قضايا الدولة تنظم دورة تدريبية لأعضائها في التحول الرقمي    جامعة سوهاج تطلق ندوة لتعريف منسوبي الجامعة بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة    رئيس الوزراء يتفقد مصنع المصرية لبلوكات الأنود الكربونية بالسخنة    سلام مؤقت أم صراع متجدد؟ تايلاند وكمبوديا وجدل المعبد الحدودي.. هدنة ترامب لا تكفي    إعلام عبري: وزير جيش الاحتلال زار المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    انطلاق مباراة بيراميدز والتأمين الأثيوبي في دوري أبطال إفريقيا    مصطفى أبو زهرة بعد اختياره عضوا برياضة الشيوخ: سيناء ستكون وجهة أول زيارة للشباب الرياضيين    رفض طعن سعد الصغير على حكم حبسه في قضية حيازة المخدرات    الأرصاد: طقس مائل للحرارة غدًا على معظم أنحاء الجمهورية    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الصحة: إنشاء مركز إسعاف متكامل وتطوير مستشفى التأمين الصحي بقنا    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تفاصيل صادمة في واقعة المتهم بتعذيب زوجته.. و11 قرارًا لمجلس جامعة برج العرب    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    التنسيقية تشارك في فعاليات الاحتفالية الكبرى "وطن السلام"    وزير الخارجية ونائب الرئيس الفلسطيني يناقشان التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة    أموال المخدرات.. حبس المتهم بقتل زوجته بتعذيبها وصعقها بالكهرباء في الإسكندرية    تأجيل محاكمة 6 متهمين بخلية داعش المعادي لجلسة 15 ديسمبر    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    وزير الثقافة: نولي اهتماما كبيرا بتطوير أكاديمية الفنون ودعم طلابها    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    الحضور الرسميون فى مئوية روزاليوسف    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    قبل الكلاسيكو.. القلق يسيطر على معسكر برشلونة بسبب يامال    محافظ الجيزة: صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    وزير المالية: «بنشتغل عند الناس.. وهدفنا تحسين حياتهم للأفضل»    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بحفل كامل العدد.. صابر الرباعي وسوما يقدمان ليلة طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيادى منشق عن «الأسد»: هرّبت 1400 وثيقة من القصر الجمهورى تكشف تورط «الأسد» فى زرع الفتنة بين السوريين
الوثائق تتضمن معلومات عن عدد المظاهرات والمتظاهرين والجرحى والقتلى والمعتقلين
نشر في الوطن يوم 14 - 12 - 2012

شاب يبلغ من العمر 25 عاماً استطاع أن يخدع نظاماً يرى فى نفسه أنه الأقوى والأذكى فى مواجهة شعب خرج لينادى بالحرية، فما كان منه إلا أن قصف شعبه بالدبابات والطائرات وراجمات الصواريخ، استطاع الشاب أن يخترق القصر الجمهورى لبشار الأسد ورجالاته ليصبح المدنى الوحيد بين عشرات الضباط ممن أوكلت لهم مهمة إدارة خلية الأزمة السورية التى أسسها النظام فى أبريل 2011، أى بعد نشوب الثورة السورية ب15 يوماً.
دخل الشاب إلى عرين «الأسد»، فى القصر الجمهورى، وتولى منصب مدير مكتب البيانات والمعلومات فى الخلية المركزية لإدارة الأزمة لمدة قاربت ثمانية أشهر ليهرب بعد ذلك ب1400 وثيقة عن ممارسات الأسد القمعية ضد المدنيين التى كان أبرزها محاكمة المدنيين عسكرياً لمشاركتهم فى المظاهرات ووثائق لم ينشرها بعد أن طلبت منه المحكمة الجنائية الدولية عدم عرضها على الإعلام حتى لا تفقد قيمتها القانونية.
