(إفي): ينصب جل تركيز المنتخبات المشاركة في بطولة العالم لكرة اليد الرابعة والعشرين المقامة حاليا بقطر على تحقيق أفضل نتيجة ممكنة، فيما عدا فريق واحد يعود به خياله في كل لحظة إلى وطنه، من أجل موعد لا يزال يتبقى عام ونصف العام على حلوله. وفي مقابل اللعنة التي يبدو أنها قد أصابت المنتخب البرازيلي لكرة القدم، بطل العالم خمس مرات، فلا تجعله يفوز بالميدالية الذهبية لدورة الألعاب الأوليمبية، هناك نوع من التركيز يسود أفراد فريق البلاد لليد تجعله يوجه كل جهوده إلى الموعد المرتقب في دورة "ريو 2016". ولتحقيق الأماني منتصف العام المقبل، سلمت البرازيل "يدها" إلى المدرب الإسباني المحنك جوردي ريبيرا، في ولاية ثانية، على أمل أن يتمكن الفريق من معادلة الإنجازات الكبيرة لرجال القدم وسيدات اليد. ويحاول المدرب الإسباني في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) في الدوحة، الفصل بين طبيعة ولايتيه: "أعتقد أن المرحلة الأولى كانت إلى حد ما استكشافية لما يمكن القيام به في البرازيل، خاصة في بداياتها، لتحديد طريقة العمل والتعرف على وضع اللعبة هناك". في تلك الحقبة التي بدأت قبل أقل من عقد، أقر ريبيرا استراتيجية لبدء العمل "بدأنا بوضع سلسلة من الأنشطة، وأطلقنا مشروعا تضمن كل القطاعات من ناشئين وشباب وكبار، من أجل وضع ما يشبه السجل للعبة ووضعنا أنشطة تمكنا من العمل معهم جميعا". في تلك المرحلة كان الهدف مختلفا، لكن الحقل كان هو نفسه الآن "وضعنا هدفا يتمثل في التأهل إلى دورة بكين. كان يفترض أن تنتهي مهمتي بنهاية دورة الألعاب الأمريكية، ولم نتوصل أنا والاتحاد البرازيلي لاتفاق وتلقيت وقتها عرضا لتدريب ليون نادي الدرجة الأولى في إسبانيا، وفي العام الأخير الذي كان يشهد الإعداد النهائي للدورة الأوليمبية، اتصل بي الاتحاد للجمع بين العملين، وفي النهاية انتهت مهمتي عقب الدورة الأوليمبية". قبل سبعة أعوام في العاصمة الصينية، أحرز المنتخب البرازيلي المركز الحادي عشر أوليمبيا. ليست مكانة مشجعة لكنها كذلك ليست محبطة بالنظر إلى تاريخ البلاد مع اللعبة، لكن المهم أنها مثلت رحيل ريبيرا عن الفريق. يوضح المدرب "بعد ذلك جاءت حقبة أخرى خلفني فيها (مواطنه) جارسيا كويستا، لم يتحقق وقتها هدف التأهل إلى الدورة الأوليمبية في لندن 2012 ، ليفاتحني الاتحاد في العودة". وربما كانت المهمة واحدة، لكن بين محاولة التأهل، والسعي إلى الظهور بشكل مشرف بحكم التأهل المضمون نظرا لأنك البلد المنظم قد يختلف الأمر إلى حد ما: "لدى عودتي كانت الفكرة هي نفسها العمل مع كل القطاعات ووضع مشروع شامل لكرة اليد للرجال هناك، وكان وقتها من الضروري تجديد دماء الفريق نظرا لوجود لاعبين من الصعب عليهم الاستمرار حتى دورة ريو". كانت أول بطولة كبيرة للفريق في الحقبة الثانية لريبيرا هي مونديال إسبانيا 2013 ، حيث تضمن الفريق لاعبين لم يكن قد سبق لهم اللعب في كأس العالم، والنتيجة جاءت جيدة جدا: احتل الفريق البرازيلي المركز الثالث عشر، بعدما خسر في دور ال16 بفارق هدف وحيد أمام روسيا العريقة. يقول المدرب الإسباني "تزامن ذلك مع مشاركة منتخبي الناشئين والشباب في بطولتي