أكد الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، أن البرنامج الوطني الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي يقوم على عدد من المحاور الرئيسية؛ تتمثل في الدفع بمعدلات النمو الاقتصادي والتنمية، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة بما يدعم توفير التمويل المطلوب لهذا البرنامج، كذلك تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي من خلال تنفيذ إجراءات إصلاح لها طبيعة هيكلية، وتحسين مناخ الاستثمار وإجلاء سيادة القانون مع تطبيق أطر الحوكمة الحصيفة ومحاربة الفساد. وقال قنديل، خلال كلمة له عقب اجتماعه مع وفد البعثة الفنية لصندوق النقد الدولي، إن الحكومة بدأت بالدفع بالاستثمارات الحكومية وزيادتها بمعدلات مطردة لتصل إلى 55.6 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري، أي بزيادة 52% عن العام السابق، مع الدفع بعدد من المشروعات الخدمية الهامة تحت مظلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خاصة في مجالات مياه الشرب والطرق والصحة وإعادة تدوير المخلفات الصلبة، وذلك بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة بناء الثقة وجذب الاستثمارات الخاصة بصفتها القاطرة الرئيسية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية. وأكد قنديل أن طموحات الشعب المصرى لتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية كبيرة، وهو ما يستدعي اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة توزيع الموارد المتاحة بصورة أفضل لصالح الفئات الأقل دخلا، مضيفا أن هذا ما يحمله جوهر البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار حقوق الأجيال القادمة في ثروات مصر وضرورة الحفاظ عليها بكل الصور من الاستنزاف غير المبرر والاستهلاك المبالغ فيه. وقال إن الحكومة بدأت بالفعل اتخاذ خطوات عملية لتوفير الموارد المالية المطلوبة لزيادة الإنفاق على برامج البعد الاجتماعي، من خلال الاعتمادات الموجودة بموازنة عام 2012/2013، وعلى رأسها معاش الضمان الاجتماعي، حيث تسعى الحكومة لزيادة عدد المستفدين إلى 1.5 مليون مستفيد مع نهاية عام 2012/2013، ثم إلى مليوني مستفيد مع نهاية العام المالي 2013/2014، مع تحقيق زيادات سنوية في قيمة المعاش وإحياء برنامج التدريب التحويلي كداعم مهم لتدريب الشباب وإعادة تأهيلهم بالتعاون مع القطاع الخاص، وزيادة مخصصات الأدوية للعلاج المجاني للفقراء ومحدودي الدخل، وزيادة مخصصات صندوق تطوير العشوائيات وكذا مخصصات إسكان محدودي الدخل والقروض الميسرة ومخصصات الصحة والتغذية المدرسية، وسيتم زيادة هذه الاعتمادات سنويا بصورة استثنائية، علاوة على الزيادات السنوية الطبيعية، وتمويلها من خلال الوفورات التي ستحققها برامج ترشيد الإنفاق العام وتطوير المنظومة الضريبية. ويأتي على رأس هذه الإجراءات ترشيد دعم الطاقة، والذي تبلغ موازنته أكثر من 180% من مخصصات التعليم و430% من مخصصات الصحة. وأكد رئيس الوزراء أن تحقيق الاستقرار المالي يعد أولوية قصوى لعمل الحكومة، حيث سيتم تطبيق برنامج لخفض العجز الكلي بالموازنة العامة والدين تدريجيا خلال السنوات المقبلة، حيث تم الاتفاق على أن تصل نسبة العجز الكلي إلى الناتج المحلي إلى 8.5% مع نهاية العام المالي 2013/2014، وهو ما سيحقق انخفاضا في معدلات الدين إلى الناتج المحلي لنحو 70% في العام المالي 2016/2017. وقال إن العبء الأكبر لهذا البرنامج من الإصلاحات سيتحمله الأغنياء وذوو الدخول المرتفعة، في حين أنه بدأ إعداد مجموعة تعديلات ضريبية تحقق زيادة صافي الدخول لمحدودي الدخل مع الزيادة التصاعدية في الهيكل الضريبي، بحيث يتم تمويل العبء الأكبر لذوي الدخول المرتفعة ولكن مع الحفاظ على الحد الأعلى للضريبة عند 25%، مع خضوع الشركات لسعر موحد للضريبة عند 25% بدلا من شريحتين ودون زيادة في الحد الأعلى لسعر الضريبة، وذلك مراعاة للضغوط الاقتصادية الحالية، كما سيتم توسيع القاعدة الضريبة وبذلك يتم توزيع العبء الضريبي على المجتمع بصورة أفضل وبعدالة أكثر، مشيرا إلى أنه ستبدأ عملية إصلاح شاملة في مصلحة الضرائب بهدف تدعيم الإدارة الضريبية ورفع كفاءة التحصيل ومحاربة التهرب الضريبي والإعداد للانتقال للضريبة على القيمة المضافة بشكل كامل في عام 2014، مع تبسيط الإطار التشريعي لصالح المجتمع، وهو ما سيسمح أيضا لدافعي الضرائب بخصم الضريبة على مدخلاتهم بصورة أكثر عدالة. وفي نفس السياق، أشار قنديل إلى أن مصر تواجه فجوة تمويلية، وهو ما يتطلب إعداد برنامج اقتصادي وتنموي متعدد المحاور، مع دعوة المجتمع الدولي بما في ذلك صندوق النقد الدولي لتدعيمه سياسيا وماليا وفنيا، وذلك للحفاظ على احتياطي مصر من النقد الأجنبي وإعادة بناء ذلك الاحتياطي تدريجيا ليصل إلى 19 مليار دولار مع نهاية العام المالي المقبل، وكذلك معاودة استقطاب الموارد والاستثمارات الأجنبية بما يحقق خفض معدلات الفائدة وتكاليف التمويل على مؤسسات القطاع الخاص، وهو ما يزيد من قدرتها التنافسية.