ودع أسرته فى الفيوم.. حضر إلى مدينة 6 أكتوبر فى الجيزة.. قرابة ساعة تفصل بين قريتهم وبين المدينة التى يعمل فيها سائق توك توك.. كان حريصاً أن يذهب إلى بلدته كل أسبوعين ويلتقى والديه وأشقاءه ويقدم لهم ب«رضا وفرحة» أموالاً من عرق جبينه.. الأسبوع الماضى لم يتمكن أحمد ابن ال15 عاماً من الذهاب لأسرته وإعطائهم أموالاً.. «أحمد» ذهب إلى مكان آخر.. ذهب إليه ب«الإكراه» مضطراً.. حين استدرجه 4 لصوص لسرقة التوك توك.. وفى منطقة صحراوية كتبوا السطر الأخير فى حياته.. الشرطة توصلت إلى جثمان «أحمد» وضبطت المتهمين وأحالتهم إلى حسام نصار، رئيس نيابة حوادث جنوبالجيزة. المشهد الأول: عقارب الساعة تشير إلى الساعة التاسعة صباح يوم السبت 15 أغسطس، درجة الحرارة كانت مرتفعة جداً، إلا أن «أحمد» لم يتردد فى النزول والعمل فى هذه الظروف القاسية.. استقل التوك توك الذى يعمل عليه وتوجه إلى السوق القديمة بالحى السادس بمدينة 6 أكتوبر، بحثاً عن قوت يومه وعن أموال يدخرها لأسرته فى نهاية كل أسبوع.
المشهد الثانى: «أحمد» يقف أمام محل لبيع الفاكهة، وفى الجهة المقابلة يقف 4 شباب ويدور بينهم حديث لا يسمعه غيرهم ويتابعون تحركات الضحية، لفت أنظارهم أن سائق التوك توك جسده نحيل وفى لحظات اتفقوا على جريمتهم والتخلص من الشاب، وفى دقائق معدودة وضعوا الخطة. أربعة قتلوا سائق «توك توك» ب10 طعنات وتفاوضوا مع صاحبه لدفع 5 آلاف جنيه المشهد الثالث: توجه الأربعة إلى «أحمد» وطلبوا منه توصليهم إلى مساكن الأمل، اتفقوا معه على إعطائه مبلغ 15 جنيهاً مقابل توصيلهم، وافق الضحية، وانطلق بصحبتهم وأثناء سيرهم على طريق الواحات وبالتحديد بالقرب من وصلة دهشور، قام أحد المتهمين بشل حركة الضحية، وأوقفوا التوك توك، وتعدوا عليه بالضرب حتى فقد الوعى، وضعوه فى التوك توك ودخلوا مسافة كبيرة فى المنطقة الصحراوية وأوثقوه من يديه وقدميه.. أحدهم وضع قطعة قماش على فم الضحية، وسدد زميله 10 طعنات فى جسد الضحية وتركوه غارقاً فى دمائه ومكبل اليدين والقدمين تحت أشعة الشمس الحارقة، وتمكنوا من الهرب إلى الفيوممسقط رأسهم ومعهم حصيلة الجريمة وسببها الرئيسى.. معهم التوك توك.
المشهد الرابع: مر ثلاثة أيام على اختفاء الضحية.. أسرته فقدت التواصل.. لم تستطع أن تصل لمعلومة واحدة عن أحمد وأين ذهب.. وأين التوك توك.. وهل تعرض لمكروه.. ولماذا أغلق هاتفه المحمول؟.. وبدأت رحلة البحث فى المستشفيات وفى أقسام الشرطة. وفى 18 أغسطس الحالى تم العثور على الجثة.. سائق كان يمر بالمصادفة هناك وشاهد الجثة ملقاة وأبلغ قوات الشرطة، وانتقل فريق من المباحث تحت قيادة اللواء مجدى عبدالعال، مدير الإدارة العامة للمباحث، والعميد محيى سلامة رئيس المباحث الجنائية لقطاع أكتوبر، والعميد رجب غراب مفتش مباحث جنوبالجيزة، والمقدم فوزى عامر، رئيس مباحث أكتوبر، وبصحبتهم فريق من نيابة حوادث جنوبالجيزة تحت رئاسة حسام نصر مدير نيابة الحوادث، والمعمل الجنائى والطب الشرعى، تبين من خلال المعاينة أن الضحية مصاب بعدة طعنات فى مختلف أنحاء جسده وكدمات وسحجات فى مختلف أنحاء جسده، وبدأ فريق البحث فى نشر صورة الضحية، لكشف هويته، بعد أن تبين أن الجناة استولوا على حافظة نقوده وهاتفه الشخصى أثناء ارتكابهم الواقعة.
المشهد الخامس: هنا بدأت معالم الجريمة وخيوطها فى الظهور.. ولكنها خيوط قطعها تساهل رئيس مباحث مركز الفيوم.. اتصال من مجهول لصاحب التوك توك، يطلب منه مبلغ 5 آلاف جنيه، مقابل إعادة التوك توك مرة أخرى له، وعندما سأل صاحب التوك توك عن «أحمد» رد عليه ذلك الشخص المجهول «ماعرفش حاجة.. وتعالى فى مركز الفيوم علشان تاخد التوك توك»، وافق صاحب التوك توك، واتفق مع الخفراء وتم عمل كمين للمتهمين، وأثناء تسليمهم المبلغ، تم ضبط المتهمين الأربعة، وتوجهوا جميعاً إلى مركز الفيوم، وتم تحرير محضر أحوال بسرقة التوك توك، وأقر آنذاك صاحب التوك توك باختفاء «أحمد» الضحية الذى كان يقود التوك توك، ولكن رئيس المباحث لم يهتم وحرر محضر أحوال بالواقعة، ولم يذكر فى المحضر أى معلومة عن اختفاء الضحية.
المشهد السادس: بعد 4 أيام من التحقيقات مع المتهمين الأربعة، فى نيابة مركز الفيوم، تم إخلاء سبيل المتهمين بكفالة مالية، لم يعترفوا بارتكاب جريمة القتل أو يتحدثوا عنها، وفى هذا التوقيت توصل فريق من مباحث الجيزة إلى هوية الضحية، واتصل والد الضحية بمالك التوك توك، الذى أخبره بما حدث، وتفاصيل القبض على الأربعة متهمين فى مركز الفيوم، انتقل فريق من مباحث الجيزة، إلى مركز الفيوم، وعقب الاستعلام عن المتهمين تبين إخلاء سبيلهم، وتوجه عدد من قيادات مديرية أمن الجيزة، بشكوى إلى اللواء كمال الدالى، مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام، ضد رئيس مباحث مركز الفيوم، وتمت إحالة رئيس المباحث للتفتيش لعدم اهتمامه بتفاصيل الواقعة والاكتفاء بتحرير محضر أحوال، وبدأت رحلة البحث عن المتهمين.
المشهد السابع: فريق البحث بدأ فى فحص عدد من المشتبه فيهم والتشكيلات العصابية الموجودة فى منطقة أكتوبر والفيوم، وتوصل إلى تحديد هوية المتهم الرئيسى فى الواقعة عن طريق هاتف الضحية، وتبين اختباؤه داخل شقة بالفيوم، وانطلقت قوة من المباحث بقيادة المقدم فوزى عامر رئيس المباحث، وتم ضبط المتهم وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة، واعترف على باقى الشركاء وتمكنت القوات من ضبط باقى المتهمين، وأمر اللواء طارق نصر بتحرير محضر بالواقعة، وأخطر المستشار ياسر التلاوى، المحامى العام الأول لنيابات جنوبالجيزة، وباشر التحقيقات مع المتهمين فريق من نيابة حوادث جنوبالجيزة، تحت رئاسة حسام نصر، مدير نيابة الحوادث، وقررت النيابة حبس المتهمين 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بعد أن سجلت النيابة اعترافات المتهمين بالصوت والصورة، ومن المقرر إحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية العاجلة.المتهمون الأربعة اعترفوا بارتكاب الجريمة.. قالوا «إن الضحية توسل إليهم كثيراً.. بكى وقال: خدوا التوك توك وسيبونى.. إحنا خفنا يدل علينا أو يبلغ.. كتفناه بحبل.. الحبل ده جبناه من مقلب قمامة.. ومن نفس المقلب أيضاً جبنا قطعة قماش وكممنا بيها فم الشاب.. المهم كتفناه من إيديه ورجليه وخلصنا عليه بالمطاوى اللى كانت معانا وخدنا التوك توك ومشينا.. خدنا حافظة نقود القتيل كان فيها 45 جنيه.. وخدنا الموبايل.. قلبناه لقينا فيه اسم صاحب التوك توك.. وتفاوضنا معاه.. واتقبض علينا.. واتحبسنا بتهمة السرقة واتخلى سبيلنا وقلنا الحمد لله مسألوناش عن القتل.. وبعدين الشرطة رجعت مسكتنا تانى بعد ما لقوا جثة القتيل فى الصحرا.. لو إحنا ماكناش كلمنا صاحب التوك توك ماكانش حد عرفنا.. كنا هنبيعه لأى حد.. لكن دم القتيل هو اللى طاردنا وكشف الجريمة».