قبل أن نعرف ماذا فعل الرجل بعد طرده من شركته (أبل) وهو ما تحدثنا عنه فى المقال السابق، علينا أن نعرف قصته مع التكنولوجيا وقصة تأسيسه لشركته التى صعد بها إلى عنان المجد وهو ما سنعرض له اليوم وعبر المقالات المقبلة. فى عام 1960، قررت أسرة ستيف جوبز أن تنتقل إلى مقاطعة سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، تلك المقاطعة التى بدأ تطويرها عام 1959(بعد إطلاق الروس لقمر إسبوتينيك -1)، لتصبح وادى السليكون الأمريكى (معقل التكنولوجيا)، وهو الأمر الذى جعله قريباً من شركات التكنولوجيا هناك، مثل: أنتل وهيوليت باكارد (HP). وفى عام 1968 أثناء دراسته الإعدادية فى سن الثالثة عشرة، قابل أستاذ الإلكترونيات جون ماكولام الذى اكتشف تفرد جوبز الفكرى، وبدأ تشجيعه على عمل مشروعات تعليمية إلكترونية، فبدأ شغف ستيف بالإلكترونيات إلى الحد الذى دفعه للاتصال ببيل هيويلت(مؤسس هيوليت - بكارد) شخصياً ليطلب منه إمداده بقطعة تساعده فى قياس سرعة الومضات الكهربية، ليستطيع إنجاز مشروع دراسى كلفه به أستاذه. ولأن العظماء دائماً يرون التفرد فى بعضهم، فقد جذبت المكالمة الكبير للصغير، ودعاه للحصول على تدريب صيفى فى مصنعه وهو ما فتح طريقه للتعرف عام 1969(من خلال جار وصديق مشترك هو بيل فرنانديز) على ستيفن وزنياك (عرف باسم ووز)، ذلك الشخص الذى غير مجرى حياة جوبز لاحقاً. كان وزنياك مجنوناً بعشقه للإلكترونيات أكثر حتى من جوبز الذى كان دائم القول «لم أستطع يوماً أن أقارب كفاءة ووز فى هندسة الإلكترونيات». أثناء عمل جوبز عام 1974 بشركة أتارى لألعاب الفيديو (التى التحق بها فى عامها الثانى من خلال إعلان فى صحيفة محلية ليكون الموظف الأربعين بها)، كان وزنياك يعمل فى هيوليت - باكارد التى كانت تصمم لوحات إلكترونية وأجهزة حاسب كبيرة وهو ما صقل خبرة وزنياك فى تصميم الإلكترونيات. فى ذلك الوقت كان هناك حلم عالمى بتصميم جهاز حاسب شخصى مناسب، وذلك بعدما ابتكر مصمم واعد من شركة إنتل (تيد هوف) أول معالج صغير فى العالم (Intel 4004 Microprocessor) فى عام 1971 ثم معالج إنتل8080 عام 1974. لكن كل المحاولات لم تكن ناجحة للافتقار إلى برامج حقيقية لهذا المعالج، إلى أن طور له بيل جيتس وصديقه بول آلان (مؤسسا شركة ميكروسوفت) أول مترجم للغة البيسك. هنا قرر وزنياك أن يبنى لنفسه أول حاسب شخصى حقيقى فى التاريخ باستخدام معالج MOS 6502 وأدوات برمجة ميكروسوفت ثم عرضه على صديقه جوبز الذى أقنع ووز بفكرة التربح من الجهاز بدلاً من مجرد استخدامه شخصياً، فقرر الاثنان إنتاج هذا الجهاز بشكل تجارى من خلال شركة يؤسسانها فى جراج منزل والدى جوبز. هنا تبدأ قصة تأسيس شركة أبل، التى سنعرض لها لاحقاً إن شاء الله.