هذه المعركة الدائرة الآن على كل شبر من أرض الوطن هى معركة لن تأتى بفائز كامل، ومهزوم كامل. إنها معركة صفرية، سوف يدفع ثمنها الشعب كله بكل طبقاته وأطيافه وانقساماته السياسية والاجتماعية والدينية. نحن فى مصر أمام 3 احتمالات لا رابع لها -فى حدود تصورى- هى: 1- أن يتم الاستفتاء على الدستور لصالح تيار الإسلام السياسى بنسبة ساحقة، ويكون ذلك هو بداية انكسار المعارضة وبدء فرض منظومة سياسات ومؤسسات جديدة وبدء فصل من السيطرة السياسية اللانهائية. الاحتمال الثانى: أن تنجح المعارضة للاستفتاء، ما يعنى إسقاطه عبر الصندوق الانتخاب،ى ويكون ذلك بداية عصر كسرت فيه المعارضة نظام الحكم وبدأت فى تأسيس علاقة «توازن» غير مسبوقة فى تاريخ مصر على أساس مبدأ مشاركة لا مغالبة. الاحتمال الثالث: هو فوز أى من الطرفين بنسبة محدودة مع استنفار شديد فى الشارع استعداداً لمعركة المعارك وهى البرلمان. هذا الاحتمال سوف يمد من أمد الصراع السياسى والمتصاعد ويزيد من حالة «بقاء التوتر على حاله» مع احتمالات التصعيد التى قد تصل إلى العنف. فى كافة الاحتمالات لن يستريح الفائز ولن يستسلم المهزوم. فى كافة الاحتمالات لن يحدث استقرار سياسى أو هدوء نسبى فى حركة القوى السياسية يمهد لأى استثمار أجنبى قادم أو مساعدات دولية مقبلة. فى كافة الاحتمالات لن يطمئن الناس على حالهم وعلى حال البلاد والعباد، وسوف تزداد حالتا الاحتقان الاجتماعى والاحتجاجات الفئوية فى كافة مجالات العمل وكل مؤسسات الدولة. ما دام لا يوجد «عقد سياسى اجتماعى» فيه حالة من الرضاء والتراضى بين الحاكم والمحكوم وبين الأغلبية والقوى الأقل غلبة منها، فإن «نار التسخين» السياسى سوف تستمر داخل الوطن بشكل ينذر بالانفجار! وأعتقد أن من يؤمن بأن الذهاب إلى الصندوق الانتخابى وحده هو الحل فهو مخطئ. هناك فارق بين صندوق انتخابات تنافسية بين أفراد فى انتخابات برلمانية ورئاسية يختلفون حول برامج ووعود مختلفة، وبين دستور يحدد علاقة الحاكم بالمحكوم ويحدد مبادئ الحقوق والواجبات للمواطنين. فى الحالة الأولى، الصندوق هو -بالتأكيد- الحل، أما فى حالة الدستور فالتوافق -وحده- هو الحل.