ساكنا، يراقب إبنه تييري وهو يداعب الكرة في أحد الأحياء الفقيرة في باريس – نعم باريس ليست اللوفر والشانزلزيه فقط، وللتأكد من كلامي شاهد فيلم District B13 – وقف أنتوني هنري، بينما يعمل عقله كمحرك سيارة مفكرا في ماذا عليه أن يفعل ليكون مصير فلذة كبده أفضل منه. شاهد ايضا * رونالدينيو يوجه رسالة إلى هنري بعد اعتزاله * بعد الاعتزال.. هنري أغلى محلل في العالم * الكشف عن - عندما رفض هنري اللعب كمهاجم لأنه " لا يعرف كيف يس... * بالفيديو - FilGoal.com يودع هنري على طريقته * الكشف عن - استمتاع هنري بمشاهدة حسام حسن في مونديال 90 اتخذ أنتوني القرار مع بلوغ تييري السابعة من العمر، فألحقه بنادي محلي يدعى ليس أوليس، وهو الأمر الذي لم يأت على هوى الفتي الأسمر الصغير، فهو يحب كرة القدم ولكنه لا يريد التقيد بمواعيد تدريبات وواجبات خططية ومثل تلك الأمور. اضطر الأب للتعامل بصرامة، مجبرا تييري على طاعة أوامر مدربه والالتزام، تلك الصرامة التي تحدث عنها الغزال الفرنسي في حوار مطول أجراه مع صحيفة جارديان. أنتوني لعب دورا بارزا في حياة الهداف الفرنسي، فهو لم يكن فقط يحارب عناد واستهتار صبيه، بل كان أيضا يقاتل لإقناع ماريليس والدة تييري بأن كرة القدم هي مستقبل ابنهم، في ظل قلقها الكبير من انشغاله بالكرة على حساب المذاكرة خاصة وأنها كانت تريده طبيبا تأثرا بقصة طبيب القلب الأمريكي الأسمر الشهير بين كارسون. ظل تييري يلعب كهاو لسنوات عديدة، قبل أن تلتقطه أعين الكشاف الفرنسي أرنولد كاتالانو في ال13 من عمره، حينما شاهده يحرز ستة أهداف في فوز فريقه المحلي – فيري شاتيلون – خلال أحد المباريات بنتيجة 6-0، لتبدأ الرحلة الاحترافية. جمع الكرات تألق تييري مع موناكو وقاد الفريق لتحقيق لقب الدوري وأصبح في عام 1996 أفضل لاعب شاب فرنسي، معلومات كلها معلومة لمشجعي النجم الفرنسي ومحبي أرسنال، ولكن إثبات الذات كان صعبا على الغزال الذي بدأ مسيرته الاحترافية كجناح ملتصق بالخط بسبب صرامة الكبار في التعامل معه. ويقول هنري: "كانت مهمتي مع موناكو إمداد المهاجمين بالكرات العرضية، خلال التدريبات، حينما كنت أرسل عرضية غير متقنة للثنائي سوني أندرسون ومايكل مادير، كان يطيح بالكرة خارج ملعب التدريب، ومن الذي كان يركض ليحضرها؟ نعم أنا وصديقي ديفيد تريزيجيه". الصرامة في التعامل ظلت تواجه تييري الذي يؤكد أن سلاحه لمواجهتها كان "الالتزام بالأوامر مع ابتسامة خفيفة على وجهي". ومع انضمامه لمنتخب فرنسا لخوض نهائيات كأس العالم 1998 وجد اللاعب الشاب نفسه مطالبا بإبهار مدربه الذي راهن عليه إيمي جاكيه، مع لاعبين كبار مثل مارسيل ديساييه وزين الدين زيدان ويوري دجوركاييف وليزارازو... والصعب ليليان تورام. ويحكي تييري هنري أن ليليان تورام أو – توتو – كما بات يناديه، كان