«الوطن» التقت بعبدالمجيد بركات، مدير مكتب البيانات والمعلومات فى الخلية المركزية لإدارة الأزمة فى القصر الجمهورى وممثل اتحاد تنسيقيات الثورة الثورية فى المجلس الوطنى ومدير الهيئة العليا للإغاثة السورية فى حلب.. وانفردت معه بهذا الحوار:
* كيف استطعت الوصول للقصر الجمهورى؟
- أنا تخرجت فى كلية العلوم السياسية جامعة دمشق وحاصل على ماجستير فى العلاقات الدولية، وعلى هذا الأساس تقدمت للقصر الجمهورى فى بداية أحداث الثورة السورية بناءً على طلب من أحد أصدقائى يعمل داخل القصر بأن هناك شيئا يسمى خلية إدارة الأزمة تأسست مع بداية الثورة السورية فى أبريل 2011، فتقابلت مع أمين السر فى الخلية ويسمى اللواء صلاح الدين النعامى وتحدثت معه عن إمكانية الالتحاق بالخلية.
والمشكلة الوحيدة التى واجهتنى هى أن سجلى الأمنى كان سلبياً، لأننى سبق اعتقالى من قبل أثناء مشاركتى فى مظاهرات داخل الجامعة فحاولت من خلال الشخص الذى كان يعمل داخل القصر وطلب منى التوظف فى الخلية إصلاح الأمر وتحويل ملفى الأمنى من سلبى لإيجابى ونجحنا فى ذلك وقبلونى فى الوظيفة.
* ما الهدف الذى كان يريده بشار الأسد من إنشاء خلية كهذه؟
- بدأت العمل بعد أسبوع من إنشاء هذه الخلية، وكان الهدف منها إدارة الأزمة أمنياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وتضم أكبر ضباط سوريا سواء على المستوى الأمنى أو العسكرى أو السياسى، ويرأسها سعيد بخيتان الأمين القُطرى المساعد بالإضافة إلى 10 ضباط معروفين فى سوريا منهم آصف شوكت نائب رئيس الأركان فى الجيش السورى، وعلى مملوك مدير مكتب الأمن القومى، وجميل حسن مدير المخابرات الجوية، وعبدالفتاح قدسية رئيس شعبة المخابرات العسكرية، وحسن تركمان نائب القائد العام بالجيش والقوات المسلحة ووزير الدفاع السورى.
كانت الخلية وقتها لا تضم أى موظف مدنى سواى واختيارى جاء بعد اختبارى أمنياً وتقنياً، وبدأ عملى فى مكتب إدارة المعلومات والبيانات فكان أى شىء يدخل الخلية أو يخرج منها لا بد أن يمر على هذا المكتب لدراسته جيداً وجدولة البيانات بشكل كامل ثم رفعها لأمانة السر.
* وماذا كانت تفعل أمانة السر بالتقارير التى ترفع إليها؟
- كانت الأمانة تدرس هذه التقارير وتحدد المعلومات والبيانات التى ستناقش خلال الاجتماع الذى يعقد فى ال7 من مساء كل يوم مع قادة خلية الأزمة، بالإضافة للضباط الذين ذكرت أسماءهم، وكان ماهر الأسد من الشخصيات التى تحضر الاجتماع لكن بشكل غير دائم (أسبوعى أو شهرى) للاطلاع على آخر تطورات الأوضاع.
* ما الآلية التى كانت تعتمد عليها الخلية فى جمع المعلومات والبيانات عن الأزمة؟
- المعلومات كانت تأتينا من خلال التقارير التى ترفعها جميع أفرع الأمن الجوية والسياسية والمخابرات العسكرية بشتى المحافظات، ومن أكثر من 19 فرعا أمنيا بشكل يومى فى ال9 صباحاً، ثم تدرس وتبوّب وتؤرشف، لاقتراح الحلول وطرق المعالجة ومن ثم رفعها لأمانة السر التى تعيد صياغة التقرير وعرضه على القادة فى اجتماع ال7 مساء لأخذ القرارات اللازمة، قبل رفع التقرير النهائى للقصر الجمهورى للرئيس مباشرة فى ال12 مساءً، إما يضيف عليه قرارات أو يحذف، وصباحاً توزع على جميع الجهات المنفذة، كل منها فى اختصاصه.
* هل العمل فى الخلية يكون بشكل مركزى؟
- خلية إدارة الأزمة مركزية ومقرها دمشق، ولها أفرع فى جميع المحافظات، والخلايا الفرعية ترسل الخطط والقرارات والاقتراحات للخلية المركزية وأحياناً كان هناك بعض الضباط الذين ذكرت أسماءهم يتسلمون ملفات محافظات بعينها، فمثلا آصف شوكت كان يتسلم ملف «حلب» لفترة من الفترات، وعلى مملوك كان يتولى ملف «حمص».
