وجه عالم الدين الإيراني الشيعي وخبير العلاقات الدولية، الشيخ غريب رضا، رسالة إلى شيخ الأزهر تحت عنوان "العتب الجميل على شيخ الأزهر الجليل"، يدعوه فيها إلى إنشاء حركة فكرية ثقافية، يتشارك فيها الجميع لإزالة الأسباب التي ترسخ للصراعات الطائفية والسياسية بين السنة والشيعة، والاهتمام بالعمق بالإبداع الفكري والحضاري في الأمة الإسلامية. وأضاف غريب، في رسالته عبر موقعه الرسمي: "هناك عوائق في الطريق علينا جميعًا أن نتجاوزها ونتكاتف سويًا لتحقيق هذه الأهداف السامية والتي نعتقد أن للأزهر الشريف دورٌ لا مثيل له في إنجازها". ويعدد غريب الأسباب التي تعوق التقارب في 6 نقاط رئيسية، واضعًاً حل لكل منها، حيث قال:" إننا نحترم كل المذاهب الإسلامية ولا نفرض مذهبنا على الآخرين ولا نكفر أهل القبلة وفي نفس الوقت نرفض التقسيم الجغرافي والمناطقي للمذاهب بحبث يسلب من المسلم العاقل حرية أختيار الرأي والعقيدة ويفرض عليه اتِّباع الأغلبية أو المذهب الرسمي وهذا ما تكفَّل به الدستور المصري من احترام حرية الاعتقاد فقد نصت المادة 64 منه على أن (حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون) وتوفير هذه الحرية هو عين الإحترام للمذاهب الإسلامية جمعاء فعلينا أن نساهم بكل ما نملك من قوة لتحقيق التعايش السلمي في مجتمعاتنا بدلا من أن نلتهج بلغة الإحتكار المذهبي فإننا نعيش في عالم مفتوح عصي على الانغلاق والإنعزال، فالفكر لا يسجن بالتوصيات أو تحذير المؤسسات الديني". وأثنى غريب، على ما قدمه الأزهر الشريف في مجال حوار الأديان والتعايش السلمي وايجاد أرضيات مشتركة بين الملل المختلفة، داعيًا له لمزيد من الجهد في هذا المجال، الذي يعتمد بشكل أساسي على استقلالية الأزهر نفسه، حيث وجه الدعوة الشيخ الأزهر قائلاً:"ندعو سماحتكم لاتخاذ مواقف جريئةٍ لإنقاذ الأزهر الشريف من اختراق المدارس التي تُكَفِّر أهل القبلة ولا تعتقد بالتعايش بين المسلمين". ونفى الاتهامات الموجهة لإيران بمحاولتها نشر التشيع أو توجيه الإهانة والرموز وشخصيات المذاهب الإسلامية الأخرى، مؤكدًا أن إيران لا تتحيز في سياساتها الثقافية العالمية لمذهب أو طائفة محددة بل خطابات قياداتها على الدوام موجهة لعموم المستضعفين في العالم والأمة الإسلامية بمختلف مكوناتها الفكرية والثقافية والمذهبية والاهتمام دوما ينصب على القضايا الرئيسية لجموع الأمة، حيث تعد قضية إزالة الكيان الصهيوني الغاصب من الوجود هي القضية المحورية من يوم انطلاق الكفاح السياسي للخميني. وأضاف أنه عندما أفتى بعض علماء المسلمين بجواز المصالحة مع الكيان الصهيوني الغاصب، أفتى الخميني بوجوب تحرير فلسطين بل وأسس المقاومة الإسلامية في لبنان و دعم بكل ما يمتلكه من قدرةٍ وعتاد المقاومة الفلسطينية لإزالة هذه الغدة السرطانية وتحرير الأراضي العربية الإسلامية من دنس الإحتلال، بحسب وصفه، ووجه غريب الشكر إلى شيخ الأزهر فيما يتعلق بمجهوده في القضية الفلسطينية ورفضه