العالم لهاتين المرحلتين السنيتين، وحققا نتائج جيدة حيث احتلا المركزين السادس والتاسع على الترتيب. في ذلك الحين قمنا بضم لاعبين من هذين المنتخبين إلى الفريق الأول وبدأنا إعداد مشروع ريو 2016". لكن ريبيرا المولع بالتفاصيل يرفض الإفراط في التفاؤل "أعتقد أن التفكير بأننا سنجني ثمارا في ريو 2016 يدل على قصور محدود التفكير للغاية. علينا الانتظار بعض الشيء". وليس أدل على ولع الرجل بعمله من الخطة التي وضعها بعد المونديال الماضي، من أجل الإعداد للحالي ثم الأوليمبياد "سافرت إلى 23 ولاية (من أصل 27 في البرازيل) من أجل العمل مع المدربين والبحث عن مواهب جديدة والقيام بأنشطة تساعد في انتقاء أفضل العناصر والاختيار فيما بينها". ويضيف بشيء من الفخر "من كل هذه الأنشطة التي قمنا بها مع قطاعات الناشئين، ومن بين قائمة الفريق ال16 الموجودة في البطولة الحالية، خرج 11 لاعبا من تلك المعسكرات، التي أقيمت سواء في مرحلتي الأولى أو الثانية. أخرجت لاعبين مثل الأعسر (جوزيه) توليدو والمدافع جواو (بدرو سيلفا). إنهما لاعبان عمرهما 21 عاما، انضما إلى هذه الأنشطة، تلك المعسكرات الفنية، مطلع 2013 كجزء من مجموعة تتضمن 120 شخصا ومروا بمراحل عديدة حتى وصلا إلى هنا". لكنه سرعان ما يستعيد نبرته الحذرة "الحديث هنا عن مواهب واعدة تفتقد إلى الخبرة، ينتظر أن تستفيد من الخبرات التي تحصل عليها هنا، ليكونوا بالطبع لاعبين متميزين في المستقبل. لكن التفكير بأنهم في سن الثانية والعشرين سيكون لديهم المستوى الذي يمنحهم التألق في بطولة كدورة الألعاب الأوليمبية يعني تحميلهما مسئولية ثقيلة بعض الشيء". والدليل موجود. فأن تكون متقدما على إسبانيا في المونديال القطري قبل عشر دقائق من النهاية وتخسر، فذلك يعني "أننا ارتكبنا أخطاء لم يكن يجب علينا الوقوع فيها. أهدرنا فرصا سانحة للغاية و(الحارس الإسباني خوسيه) سييرا كان متألقا للغاية، وأنت لا تدري من سيكون موفقا المهاجم أم الحارس. المهم أننا قد صنعنا فرصا حقيقية أمام المرمى. أعتقد أننا لو وفقنا فيها لفزنا في النهاية". ويوضح "ما الذي ينقصنا؟ ربما النضج، الحاجة إلى عدم ارتكاب أخطاء ساذجة في بعض الأحيان مثل التسبب في طرد لدقيقتين دون داع، وكيفية الثبات أمام لاعبين أبطال عالم يلعبون في أفضل أندية أوروبا. وهي الخبرة التي تظهر في أصعب الأوقات من المباريات". ورغم ما تنطوي عليه المهمة من أهمية، لا يزال هناك شيء يفتقده ريبيرا "من المهم للغاية بالنسبة للمدرب العمل اليومي. مع الأندية تخوض نحو 300 جلسة تدريبة كل عام، فضلا عن قرابة الستين مباراة. مع المنتخبات يكون المعدل أقل بكثير حيث يصل إلى 15 أو 16 مباراة. من المؤكد أن مقعد المدرب بحاجة إلى الصقل والمداومة أيضا، وأن ذلك لا يرفع من مستوى اللاعب وحده، وإنما المدير الفني كذلك". وفي ظل ما يلقاه فريقه من إشادة، لا يرفض ريبيرا إمكانية التدريب مستقبلا في المنطقة العربية، رغم أنه لا يتابع منتخباتها في هذه البطولة "لم أتابع الفرق العربية كثيرا، فيما عدا قطر التي واجهتها. عقدي مع البرازيل ينتهي في 2016 عقب الأوليمبياد، وبعد ذلك سيكون لدي حرية التفكير في الخطوة المقبلة".