* كيف كان القصر الجمهورى يستقبل الثورة السورية؟
- كانت الأوضاع ليست على ما يرام، فكل المكاتب تعمل ليل نهار، ولم يكن أحد يعرف بوجود شىء اسمه «مكتب خلية إدارة الأزمة»، إلى أن هربت من القصر الجمهورى وظهرت فى وسائل الإعلام، وأفصحت عنها، وكان الضباط فى الخلية ربما يبيتون لأيام فى القصر، فمثلا سعيد بختيان سبق أن بات لمدة أسبوع، بالإضافة إلى بعض الضباط الذين كانوا يعملون 24 ساعة يومياً.
* ذكرت أن ماهر الأسد كان أحياناً يحضر اجتماعات خلية الأزمة السورية.. فماذا كانت انطباعاته تجاه ما يحدث فى سوريا؟
- أولا أنا لم أكن أحضر الاجتماعات لأنها كانت مغلقة، ودورى يقتصر على دراسة وتحليل المعلومات والبيانات ووضع مقترحات وحلول للأزمة، لكن حضور شخصية مثل ماهر الأسد إلى القصر الجمهورى كان يتطلب بقاء كل الموظفين فى أماكنهم وعدم السماح لهم بالخروج إلا بعد رحيله بل وإغلاق شبابيك وأبواب مكاتبهم.
فماهر الأسد كان شخصا دمويا جداً وله طبيعة مميزة، وكان لا يحضر الاجتماعات إلا فى حالة اتخاذ قرارات مهمة، وكانت قرارته تكون بشكل انفرادى، حتى الفرقة الرابعة التى يرأسها كانت منفصلة عن قيادة الجيش السورى وهيئة الأركان، وهو الذى يتولى تنفيذ العمليات الصعبة مثل اقتحام درعا فى بداية الثورة.
* هل كان يؤخذ بتوصياتكم؟
- للأسف لا.. كانت أغلب القرارات أمنية وعسكرية، وهذا نابع من طبيعة تكوين الخلية التى لا يوجد بها أساتذة وخبراء متخصصون فى إدارة الأزمة وإنما ضباط أمنيون وعسكريون حتى بعد أن تولى حسن تركمانى إدارة الخلية قال إن الحل سيكون عسكريا فقط.
* ما نوعية المعلومات التى كنتم تركزون عليها فى الخلية؟
- خلية إدارة الأزمة كانت تستقبل يومياً تقارير من 4 مستويات رئيسية وهى فرع حزب البعث والمخابرات الجوية والمخابرات العسكرية والأمن السياسى، بالإضافة إلى تقرير من وزارة الداخلية، وكانت هذه التقارير تشمل الأحداث اليومية التى تقع فى سوريا وتوقيت حدوثها بالساعة والدقيقة والثانية وكيفية التعامل معها، حتى أسماء المعتقلين والجرحى تذكر أسماؤهم، وكانت التقارير إذا جمعت تتعدى ال150 صفحة.
وكانت بعض هذه التقارير مثيرة للضحك، فمثلا إذا كبّر شخص داخل مسجد فإنهم يذكرون اسم الشخص والمسجد ودقيقة التكبير ثم يذكرون أنه ألقى القبض عليه، وعندما بدأت الثورة فى التسليح بدأت تأتينا تقارير من هيئة أركان قيادة الجيش تشرح الظروف العسكرية والاشتباكات التى تدور فى حمص ودرعا ودير الزور وريف دمشق.
* ما أكثر المدن التى كان يقلق منها النظام السورى فى حال سيطرة الثوار عليها؟
- منذ بداية الثورة كانت دمشق وحلب تشكل قلقا أساسيا للنظام، فحلب يتركز فيها أكثر من نصف السكان فى سوريا، وبها أغلب النشاط الاقتصادى، والمدينتان كان يتعامل معهما النظام حتى قبل خروج الثورة بأهمية كبرى، وللعلم وصل عدد الشبيحة فى حلب إلى 300 ألف شبيح، وفى دمشق 500 ألف شبيح وعنصر أمنى؛ لأنهم يدركون أن خروج دمشق وحلب عن السيطرة سيسقط النظام.
