المرصد المصري للصحافة والإعلام يُطلق حملة تدوين في "يوم الصحفي المصري"    البابا تواضروس: دور العبادة مكان لصلاة الإنسان ومناجاة العبد لربه    محافظ السويس يكرم أوائل الإعدادية العامة والأزهرية    ارتفاع أسعار الذهب في المعاملات الفورية إلى 2304.92 دولار للأوقية    وزيرة البيئة تترأس الاجتماع الأول للجنة تسيير مشروع تحويل الأنظمة المالية المتعلقة بالمناخ في مصر    محافظ مطروح: العمل على زيادة ضخ المياه للمناطق السكنية    «القاهرة الإخبارية»: حزب الله نفذ عمليات غير مسبوقة ضد الأهداف الإسرائيلية    اختيار نائب رئيس البديل الألماني في ولاية تورينجن لرئاسة وفد الحزب في البرلمان الأوروبي    غدًا.. ولي عهد الكويت يتوجه إلى السعودية في زيارة رسمية    نادٍ أوروبي يقترب من ضم نجم الأهلي (خاص)    تغيير وحيد في تشكيل منتخب مصر ضد غينيا بيساو بتصفيات المونديال    مصر تحصد ذهبية منافسات الفرق في بطولة إفريقيا لسلاح الشيش    طقس وقفة عرفة وعيد الأضحى 2024.. الحرارة تصل إلى 48 درجة مئوية    سفر آخر أفواج حُجاج النقابة العامة للمهندسين    قصور الثقافة تواصل فعاليات ورشة إعادة تدوير المخلفات بالإسماعيلية    كريم قاسم يروج لفيلم ولاد رزق 3: «لازم الصغير يكبر» (فيديو)    "لا أتاجر بمرضي وعمرو كان بيطفِّش العرسان".. كواليس الإصابة بالسرطان.. تصريحات تثير الجدل للإعلامية لميس الحديدي    هل تجوز صلاة العيد خلف التليفزيون؟.. عضو الفتوى الإلكترونية ترد    قافلة جامعة قناة السويس الطبية تفحص 115 مريضًا ب "أبو زنيمة"    "بايونيرز للتنمية" تحقق أرباح 1.17 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام    الرئيس الأوكراني ينفي أنباء استيلاء روسيا على بلدة ريجيفكا    بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون لدعم منظومة التحصيل الإلكتروني    وزير التعليم العالي يسافر إلى روسيا للمشاركة في اجتماع الدول الأعضاء في "البريكس"    جمع مليون جنيه في ساعتين.. إخلاء سبيل مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو الدرس الخصوصي بصالة حسن مصطفى    رحلة العائلة المقدسة إلى مصر حماية للمسيحية في مهدها    حورية فرغلي دكتورة تبحث عن الحُب في مسلسل «سيما ماجي»    أخبار الأهلي : 5 مرشحين لخلافة علي معلول فى الأهلي    ليونيل ميسي يشارك في فوز الأرجنتين على الإكوادور    هيئة الدواء تقدم الدليل الإرشادي لتأمين أصحاب الأمراض المزمنة فى الحج    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    «القومي للبحوث» يوضح أهم النصائح للتغذية السليمة في عيد الأضحى    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    إعلام إسرائيلى: قتلى وجرحى فى صفوف الجيش جراء حادث أمنى فى رفح الفلسطينية    ياسمين عبد العزيز ترد على رسالة أيمن بهجت قمر لها    «مودة» ينظم معسكر إعداد الكوادر من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    الرئيس الروسي يزور كوريا الشمالية وفيتنام قريبا    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    وزيرة الهجرة: نعتز بالتعاون مع الجانب الألماني    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى حجازي: إذا أردت أن تقتل مجتمعا فاقتله بالقبح واليأس وغياب الأمل