الشخص الأكثر تعاملا بصرامة معه، ويقول الفائز بالمونديال مع الديوك: "كان صارما للغاية في التعامل معي، يتعامل معي بخشونة ويتحدث معي بلهجة لا تقبل المزاح، خلال التدريبات خلال المباريات في كل وقت، لقد ساعدني بأسلوبه على إثبات قدراتي والنجاح فقط من أجل تفادي صرامته، وأنا الأن أشكره كل يوم". ولا ينسى هنري مدربه في موناكو الشهير تيجانا، ويقول: "حتى بعد أن أصبحت فائزا بالمونديال، عمل تيجانا على كسر الغرور بداخلي، كان يجعلني أحمل أدوات التدريب والكرات بل وأحيانا حقائب اللاعبين الكبار. وتابع هنري "حينما كان يراني أخصع لجلسة تدليك، كان يصيح في وجهي". يقول تيجانا لهنري: "لماذا أنت هنا؟ أترك هذا المكان للاعبين القريبين من الاعتزال، أنت صغير لا يلعب سوى عدة مباريات في الدوري وتريد الخضوع للتدليك؟ إهبط إلى الملعب وتعرض للضربات والشد العضلي حتى تصبح لاعبا بحق)، ساعدني كثيرا على إدراك أنك مهما حققت هناك المزيد لم تحققه". طالب مجتهد قبل صناعة أسطورته الخاصة في أرسنال، انتقل هنري ليوفنتوس الإيطالي، اللعب كجناح في الكالتشيو لم يجعله يتألق مكتفيا بالمشاركة في 16 مباراة وتسجيل ثلاثة أهداف في موسم كامل. وقبل نهاية الموسم بفترة، هاتفه مدربه السابق أرسين فينجر ليخبره بأنه سيجلبه إلى الدوري الإنجليزي وتحديدا إلى أرسنال، ليكشف الغزال عن ميزة أخرى في شخصيته، فهو يعلم نفسه بنفسه. يقول هنري: "خلال الفترة من مكالمة فينجر وحتى الانضمام لأرسنال، قمت بمذاكرة أسلوب لعب المدفعجية، أخبرني فينجر بأنه ينوي الاعتماد علي كمهاجم استغلالا لما أسماه بهدية الله وهي سرعتي". وكشف هنري عن مشاهدته لشريط فيديو جميع أهداف إيان رايت أسطورة أرسنال ال185 قبل الانتقال لهايبري، قام باستذكار أسلوب لعبه، طريقة ركضه، كيفية إنهائه للهجمات، قام بتعليم نفسه كيف يعود لمركز المهاجم الذي كان يفضله في طفولته بعد سنوات من اللعب الاحترافي كجناح. ويقول هنري عن الانضمام للمدفعجية: "كان بمثابة حلم، فأنا مشجع لأرسنال، حتى خلال سنوات لعبي مع الفريق، كنت أفكر كمشجع أغضب كمشجع أفرح كمشجع، أرسنال هو الحب الحقيقي بالنسبة لي". وكان هنري يتواجد في غرفة خلع الملاعب قبل مباراة مع أرسنال بساعتين، يفكر في كيف سيحرز الأهداف؟ كيف سيقود فريقه للفوز؟ كيف سيسعد تلك الجماهير التي يعتبر نفسه واحدا منها وليس مجرد لاعب في فريقهم يتغنون بإسمه ويحبونه. أينشتاين "لا يصمت أبدا، يحب دائما الحديث عن كل شيئ وأي شيئ، سياسة فن كرة قدم، يريد أن يعلم كل ما يدور حوله وأن يجعل المحيطين به على علم بما يدور حولهم"، قالها سول كامبل نجم دفاع الجيل الذهبي لأرسنال كاشفا عن جانب أخر من جوانب شخصية الغزال تييري هنري. دائما ما يتسم بقدر من الثقافة على عكس الصورة السائدة عن لاعبي كرة القدم، يحب القراءة كثيرا في