يواصل المتمردون الحوثيون مواجهة الآلة العسكرية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، بعد عام من سيطرتهم على العاصمة اليمنية، و6 أشهر من نزاع يدفع فيه المدنيون ثمنا باهظا. وفي 21 سبتمبر، سيطر الحوثيون على مقر الحكومة في صنعاء، مستفيدين من دعم أو تواطؤ من قسم كبير من الجيش اليمني، الذي ظل مواليا للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وأتت السيطرة على صنعاء، بعد حملة توسعية انطلق فيها الحوثيون الذي ينتمون إلى المذهب الزيدي الشيعي من معاقلهم في صعدة بشمال البلاد، وسيطروا فيها على معاقل خصومهم التقليديين في شمال صنعاء. وبعد مرور عام، ما يزال الحوثيون يمسكون بزمام الأمور في العاصمة، رغم الغارات اليومية التي يشنها طيران التحالف وخسارتهم في جنوب البلاد، لا سيما طردهم من عدن، ثاني أكبر مدن البلاد. وقالت مؤسسة فرسيك ميبلكروفت للأبحاث ومقرها بريطانيا، في تقرير خاص، إن انهيار الميليشيا الشيعية ليس حتميا أو مرجحا على المدى المتوسط، كما أشار التقرير إلى إمكانية التوصل لاتفاق مصالحة تعيقها "الهوة الكبيرة" بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا، التي اضطرت للانتقال إلى الرياض، وتعود حاليا تدريجيا إلى عدن. وبسيطرتهم على صنعاء، أطلق الحوثيون رصاصة الرحمة على العملية السياسية الانتقالية التي ولدت خلال احتجاجات الربيع العربي، وكانت تهدف إلى اعتماد نظام سياسي اتحادي جديد، يأخذ بعين الاعتبار مطالب الجنوبيين المطالبين بالحكم الذاتي أو الانفصال. وفي الظاهر، شكل الحوثيون جزءا من العملية السياسية، لكن خصومهم يؤكدون أن المتمردين المدعومين من إيران، على الأقل سياسيا، كان يعملون سرا للسيطرة على اليمن برمته، ونفذوا "انقلاب" بكل معني الكلمة في صنعاء. وبرر الحوثيون تحركهم الميداني الذي أطلقوا عليهم اسم "ثورة"، بمحاربة الفساد ومواجهة تمدد تنظيم القاعدة، الذي استفاد من ضعف السلطة المركزية في البلاد، لبسط نفوذه على مناطق واسعة من البلاد. وتحالف الحوثيون مع عدوهم السابق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي وبالرغم من تخليه عن السلطة بموجب اتفاق لانتقال السلطة بعد 33 عاما في سدة الحكم، ظل يتمتع بنفوذ كبير في الجيش، والأمن ويطمح بالحفاظ على سلطته في البلاد. وبعد صنعاء، سرعان ما تمدد الحوثيون باتجاه الجنوب ووصلوا إلى عدن، التي كان الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي أعلنها عاصمة مؤقتة للبلاد، وانتقل إليها من صنعاء، ومع وصول المتمردين إلى عدن، أطلق تحالفا عربيا بقيادة السعودية، في 26 مارس الماضي، عملية عسكرية ضد الحوثيين، ودعما لشرعية هادي الذي انتقل للرياض. وتحولت العملية التي كانت جوية في بدايتها، إلى برية مع مشاركة آلاف الجنود، لا سيما من دول الخليج، في المعارك ضد المتمردين دعما لقوات هادي على الأرض، وتم طرد الحوثيين من عدن ومعظم الجنوب.