* الاقتراحات والتوصيات التى كانت ترفعها الخلية للرئيس الأسد.. هل كان يأخذ بها؟
- كانت دائماً أمانة السر تطلب منا دراسات عن كيفية التعامل مع الأزمة وإمكانية فرض حل سلمى أو مصالحة لكنها لم تكن جدية، فكثيراً ما تقدم اللواء صلاح الدين النعمانى أو صلاح الشرح باقتراحات لحل الأزمة فى درعا، لكن كانت دائماً الحلول عسكرية فإذا كتب الشخص اقتراحا سلميا أو علميا لحل المشكلة كان يُستهزأ به.
* وماذا عن التقارير المعلوماتية التى كانت تصل لإدارة الأزمة بخصوص حمص؟
- حمص كبقية المحافظات، كانت ترفع منها تقارير عما يدور بها، لكن وضع حمص كان حساسا جدا لأنها قريبة من المناطق العلوية، وكانت المدينة مقسومة بين سنة وعلويين، وكانت القرارات الصادرة عن خلية إدارة الأزمة تقضى بقطع الكهرباء والماء والأدوية عن «السُّنة الثائرة»، لزرع الفتن بين أهالى المدينة الواحدة، حتى المظاهرات التى كانت تخرج فى حمص اندسوا وسطها ليرددوا هتافات طائفية، ومنها رفع أعلام إسرائيل، وكانت كتيبة من كتائب الفرقة الرابعة تندس داخل المظاهرات لرفع أعلام إسرائيل وتهتف هتافات طائفية حتى يظهروا للعلويين بأن هذه المظاهرات خرجت ضدهم وليست لإسقاط نظام بشار.
وبالفعل صدر قرار بتهجير أو ترحيل أهالى حمص السنة وتركوا المناطق العلوية، كما هى، وكان مسئول ملف حمص على مملوك وهو معروف بشخصيته الدموية منذ أكثر من 30 عاماً هو المسئول عن اقتحام عملية باب عمرو والخالدية، وصدر قرار من القصر الرئاسى بحرق حمص وكل شىء فيها حجر وبشر وحتى هذه اللحظة ما زالت المدينة محاصرة.
* متى قررت الانشقاق عن الخلية والهروب بوثائق خلية إدارة الأزمة خارج سوريا لفضح جرائم الأسد؟
- منذ عملى داخل الخلية فى الشهر الرابع كنت من مؤسسى اتحاد التنسيقيات بدمشق فى المنطقة الشرقية بالتحديد، وكنا ننسق خروج المظاهرات فى دوما ودرعا وحرستا، وعندما اقترحت عليهم موضوع الخلية قالوا أنت الوحيد المؤهل لدخولها، ومن ثم كان عملى فى الخلية يساعدنى على مد التنسيقيات بالمعلومات الكافية لدرجة كانت تصل إلى عقد اجتماعات مع أصدقائى فى التنسيقية داخل مكتبى فى القصر لأنه ما دمت أنا فى القصر فأنا شخص مؤيد وغير قابل للشك.
وكنا نتواصل مع المعارضة الخارجية ونرسل لهم تقارير عن الأوضاع، بالإضافة للتقارير التى كنا نرسلها لوسائل الإعلام المختلفة، ومن ثم بدأ التشكيك فى عملى منذ شهرى الثامن فى 2011 واستدعانى رئيس الخلية بختيان وحقق معى، وطلب منى مغادرة مكتبى لمدة 10 أيام إلا أن العميد حسن التركمانى طلب منى العودة مرة أخرى لأنهم لا يريدون عمل شوشرة حول موضوع الخلية لأنه لا أحد يعرف شيئا عنها.
وبالفعل عدت إلى عملى وكنت أرسل معلومات للثوار وأبلغهم بالأماكن التى سُتقتحم أو تُقصف، فكان قادة الخلية يشعرون بأن عملياتهم فى دمشق وريفها لا تؤتى بأى نتائج، وعندما كانوا يتقحمون منطقة لا يجدون بها نشطاء للاعتقال، فعاودوا الشك بى، وكان ذلك فى بداية 2012، وعينوا سكرتيرة لى فى المكتب تراقبنى بشكل دائم وتبحث فى أجهزة الكمبيوتر والأوراق.
وعرضت الموضوع على أصدقائى فنصحونى بالخروج، كما أن أحد القادة الموجودين بالخلية الذى سهل دخولى إليها أصر على مغادرتى فأتيت يوم جمعة إلى القصر وكان يوافق 6 فبراير 2012 أنا وأحد أصدقائى وفتحنا المكاتب وأخرجنا حوالى 1400 وثيقة ثم سافرت من دمشق لحلب ومنها إلى تركيا.