يزن كلماته بميزان الحكمة، يفكر لكى لا يكون جارحاً، يظن أن الفائدة من الكلمات هى أن تبنى، لا تهدم، لا يهتم بالأشخاص، فقط يبحث عن الأفكار، لا ينظر فيمن قال بل ينظر فيما قيل، لا يسعى إلى السجال بل يتعجل النقاش كمن يسرع إلى ساحة يونانية قديمة على رأسها فيلسوف، ساحة نقاش تهتم بقيم الحق والعدل والحكم الرشيد والمستقبل والإنسان، لا يلتفت إلى الماضى إلا بقدر ما يدفع إلى الأمام، ينظر إلى الحاضر بعين الغد، لديه يقين بهذا الشعب، يدرك، أو قل يعتقد، بل قل «يؤمن بكتلته الحية التى يراها توهجت مرتين فى يناير ويونيو».. ما زال يملك رهاناً عليها، ترى فى قسمات وجهه يقيناً بقدراتها وأنها قادرة على الإفصاح عن نفسها، حتى لو حضرت الوثنية السياسية أو المصالح المملوكية، يقطع بأن هذه المصالح المملوكية فى المجتمع «تنتحر» وتقتل طاقة الحلم داخل هذا الشعب، كما يجزم أيضاً بأن الوثنيين السياسيين يظنون أن الناس بين أصابع فضائياتهم أو أجهزتهم أو أموالهم، فإذا كان ذلك كذلك -بحسبه- فليُحيوا ويُميتوا ويهدّئوا ويثوّروا، يحذّر بلا جدال من النغمة الاحتفالية السائدة ويضع المبدأ «الاحتفال مبرر للإلهام ولكن على شىء حقيقى ذى قيمة، أما إذا كان غير ذلك فهو إلهاء».. يبتغى الصالح رغم أنه من وجهة نظرى لن يفلت برأيه من هوس المتطرفين على الجانبين ولا جهل المماليك ولا وكلاء المصالح؛ لأنهم يخشون كلمة الحق ويخافون من سلطان العقل ولا يحبون كل مفكر متدبر ناصح مخلص أمين.. هذه كلماتى وإليكم كلمات الدكتور مصطفى حجازي، مستشار رئيس الجمهورية السابق.
■ هل ترى الآن أن العوام هم من يقودون حركة المجتمع؟
- لا.. الدهماء تُركوا لفترة طويلة جداً، وبالمناسبة الدهماء موجودون فى كل أنواع المجتمعات.. الدهماء جزء من المجتمع، بما فى ذلك أكثر المجتمعات رقياً، يوجد دهماء فى ألمانيا التى كانت مسرحاً لأحداث قريبة لم يكن الجميع راضياً عنها والبعض يرضى عنها.. هناك دهماء فى ألمانيا باسم «النازيين الجدد»، الفكرة كيف يكون حجم هؤلاء الدهماء وتأثير قيمهم فى المجتمع ومن يتصدى للتبشير لقيم الدهماء والقيام عليها؟.. أخطر شىء يمكن أن يحدث أن من أودى بألمانيا كدولة أن واحداً مثل «هتلر» تبنى قيم الدهماء حتى وإن كانت بشكل فيه ملمح السلطة والانضباط وقشرة من العلم موجودة فى امتلاك القوة ومعجزة اقتصادية إنما فى النهاية هو يتبنى مكنون قيم الدهماء فى داخله وانتهى الأمر إلى انهيار ألمانيا وتبعه إذلال وعار.. وقيم الدهماء الموجودة فى المجتمع ترتع، يدعمها الجهل.. من يؤسس قيم الجهل فى المجتمع أو يؤكد عليها أو يسمح بها أو الأكثر إثما يستخدمها وسيلةً لإنفاذ إرادته أو سلطته أو دفع المجتمع إلى نوع ما من الاستقرار كما يسمى «الاستقرار الحرج».
■ هل ترى أن هذه القيم سادت فى المجتمع وتغلغلت لدرجة صعوبة حذفها من المعادلة المصرية؟
- لا يوجد شىء اسمه «مستحيل إصلاح شىء» ولكن هناك صعوبة، ولولا ذلك ما كانت هذه المعركة بين الماضى والمستقبل.. جريمة مبارك الكبرى أنه وصل بهذا المجتمع إلى حالة من حالات اعوجاج الفطرة وأصبح المجتمع يتماهى مع فكرة الفساد والقبح والجريمة. هنا هو أوصل المجتمع إلى اليأس، لكن مقدمات الجريمة كما يدفع شخص ما إلى أن يدمن نوعاً ما من المخدرات أو المسكرات هو أن يضعه على أول طريق اليأس فيدفعه إلى الانتحار أو أن يكون مجرماً فى حق المجتمع، ولكن المجرم الأكبر صاحب الإثم الأكبر هو من وضعه على هذا الطريق، ومن يحاصر المجتمع بالقبح واليأس.. ولسنا بعيدين عن حالة نتصاخب ونتصايح عليها وكأننا لا نعلم أنها تحاربنا وتحارب المستقبل، وهى «داعش» فهى تحارب كل المنطقة وكل المستقبل بقيمتين نحن نعمل ضدهما وهما قيمة الأمل وقيمة الكبرياء؛ ف«داعش» تؤسس هاتين القيمتين بشكل مكتوب حتى وإن كانت تدعى وتقدم أملاً كاذباً، لكن الأمل الكاذب عندها مبنى على أنها فهمت أن المجتمعات لكى تتقدم وترقى تحتاج إلى أمل، إذا أردت أن تقتل مجتمعات فاقتلها بالقبح واليأس أولا وغياب الأمل، إذا أردت أن تحيى مجتمعات حتى لو دخلت فى تحرك أمل كاذب عليك أن تأتى بقدر من الأمل وبقدر من الكبرياء.