القاطع بالسفر إلى الأراضي المحتلة. ووجه غريب خطابه إلى شيخ الأزهر قائلاً:"ذكرتم سابقا عن ضرورة استيفاء حقوق اهل السنة في إيران، لكنكم لم تلبون دعوة إيران للسفر إلى مناطق أهل السنة، وزيارتهم عن قرب ومشاهدة مستوى معيشتهم ومدى تلاحمهم مع إخوانهم من الشيعة والنموذج الرائع الذي قدموه للعالم في التعايش السلمي والعيش المتآلف المشترك". وندد غريب، بهؤلاء الذين يثيرون النعرات الطائفية وتغذية الاحتقان بين المسلمين، على حد وصفه، وأكد على أن المراجع والفقهاء الشيعة تبرأوا جملةً وتفصيلاً من فعل هؤلاء، كما ذكر في رسالته عدد من الفتاوى لمراجع الشيعة في تحريم الإساءة إلى مقدسات المسلمين. وأضاف أن الدعاة الذي أشار إليهم شيخ الأزهر في محاضراته الرمضانية، والذي وصفهم حينها برعاة حملة التبشير الشيعي، قال عنهم غريب أن هؤلاء هم الذين سبّوا وفسَّقوا وكفَّروا علماء الإثني عشرية قبل رموز ومقدسات المذاهب الإسلامية الأخرى فهم أشبه شيء بالوهابية التكفيرية والتي تم زرعها داخل الجسد الشيعي ليكون هناك توازن بين القوى التكفيرية في كل المذاهب وليشعلوا دائما نار الفتنة الطائفية. ويقول في رسالته التي وجهها لشيخ الأزهر: "وإذا نطالب بحقوق المواطن الشيعي المصري، فقد طالبنا قبلها بحقوق المواطن السني الإيراني ، ونتوقع من الأزهر الشريف وبالذات من سماحتكم أن تكونوا شجرة رحمةٍ تجمع في ظلالها كل المكونات الدينية، فالسماحة الإسلامية تتطلب حرصكم على توفير حقوق كل المسلمين المصريين بغض النظر عن انتماءهم المذهبي. وأوضح أن ذلك يستدعي أولاً، مواجهتكم الصريحة للمؤسسات والشخصيات التي تحرّض على الطائفية في مصر فهناك جمعياتٌ أسست مختصةً للتشهير بأتباع المذاهب الإسلامية ولهتك أعراض المسلمين والحث على تكفيرهم وقتلهم بصريح العبارة وهذه المؤسسات هي التي أساءت إلى بعض قراء القرآن والشخصيات الأزهرية وكبار علماء مصر ولم تراعي حرمة العلم والعلماء بل أثارت موجةً إعلاميةً ضدهم بجريمة أنهم تحدثوا عن الوحدة الإسلامية أو زاروا إيران أو العراق مثلاً فلم نر استنكاراً من الأزهر الشريف دفاعاً عن هؤلاء، بل شاركت ومع الأسف الشديد إدارة الأزهر والأوقاف المصرية في هذه الحملة المشبوهة، ثانياً، إننا نتوقع من الإمام الأكبر للأزهر الشريف أن يكون شيخ الإسلام وليس شيخ الطائفة فبعض تصريحاتكم في المحاضرات الأخيرة سوف تفتح الأبواب أمام التكفيريين وتعطيهم الشرعية ليزيدوا من حدة حملاتهم الإجرامية ضد المواطنين المصريين بحجة أنهم أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام". وأنهى غريب رسالته، مؤكدًا على ضرورة تفعيل التعاون المشترك العلمي والثقافي بين الأزهر الشريف والحوزات العلمية، مذكراً بترحيب شيخ الأزهر السابق الدكتور طنطاوي بمقترحات الدكتور زماني في هذا المجال، ولكن لم تفَّعل بسبب الأجواء المحتقنة والضغوطات التي تمارس ضد الأزهر ، وأضاف أن تحقيق هذه الأمنية بحاجة إلى مواقف شجاعة أنتم أولى باتخاذها.