* كيف استطعت الخروج بهذا العدد الكبير من الوثائق؟
- خرجت من القصر بطريقة طبيعية، لأنه لا يوجد كاميرات، كما أن الأمن يعرف أننى أعمل داخله، ومن ثم فأنا شخص موثوق فيه، وعندما دخلت إلى حلب قابلتنى مشكلة الحواجز الأمنية فمررت بها بشكل طبيعى أيضاً لأنهم اعتادوا خروجى بالوثائق، وعندما وصلت لحلب ذهبت إلى الشخص الذى كان سيساعدنى فى الخروج من سوريا إلى تركيا وبقيت أمامنا مشكلة كيفية إخفاء الوثائق، خصوصاً أن معبر السلامة الحدودى لم يكن محرراً بعد فاقترح علىّ هذا الشخص أن ألصق جميع الوثائق على جسدى وأرتدى ملابس ثقيلة فوقها حتى لا تظهر وبالفعل مررت على المعبر وجرى تفتيشى ولم يجدوا شيئاً.
* ما أبرز الوثائق التى قررت أن تلتقطها من مكتب الخلية؟
- كان نفسى آخذ وثائق أكثر من ذلك ولكن ما استطعت حمله فعلاً هو ال1400 وثيقة.
* تقريباً ما عدد الوثائق الموجودة فى المكتب؟
- يوجد مكتب بالكامل للوثائق وربما يصل عددها بالملايين، فالمكتب تحول إلى ديوان مؤرشف والوثائق التى حصلت عليها كنت أضع علامات عليها.
* ما نوعية الوثائق التى كنت تقصدها؟
- كانت متنوعة بين ملفات من وزارة الداخلية وكلها موقعة ومختومة بالختم الأخضر، بالإضافة لوثائق من مجلس الوزراء وخلية إدارة الأزمة والأمن السياسى والمخابرات الجوية و4 أو 5 وثائق من الرئيس فيما يخص المحاكمات الميدانية.
* ماذا حدث بعد أن علمت الخلية بهروبك إلى تركيا؟
- اتصلوا بأقاربى فى سوريا وطلبوا منهم التواصل معى وعودتى مرة أخرى، وكان حسن التركمانى وعلى مملوك يتخوفون من حدوث ضجة إعلامية حول موضوع خلية الأزمة ووقتها لم أكن خرجت على الإعلام لفضح موضوع خلية الأزمة السورية، ورفضت العودة لأن ذلك معناه الانتحار.
* ما أكثر وثيقة لفتت نظرك بين ال1400 وثيقة؟
- من وجهة نظرى يوجد الكثير من الوثائق التى تمس النسيج الاجتماعى للبلاد فيها فتن طائفية وزرع فتن بين أبناء المدينة الواحدة، وهذه الوثائق بالنسبة إلينا مهمة لأنها تثبت مدى طائفية هذا النظام، بالإضافة إلى وثائق تخص المحاكم الميدانية ومنها وثيقة موقعة من رئيس خلية إدارة الأزمة تنص على إلقاء القبض على أى شخص موقع على تعهد بعدم التظاهر فى دير الزور يحال مباشرة إلى محاكمة ميدانية عسكرية، هذه الوثيقة مهمة للمحكمة الجنائية الدولية التى رفعت لها تقريرا مرفقا معه صورة من هذه الوثائق.
* هل حصلت على رد من المحكمة بشأن هذا التقرير وهذه الوثائق؟
- لا، لم أحصل على رد، ولكن تواصل معى عدد من المحامين الدوليين بشأن هذا الموضوع وأظن أنهم سينظرون فى القضية بعد سقوط النظام، كما أنهم طلبوا منى عدم خروج بعض الوثائق إلى الإعلام حتى لا تفقد قيمتها القانونية.