■ تعتقد أننا لدينا سلطة ناضجة وجماعة وطنية حية؟
- مسار المستقبل يُنضج الجميع حتى وإن أبى البعض.
■ هذا يعنى أن السلطة والجماعة الوطنية لم ينضجوا؟
- لدينا السلطة، إذا أردنا أن نعرّفها على أنها مؤسسات بيروقراطية؛ فيقيناً لديها أمد لا بأس به لكى تصل إلى درجة النضج المكافئ لنضج «الكتلة الحية» فى المجتمع.. الكتلة الحية فى المجتمع الآن أكثر نضجاً بالتأكيد من مؤسسات الدولة؛ لأنه من غير أن يكون هناك صدمة كبيرة، وهذا أمر ليس فيه خطأ نجلد عليه ذواتنا، لمّا الناس خرجت تنتقد النظام الرأسمالى فى شوارع فرانكفورت وشوارع هونج كونج ونيويورك كانت تنتقد النظرية التى تحكم هذه الدول وتقول لهم إن المعنى الفلسفى لوجود دولة الرأسمالية التى تبشر بالحلم والسعادة أنتم الآن شبه دولة أو لا دولة وبالتالى ليس عيباً أن نقول بالمعنى القانونى يوجد دول ولكن بالمعنى الفلسفى الحقيقى هناك غياب لتحقيق وظيفتها.. نحن فى عام 2011 هذا ما أعلنه الناس فى الشارع وفى 2013 هذا ما أعلنه الناس فى الشارع أن ما تبقى لدينا بالمعنى القانونى هو «دولة» ولكن المعنى الفعلى لقيام الدولة بدورها ليس فقط دور الرعاية المباشر بمعنى أن تطعم وتكسو، بل فكرة أن تعطى للمواطن مساراً لحلم أن تؤكد له أنه يملك فى هذا المكان ليس بالضرورة جغرافيا فقط لكن يملك حلماً يدافع عنه ويترقى من خلاله، هذا المعنى وهذا هو ما عبر المصريون عنه بأمور تبدو أنها أمور قيمية وبالتالى ما زلت أصر على أن النضج الكامل سيأتى حين يغلب المسار القيمى على المسار المَرافقى والتأسيسى لفكرة أن الحلم مادى.. الحلم فى هذا الوطن وأى وطن آخر وما سأقوله ليس من عندى لكنه أمر معروف، فعندما جاء شخص مثل مهاتير محمد وهو يبنى دولة بالمعنى الحقيقى وليس القانونى فقط، دولة من لا شىء بما فيها من مجتمع بالأساس هويته مبددة ما بين ماليزيين وهنود وآسيويين، كتب 9 تحديات، التزم بوضع تصور دولة جديدة، شىء اسمه «كبرياء وطنى مستحق»، إذن ما نوع المَرافق التى تبنى على «كبرياء وطنى مستحق» يبقى أمر يبنى فى داخل المواطن.. يتكلم أيضاً عن كلمة تسمى «مواطنة ماليزية»، يتحدث أيضاً عن حلم اقتصادى ماليزى، كلها أمور قيمية فى داخل الفرد، هو يتحدث عن الإنسان أولاً وأنه أساس هذا الاقتصاد؛ فهو يبنى إنساناً أولاً.
■ وبالنسبة لنا كمصريين؟
- كتبت فى مقال لى كيف وصل هذا المجتمع إلى استساغة القبح وحالة قبول الجهل ودفعنا كمجتمع إلى اليأس دفعاً ثم دفع بعض الأفراد منه إلى الجريمة كما يحدث على جانب التطرف فى كل أحوالنا؛ لأننا قبلنا.. وهذه مسئولية المجتمع، المجتمع قبل ونظر لفكرة أن هذه القيم ليس لها ضرورة فى الحياة، أى «هى الحرية بكام؟» و«هى الكرامة هتأكّل عيش؟!»، العدل ضرورة والمجتمع تشكك فى هذه القيم وتنازل عن حريته طواعية أحياناً.. وقلت هذا بوضوح إننا كنا عوناً لجلادينا على أنفسنا أكثر مما كان جلادونا مسئولين عن مصائبنا لكن هذا لا يخلى مسئولية أى جلاد لأن القدرة مناط تكليف كل من يملك قدرة أى سلطة.. السلطة تكافئ قدرة وتساوى تكليفاً والتكليف يكون على معايير القدرة والمطلوب وليس على معايير المتاح، والأمر نفسه فى حال الحكام، والحكام الذين أقصدهم هم الطبقة القادرة على التأثير وتغيير الواقع من خلال أدوات ليست بالضرورة قراراً فى موقع سلطة فى دولاب الدولة لكن أن تؤثر فى المجتمع وتحكم فيه وتحكم حكماً تبادلياً فى السلطة بوضع معايير وقبول معايير وتحديد شكل الحلول وأنت تكون قيّما على معيار كل هذه الحلول.
