مشهد رائع، 82 ألف فرنسي ومعهم ملايين خلف الشاشات يصفقون لفارسهم الأول ديميتري باييه الذي لم يستطع أن يمنع دموعه. باييه صاحب ال29 عاما والذي لعب للتو مباراته رقم 19 فقط مع الديوك ربما يتفاجئ الجميع من عمره ليتساءل لماذا ظهر لاعب وست هام متأخرا؟ .. باييه قدم موسما ممتازا مع وست هام في أول أعوامه بالدوري الإنجليزي ب12 هدفا و15 آخرين صنعهم لزملائه في جميع البطولات قدم بهم شهادة ميلاد جديدة للساحر الفرنسي. ربح باييه مقعدا أساسيا بسبب هذا الموسم في تشكيل منتخب بلاده ليسجل 3 أهداف في أخر 3 شهور من أصل 4 أحرزهم مع الديوك. نعود للتساؤل الأول لماذا ظهر باييه متأخرا؟ طفولة وشغب أفضل من يجيب عن تأخر باييه هو مدربه في فترة الناشئين، الكشافون في لوهافر الأكاديمية التي قدمت بول بوجبا ورياض محرز وغيرهم من اللاعبين الرائعين خطفوا باييه عام 1999 عندما كان في الثانية عشر من عمره. ويقول مايكل ليباييف مدربه في لوهافر لصحيفة ديلي ميل البريطانية "لقد جاء إلى هنا طفلا وكان يذهب لبيته في الأعياد والكريسماس فقط، وهذا أمر صعب أن تكون هنا بدون عائلتك". وأضاف "افتقر للنضج واقترف أفعالا سخيفة وطفولية وكان يتسبب في مشاكل كثيرة بالمدرسة، افتقر للصرامة والالتزام بكرة القدم في هذا العمر.. في الحقيقة هو لم يرتكب فعلا مشينا للغاية لكن هذه الأمور تكون تراكمية". وتابع "كان رائع فنيا لكنه كان مهووسا بالأهداف الجميلة، نحن نريد اللاعبين أن يستمتعوا باللعب لكنه كان يستمتع بالكرات الأكروباتية أكثر من اللازم". في عمر ال16 قرر لوهافر الاستغناء عن باييه لأكاديمية إكسلسيور، وكان هنا التأخر الأول للاعب عن باقي جيله كريم بنزيمة وسمير نصري وحاتم بن عرفة الذين فازوا بكأس أمم أوروبا للناشئين عام 2004 ولم يكن لاعب وست هام معهم. لعب ضد الرياح انتقل باييه إلى صفوف نانت بعدها وهي خطوة كبرى للاعب من أجل العودة لمضمار الزمن مع جيله. يقول ريني دينيه مدربه آنذاك في نانت "اليوم الذي شاهدته فيه لأول مرة كانت الرياح قوية وهي العدو الأول للاعب الكرة، لكنه فعل 3 أشياء ممتازة واغتمنت الفرصة لضمه". لكن التصرفات "الطفولية" لم تفارق باييه في نانت. تشاجر مع لاعب كبير بالفريق هو فابيان بارتيز حارس فرنسا الذي توج مع الديوك بكأس العالم 1998 ويورو 2000. سانت إيتيان بعد هبوط نانت انتقل باييه لسانت إيتيان وعانى كثيرا للعب أساسيا مع الفريق وما إن حصل على الفرصة بدأ في العودة لتصرفاته الطفولية من جديد. إذ سبق وأن تشاجر مع أحد زملائه في إحدى المباريات ولكمه في وجهه. هل تعرفون من هو زميله؟ بلايز ماتويدي لاعب وسط باريس سان جيرمان حاليا والذي يلعب في المنتخب الفرنسي منذ 2010 وخاض معه 43 مباراة. ماتويدي كان قائد الفريق ولكمه باييه في الوجه لينال انتقادات الجميع حتى زملائه واستبدل في المباراة بعد 30 دقيقة فقط. عام 2010 ارتبط اللاعب بالانتقال إلى باريس سان جيرمان في صفقة لم تتم، لكنه انتقل بعدها إلى صفوف ليل بطل الدوري آنذاك في خطوة كبرى للاعب. تطور بطيء يجب الإشارة أولا إلى أن باييه في 2010 فشل في اللعب بكأس العالم مع ريمون دومينيك في الوقت لكن على أي حال لم يستدعي أي لاعب من جيله وكانت نهاية الكثير من اللاعبين الكبار. يقول رودي جارسيا مدربه في ليل لصحيفة ديلي ميل "بالنسبة لي كان يلعب مباراة جيدة وأخرى سيئة، لكنه الآن بات يفهم أنه يجب أن تمنح 100% من مجهودك في كل مباراة". "تطوره كان بطيئا، مشكلته كانت الثبات والآن تغلب على ذلك". مارسيليا ودفعة بيلسا في عام 2013 انتقل باييه إلى صفوف مارسيليا العملاق في صفقة بلغت 11 مليون يورو، مع الأرجنتيني بيليسا المدير الفني للفريق آنذاك منح صانع ألعاب الفريق دفعة كبيرة جعلته في ثاني مواسمه أكثر لاعب يصنع أهدافا في الدوريات الأوروبية الكبرى بعد ليونيل ميسي. قبل أن ينتقل فيما بعد لوست هام وأنتم تعرفون البقية وما حدث معه. التأخر في فرنسا التذبذب الذي عانى منه باييه طوال مسيرته أبعد أنظار المدربين عنه خاصة في وجود أكثر من لاعب في مركزه يشارك باستمرار ويتألق مع ناديه. أيضا حتى بعد رحيل دومينيك وتولي ديشامب المسؤولية لم يكن باييه موفقا في تصريحاته بعد أن أشار لظلم المدير الفني له في تصريحات صحفية بعد أن ضم فالبوينا بدلا منه. لكن مستوى باييه هذا الموسم أجبر ديشامب على ضمه من جديد للمنتخب والدفع به أساسيا حتى انتهى به الأمر ليصبح بطل فرنسا الأول في ليلة العاشر من يونيو عام 2016. ربما لن يستمر باييه كثيرا مع المنتخب الفرنسي وربما لن يلعب لسنوات طويلة بقميص الديوك لكن بالتأكيد "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي".