لم أكن على علم من قبل أن الليبرالية التى أنتمى لها فكرياً هى التيار الذى يتزعمه أبولهب حسب قول الشيخ السلفى محمد الصغير أثناء إلقائه لخطبة جمعة تطبيق الشريعة فى ميدان التحرير.. حيث قال إن أبوطالب عم الرسول كان يخشى التيار الليبرالى الذى تصدره أبولهب.!!! أصابتنى الدهشة والحيرة، متسائلة: هل بالفعل المبادئ التى قامت عليها الليبرالية والتى أقرها الإسلام وذكرها القرآن مثل المساواة والعدل وحق الإنسان فى الحياة مع حفظ كرامته وحقوقه وحرية الاعتقاد والفكر والتعبير والحيادية بين الجميع وعدم التمييز بين الناس والتسامح والسلام هى بالفعل الليبرالية التى تصدرها أبولهب؟!! رغم أن معلوماتى عن أبولهب أنه كان قائداً لمجتمع ظالم فاجر يتباهى بفعل الفواحش ويشتهر بتجارة النخاسة والمرابين، مجتمع يعبد الأصنام ويدمن الخمر والنساء ويستبيحهن ويمجد اغتصابهن ويكسب من الربا ومن يعجز عن أداء دينه، كان يرهن نفسه للدائن ويتحول إلى عبد ويرهن امرأته أو ابنته، فالرجال يتحولون إلى عبيد والنساء العفيفات يتحولن إلى بغايا فى بيوت اللهو والخمر.. مجتمع يتاجر فى النخاسة ويغش فى البيع ويسرق من الربح ويقهر العبيد ويعيش الجياع بلا مأوى ويمتص دم المستضعفين والكل فى ضلال.. يزداد الأثرياء ثراءً والفقراء فقراً ويستبد كبراؤه بالفقراء الذى لم يكن هناك قانون يحميهم. يا مولانا، اتقِ الله فيما تقول وابحث أولاً عن معنى الليبرالية ومبادئها وقارن بينها وبين ما أتى به رسول الحرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى أرسله الله رحمة للعالمين. تأمل مبادئ الليبرالية مع استشهاد من آيات الله تعالى: - حفظ كرامة الإنسان وحقوقه «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً». - إقامة العدل والمساواة أمام القانون «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ». - حرية الاعتقاد «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» وأيضاً قال تعالى: «رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً». - حق الإنسان فى الحياة «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً». - حرية التعبير وتحرير العقول «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». - المساواة بين الجميع والحياد بينهم دون تمييز أو تحيز «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ». - كما قال تعالى: «سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». - حرية الفكر «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ». وفى النهاية، أود أن أقول لك إن الليبراليين هم من وضعوا فى الدستور أن الإسلام دين وشريعة، وأول من انتفضوا لمقتل السلفى سيد بلال على أيدى الشرطة وتظاهروا من أجله منددين بوحشية وقمع النظام المخلوع ولا أعلم ما كان موقفك وقتها.. الليبراليون هم من تظاهروا من أجل أن تكون الحرية والعدالة مكفولة للجميع وألا يكون هناك إقصاء لطرف بعينه وأن تكون مصر وطناً يشمل جميع أبنائه بمختلف تياراته وأطيافه دون تمييز أو إقصاء، وهم متساوون جميعاً فى الحقوق والواجبات وأمام القانون.. فهل تضايقك هذه الليبرالية يا شيخ؟