المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    النائب محمد أبو النصر: الحزمة الاستثمارية الجديدة تؤكد جدية الدولة في تعزيز تنافسية الاقتصاد    رئيس الوزراء يتابع التنسيق بين السياسات المالية والنقدية لتعزيز النشاط الاقتصادي والاستقرار المالي    190 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم سالم لإغاثة قطاع غزة    حماس تحذر من مخططات الاحتلال لتحويل القدس إلى مركز عسكري وأمني متقدم    تقرير - الفوز لا يشفع لألونسو.. شبح الإقالة يلوح في ريال مدريد والبديل جاهز    الداخلية تضبط المتهمين بفيديو ترويج مواد مخدرة في القليوبية    افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم بالعاصمة الجديدة: هنو يشيد بتقدير الدولة للقراء.. والأزهري: خطوة للحفاظ على الهوية الدينية    سكاي: يونايتد وسيتي يتنافسان على سيمينيو.. وشرط جزائي لرحيل اللاعب في يناير    عاهل الأردن يدعو واشنطن إلى ضم المملكة لبرنامج الدخول العالمي    السواد يعم قرية الجبلاو بقنا بعد دفن ضحايا سقوط ميكروباص في الترعة    مصرع شاب تحت عجلات قطار المنوفية    أسعار الذهب تعاود الصعود مع ترقب بيانات أمريكية    "أم كلثوم.. الست والوطن" فيلم جديد عن كوكب الشرق بالوثائقية    نائبًا عن رئيس الوزراء... وزير الأوقاف يشهد الجلسة الختامية لمؤتمر الإفتاء الدولي    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    وزير الصحة يبحث الموقف التنفيذي لمشروع ميكنة "التأمين الشامل"    محافظ أسيوط ورئيسة القومي للطفولة والأمومة يفتتحان مقرًا جديدًا لدعم حقوق الطفل|فيديو    صدور رواية "ظل الإمام" للكاتبة نهلة النمر عن مركز الحضارة للتنمية الثقافية    نداهة فرسان الشرق بالرقص الحديث في مسرح الجمهورية    قضايا الدولة تشارك النيابة الإدارية في فعاليات ندوة مناهضة العنف ضد المرأة    بيان رسمي جديد من إدارة الزمالك بعد إجراءات النيابة العامة    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    وزير التعليم ومحافظ أسوان يواصلان جولتهما التفقدية بزيارة المدرسة المصرية اليابانية    نهاية قصة "توشيبا العربي" بعد سنوات من التعاقد بمصر    إطلاق النسخة الثانية من جائزة «الراوي» في احتفالية مميزة بالقاهرة    اتحاد طلاب دمياط يساهم لأول مرة فى وضع جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    الكشف علي 177 حالة بمبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بمدارس القليوبية    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    ركيزة في بناء الوعي.. محافظ الغربية يستقبل مدير أوقاف الغربية الجديد    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    ب 90 مليون جنيه، محافظ بني سويف يتفقد مشروع أول مدرسة دولية حكومية    حماس: نطالب بالتحرك العاجل لردع الاحتلال عن استمرار خروقاته    محافظ أسوان: صرف علاج التأمين الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة لمدة شهرين بدلا من شهر    ديفيد فان فيل: هولندا ستكون مقر لجنة المطالبات الدولية المرتبطة بحرب أوكرانيا    مباحث الغربية تضبط المتهم بقتل شاب وإصابة شقيقه بكفرالزيات لخلافات بينهم    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 20 - 08 - 2015

الروائي والكاتب الكبير جمال الغيطاني، اليوم عليلًا، يعاني من حالة مرضية خطيرة، ويخوض لأول مرة معركة شخصية وإنسانية ضد مرضه، بحيث لا نملك أن نقدم له فيها دعمًا غير الدعاء بالشفاء، وأن يعود إلى أهله وأحبابه وجموع قراءه سالمًا وفي أحسن صحة وحال، ليخوض معارك ثقافية ووطنية جديدة، كتلك التي خاضها عبر حياته الماضية، ضد أعداء الحياة والحرية والروح والخصوصية والثقافة المصرية.
وجمال الغيطاني، نموذج يحتذى به للمثقف والكاتب العصامي، الذي اجتهد لتكوين نفسه وامتلاك أدواته ككاتب، عبر حياة طويلة وعميقة لم يعرف فيها يوماً رفاهية التأمل والمراقبة الهادئة للواقع من شرفات البرج العاجي، لأنه عاش دومًا في قلب الأحداث، وقريبًا من فضاء الشارع بصخبه وحراكه وتنوع نماذجه البشرية.