* الآن أنت مسئول عن مكتب الهيئة العليا للإغاثة السورية.. فكيف وصلت لهذه الهيئة وما عملك بها؟
- جرى تأسيس هذه الهيئة منذ عام وشهرين فى مدينة اسطنبول التركية، وأنا لم أكن من المؤسسين، فمن أسسها هو الشيخ محمد على الصابونى، وأحمد الصابونى، وكان لها مراكز عدة فى انطاكية وكلس واسطنبول فى تركيا، ووادى خالد فى لبنان، وفى الأردن، لكن فى الفترة الأخيرة وبعد تحرير جزء كبير من سوريا طرحت نقل مكتب الهيئة للأماكن المحررة، فتمت الموافقة على نقلها إلى ريف حلب.
* ما طبيعة الدعم الذى تقدمة الهيئة للشعب السورى؟
- يختص عمل الهيئة بالجانب الإنسانى من خلال توفير مساعدات إغاثية من ملبس ومأكل وتوفير خيام للنازحين والجرحى، ومن أهم الأعمال التى تؤديها الهيئة علاج الجرحى السوريين عندما نخرجهم إلى أى دولة لا بد من توفير جهة تتكفل بعلاجهم فضلا عن أنها تعمل على توفير الحاضن الاجتماعى للجيش الحر لأن إدارة المناطق المحررة لا تقع فقط على عاتق الجيش الحر فقط، وتعمل الهيئة أيضاً على دعم المجالس العسكرية من خلال تقديم دعم إعلامى لهم ومدهم بأجهزة وكاميرات وحواسب إلكترونية وأجهزة لاسلكى حتى يتواصلوا مع الإعلام بشكل كبير.
* ما مصادر تمويل الهيئة؟
- موضوع التمويل صعب جداً، ونحن نعانى من عدم وجود جهات ثابتة للتمويل، فمثلا نعتمد على المغتربين السوريين وجمعيات الإغاثة الكبيرة خصوصاً فى تركيا، لكن لا يوجد أى مصدر مستمر لهذا التمويل ونحاول بقدر الإمكان استمراره من خلال المغتربين السوريين فى دول الخليج وأوروبا.
* هل توجد إحصائيات بأعداد الشهداء أو المنكوبين خلال أحداث الثورة السورية؟
- توجد إحصائيات كثيرة لمراكز تابعة للثورة السورية، وأخرى صادرة عن منظمات دولية تشير إلى أن متوسط عدد الشهداء فى سوريا حتى الآن وصل إلى 43 ألف شهيد، بالإضافة إلى 150 ألف مفقود، ونحن حتى هذه اللحظة نعد المفقودين ضمن الشهداء لأننا لا نعرف عنهم شيئاً حتى الآن ونتوقع أننا سنفاجأ بأرقام كثيرة ربما تصل إلى مئات الألوف من الشهداء بعد إسقاط النظام.
*ما الرسالة التى تحب أن توجهها كهيئة إغاثة إلى الدول العربية؟
- رسالتى أريد توجيهها إلى جميع الحكومات العربية وهيئات الإغاثة للإسراع فى عملية إغاثة الشعب السورى، فسوريا كلها منكوبة، ليس فقط حمص أو حلب، ولا بد من سرعة التوجه بعمل إغاثى فعال وحقيقى للتأثير على الأرض، وأيضاً أتوجه برسالة للمجلس الوطنى والمعارضة الموجودة بالخارج أن يمارسوا معارضتهم وعملهم من داخل الأراضى السورية لأن هناك جزءا كبيرا من الأراضى محررا، وسيكون دوره فعالا داخل سوريا أكثر، ونحن لسنا بحاجة لهيئات ومؤتمرات ومجالس فى الخارج، نحن نستطيع أن نجتمع ونقرر ونعارض فى الداخل، فحلب حالياً أصبح 80% من أراضيها محررا، ولماذا لا يصدر من حلب حكومة حقيقية، ولماذا نبحث دائماً عن حكومة لنا فى المنفى؟ عار على المعارضة وعلى المجلس الوطنى عندما يفكر فى تشكيل حكومة له فى المنفى وأغلب أراضى حلب محررة.
نريد التأكيد على أن الشرعية التى أخذها المجلس الوطنى من الشعب السورى أخذها بصفة شخصية اعتبارية وليس شرعية للأشخاص الذين يشكلون هذا المجلس، وعليه أن يسارع ويكون على قدر المسئولية وأن يحقق أهداف ومطالب الشعب السورى، ونحن فى الداخل تخوفنا من إنشاء أى مجلس وطنى أو أى مجلس للمعارضة لأن الأمر سيزيد الشرخ بين صفوف المعارضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.