمية لإنقاذ فريق الكرة وجماهيره الصابرة من مصائب أكثر كانت تنتظرهم في ظل القيادات المعزولة وإن ظلت تلك الجماهير في انتظار أدوار جعفر المقبلة.