■ تتحدث هنا عن فكرة بناء الإنسان فى حين نعتمد دائماً على بناء الخرسانة.. هل تعتقد أن هذه الخرسانة تستطيع أن تبنى نظاماً يستطيع أن يحرك شعباً للأمام؟
- قولاً واحداً: «لا»؛ لأننا مررنا بتجربة مبارك الذى أراد لنا أن نفهم أن الأرقام تتقدم على الأحلام لأنها أثقل وأهم وأن الأشخاص أهم من الأفكار، هذا إذا حاولنا أن نحلل مسارات مبارك فهو عندما كان يتحدث عن حلم كان الحلم يأتى فى شكل أرقام، وحين يتحدث عن أفكار كانت تغيب الأفكار ويأتى بأشخاص يتماهون مع الأرقام التى ليست بالضرورة تعبر عن أحلام الناس وبالتالى مبارك، وقد كان متسقاً مع ذاته جداً عندما سئل عن مشروع قومى لمصر قال «الصرف الصحى»، وهذه كارثة.. لا توجد دولة بنيت وأرادت أن تستشرف مستقبلاً بهذه الطريقة من أول ما كتب فى الثورة الفرنسية عن الحرية والإخاء والمساواة.
■ أى إن الخرسانة لا تبنى وطناً؟
- يقيناً هى جزء من ضرورات أن يوجد فى هذا المجتمع مَرافق تعينه ليبنى وطناً.. الوطن معنى وحلم وقدرة على المنافسة بروح عصرية مواكبة لما نحن فيه.. الوطن معناه أن تفهم وتعتنق وتمارس نسقاً معرفياً لعصر إما أن تكون أنت أحد رواده أو على الأقل تكون أحد أبنائه لكن لا يصح أن تكون خارجه. إذن الخرسانة جزء من ضرورات المستقبل ولكن إن لم توضع هذه الخرسانة فى سياق حلم واضح للترقى فلن تأتى بالمستقبل.. بناء قاعدة معرفية وصناعية ضرورة لو فهمنا أن استخدامها لبناء المستقبل.. لنأتى إلى مثال للتوضيح: التعليم لا يعنى الذهاب إلى المدرسة ولكن الذهاب نفسه إلى المدرسة عنصر ضرورة فى التعليم كأن المستقبل هو ما بعد التعليم.. التعليم وسيلة لهدف.
■ أى إنك ترى أن الخرسانة تشبه فكرة الذهاب إلى المدرسة فقط؟
- نعم، أو فى أحسن الأحوال وجود مبنى لمدرسة دون أن يكون لدينا أى فلسفة لنعلم الناس، للأسف نحن فى مصر اختزلنا التعليم كله إلى فكرة اختزال المعلومة ثم وضع المعلومة على ورقة امتحان يدربوننا عليها وينتهى الأمر إلى أن نصل إلى ورقة تشهد لمن لم يتعلم أنه حاصل على شهادة.. عندما اختزلنا التعليم إلى تحصيل معرفى قلنا ليس هناك ضرورة للمدرسة أو اليوم الدراسى يكفينا أن يكون لدينا مركز دروس خصوصية؛ إذن، تم إلغاء التربية بكل ما تعنيه وألغى اليوم الدراسى وتحية العلم وبالتالى ألغى ملمح الانتماء، ألغى أيضاً طابور الصباح فألغى ملمح الانضباط فأصّل ذلك للعشوائية الموجودة فى المجتمع، كما ألغى معه ما يداعب الوجدان مثل الرسم والموسيقى، فهنا تم تغييب الوجدان كله.. إذن الخرسانة لا تبنى إنساناً لأنه لو أن المعلومة بمفردها كانت تبنى إنساناً لم يكن ليذهب مرتادو مراكز الدروس الخصوصية إلى «الإخوان» أو «داعش» طواعية أو فى أحسن الأحوال ألا يكون هناك إنسان منسحب من الحياة وغير قادر على أن يكوّن رأياً نقدياً أو يقدر على الاختيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.