ولأن المعدن والجوهر الحقيقي للإنسان، لا يظهر في لحظات الراحة والطمائنينة، ولكن في لحظات التحدي والصراع، فقد عاش الأستاذ جمال الغيطاني طوال حياته الطويلة والعميقة، يخوض معارك وطنية وثقافية عامة أظهرت معدنه المصري الوطني الأصيل، كان أبرزها معركته مع وزير الثقافة " المزمن " فاروق حسني في تسعينيات القرن الماضي، ورفضه لمجمل سياسات الوزير الثقافية.
وكذلك معركته في بداية الألفية الحالية، مع ما اسماه رأس مال خليجي متوحش، يستهدف الفن والثقافة والمصرية، وفيها هاجم بشدة الأمير الوليد بن طلال، وطبيعة النشاط الذي يمارسه في مصر، وقد تمحور هجومه عليه حول أمرين: الأمر الأول، الأبراج التي اقامها الوليد بن طلال في القاهرة، والتي تتنافى مع العمارة العربية المميزة، وما أثير في حينه عن رغبة الأمير في ردم قطاع من النيل، حتى يكون جراجًا لأحد فنادقه. الأمر الثاني، يتعلق بطبيعة الدور السلبي الذي يمارسه الأمير في الفن المصري؛ مثل شراء حقوق استغلال بعض المطربين المصريين وتسقيعهم، لصالح بروز مطربين عرب وخليجيين أخرين.
وكذلك معركته الدائمة مع التيار الديني الوهابي الذي يستهدف الشخصية والخصوصية والهوية المصرية، وتجلياته المُستنسخة في الواقع والمجتمع المصري، وفيها صرح بأن هناك أثار ثقافية سلبية على الواقع الثقافي المصري من المؤثرات الوهابية، وأن من حقه كمثقف مصري أن ينقدها ويرفضها، لأن الوهابية لا يمكن أن تكون صالحة للتطبيق في مصر بلد الأزهر، التي عاشت عبر تاريخها الطويل مناخ تسوده التعددية الثقافية والدينية.
وبعيدًا عن هذه المواقف والمعارك، فلقد كان للأستاذ الغيطاني، آراءً أصيلة ومتميزة في العديد من الإشكاليات الفكرية، التي تعرض لها العقل العربي في القرن الأخير، مثل موقفه من التراث والخصوصية والهوية الحضارية، ودعوته إلى ما أسماه " حداثة مقلوبة "؛ تبدأ من استيعاب ونقد التراث؛ لأن أي مشروع حداثي لا يستند على ميراثه الحضاري، هو مشروع محكوم عليه بالفشل، ولا يحفظ لنا خصوصيتنا الحضارية.
ومثل قوله إن هذا التراث، هو مجموع دوائر؛ هناك دائرة تحت جلدي، هي التراث العربي، وهناك دائرة تمس سطح جلدي الخارجي، هي التراث الإنساني ككل. مع ملاحظة أن التراث العربي عنده لا يعني التراث الإسلامي فحسب، بل التراث الفرعوني، والبابلي، والآشوري، والعبري، الذي أنصهر في قلب التراث العربي.
هذه بعض مواقف الفارس جمال الغيطاني، أحببت أن أكتبها، واستعيد معها قوله لي في لقاء أخيرًا جمع بيننا، وهو يتحدث عن واقعنا الثقافي المتردي، وأنا أسأله: اليوم تقول " لا " لمن؟ فقال: " أقولها للممثقفين المصريين والعرب، لا للعور الثقافي والفساد الثقافي، لا لخلق معارك هامشية تبدد الوقت والجهد. الآن يجب أن نحارب جميعاً في خندق واحد، هو الخندق الأخير الذي يحافظ على وجودنا، ألا وهو خندق الثقافة. الآن معركتنا المشتركة يجب أن تكون للدفاع عن اللغة، والوجدان، والذاكرة. قضية فلسطين أصلها قضية ذاكرة؛ فاليهود جاءوا من أقاصي الأرض، وخلقوا لهم ذاكرة في هذه الأرض من العدم، ونحن العرب في الطرف الآخر، فقدنا ونفقد باستمرار ذاكرتنا بمخطط وضع لنا سلفًا".
في النهاية لا نملك إلا أن نقول: شفاك الله وعافاك يا حارس المكان واللغة والذاكرة والخصوصة والوجدان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.