«ليبرالى مع الشريعة»، هكذا يصف تامر عطية عبدالخالق، خريج جامعة القاهرة، نفسه، الذى يرى أن الليبرالية لا تتعارض مع روح الإسلام الحقيقية، وأن المجتمع يجب أن يحدد حقوقه فى ضوء ثقافته، ويقول عطية فى حواره ل«الوطن»: «المبادئ فى بعض الأحيان أوسع وأشمل من الأحكام، وتناسب كل زمان ومكان على عكس الثانية التى تختلف باختلاف الزمان، وأهواء من يسعى لتطبيقها» كما يرى أن الإسلام يدعو إلى احترام الحريات والتدرج فى الأحكام ولا تعتبر حجة على صاحبها لأن تنفيذها لا يلزم بالضرورة الاقتناع، تطبيق الشريعة الذى تدعو إليه التيارات السلفية يقتضى أولاً القضاء على الفقر والبطالة، وإلى نص الحوار: ■ ألا ترى تعارضاً بين المطالبة بتطبيق الشريعة والميل إلى الفكر الليبرالى؟ - التعارض بين الليبرالية والإسلام، والمطالبة بتطبيق الشريعة، مجرد خلط للأمور لدى البعض، فالليبرالية لا تتعارض أبداً مع الشريعة الإسلامية، لأنها تتيح حرية الفكر والتعبير، وحق كل فرد فى اعتناق الديانة التى يؤمن بها، والنص القرآنى يقول «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، وهذا ما ينص عليه صريح الإسلام وصحيحه. ■ وكيف توضح ذلك التناقض الذى يراه البعض؟ - وإن كان الإسلام لا يعارض الليبرالية، فالليبرالية كذلك لا تعارض الإسلام على طول الخط، خصوصاً عندما يلتزم الفرد بالمفهوم الإيجابى للحرية، الذى لا ينفصل عن حق المجتمع، والمجتمع يحدد حقوقه فى ضوء ثقافته ودين مواطنيه، لذلك فالليبرالية بصورة غير مباشرة لا تتعارض مع الإسلام. ■ إذا لم يكن هناك تعارض من وجهة نظرك، فما نص المادة الثانية للدستور الذى تطمئن إليه أكثر؟ - «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع» أميل لهذا النص الموجود فى دستور 1971، لأنه لم يكن محل خلاف كبير، لكن الأهم من متن النص، هو كيفية تطبيقه، وبالتالى فإننى أعتقد أن الحل الأمثل هو الإبقاء على نص المادة كما هو، دون تغيير، مع مراعاة ضرورة إدخال مبادئ الشريعة حيز التنفيذ بما يضمن الخير للدولة نظاماً، وشعباً. ■ هل ترى اختلافا بين «المبادئ» و«الأحكام»؟ - المبادئ أوسع وأشمل، تناسب كل زمان ومكان، وتحمى المال والنفس والدين والعرض.. إلخ أما الأحكام فهى تختلف من زمان لزمان، وأحيانا ما تعطل كما فعل عمر بن الخطاب، وأحيانا تتغير كما فعل الإمام الشافعى، الذى غير آراءه عندما جاء إلى مصر من العراق. ■ ما رأيك فى دعوة التيارات السلفية إلى تطبيق «أحكام» الشريعة الإسلامية حالاً، وتضمين النص الدستورى ذلك؟ - المعروف عن ديننا التدرج، حتى إن الله عز وجل خلق الكون فى 6 أيام، مع قدرته أن يقول للشىء كن فيكون، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر بتطبيق الشريعة دفعة واحدة، والخمر جرى تحريمه على 3 مراحل، ولم يأمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه بتطبيق الحدود بل عطلها بحسب الروايات فى «عام المجاعة»، فالشرط اللازم لتطبيق الشريعة أن يكون لدى المواطنين ما يسمح لهم بالعيش بعيدين عن فقر أو بطالة أو وجود دوافع للسرقة. ■ وما التصرف الأمثل من وجهة نظرك إذا تغيرت المادة الثانية من الدستور بما يضر الحريات أو الديمقراطية أو الليبرالية؟ - ليس التظاهر الحل الوحيد الأول والأخير لكل مشكلة، وبالتالى ففى حال تغيير المادة الثانية، سيكون الحل الأكثر انضباطا هو رفض الدستور فى الصندوق، والسعى لترجيح كفة رفض الدستور عن كفة قبوله، لأن تغيير نص المادة الثانية لا يتماشى مع التدرج والتطور الذى علمنا إياه الدين نفسه، كما أنه سيضر كثيراً بالبلد.