كاقة المجالات، وهو الأمر الذي جعل كل من زامله يشيد بقدرته على اتخاذ القرارات المناسبة. بداية مع موناكو، مغادرة يوفنتوس قبل أن ينهار مستواه، الاستفاقة وكتابة التاريخ مع أرسنال، الانتقال إلي برشلونة في خطوة عارضها الكثيرون قبل أن يثبت صحة قراراه بتحقيق الثلاثية، حتى اللعب في أمريكا كان خطوة ناجحة لتييري هنري. يقول عنه مايك بيتكي مدربه في نيويورك ريد لولز :" الحديث مع تيري هنري عن الكرة يشبه الحديث مع ألبرت إينشتاين عن الفيزياء، إيجاد من يعوضه يقترب من المستحيل، أمريكا ممتنة له، فقد ساهم باللعب هنا على زيادة شهرة الكرة الأمريكية وجعلها محط أنظار العالم". تييري هنري دائما ما يفكر جيدا قبل كل خطوة، وهو ما ظهر خلال أحد اللقاءات الصحفية التي أجراها بعد قراره بترك نيويورك ريد بولز، حيث سأله أحد الصحفيين هل تفكر في العودة لأرسنال مجددا، فأجاب الغزال "لن أكون روكي أخر، الجميع يعشق الجزء الأول من تلك السلسلة الشهيرة لسلفستر ستالون، لكنني لست واثقا إن الجميع يحب الجزء الأخير". جوردان الذكاء هو سر الاستمرار في النجاح، وأيضا لاعب كرة السلة الأشهر في التاريخ مايكل جوردان، الذي تأثر له تييري هنري كثيرا في الأيام الأخيرة من مسيرته. يقول هنري "دائما ما كنت حريص على أن أصنع الأهداف لزملائي وليس إحرازها، والسبب هو إيماني بإنني يوما ما لن أكون قادرا على الأداء مثل البدايات، ووقتها سأكون في حاجة لمساعدة من حولي". ويضيف الغزال "مايكل جوردان لاعب كرة السلة الشهير والذي كان يسجل أكثر من 60 نقطة في كل مباراة خلال بداية مسيرته، مع تقدمه في العمر حرص على زيادة مهاراته في التمرير، ليظل نجما في أعين الجماهير وزملائه الذين حرصوا أيضا على إنجاحه واستمراره لأطول فترة ممكنة". "البقاء في الملاعب محافظا على مستواك القوي لأطول فترة ممكنة هو الجائزة الأكبر، ولكن لتحقيق ذلك عليك أن تتفادى الإصابات وتسير وفقا لنمط حياتي صحي، لا تشرب الخمور لا تدخن لا تفوت موعد التدريبات وخاصة تدريبات اللياقة، والأهم أن تتحلى بالذكاء وأن تستمع لنصيحة ليليان تورام بأنه يجب أن يكون هدف هو تحقيق أفضل ما يمكنك أن تحققه وأن لا تشعر بالرضا عنك ما حققته أبدا". وفي نهاية تلك المسيرة الصعبة التي بذل خلالها تييري هنري الجهد والعرق وتعرض خلالها للعديد من الانكسارات والإصابات، وحقق الكثير من النجاحات ربما تكون تلك الجملة التي سمعتها من صديقي الإنجليزي حينما تحدثنا عن اعتزال هنري صباحا ردا على قولي له بإن هنري أسطورة ما ينقصها فقط كان الحصول على لقب أفضل لاعب في العالم. ويرد هنري "لا يهم عدم حصوله على جائزة الأفضل، فهو ليس بحاجة لجائزة حتى يكون الأفضل"، خاصة وأن هنري نفسه أكد على أن أهم نجاحاته ليست بطولة ولا هدفا بل مثلما قالها لصحيفة ليكيب "أن لا تنساني الجماهير".