منذ بداية امتحانات الثانوية العامة بنظاميها القديم والحديث، وغرفة العمليات التابعة لوزارة التربية والتعليم، تعلن كل يوم عن ضبط حالات جديدة من الغش من قبل الطلاب، والتي بلغ عددها حتى الآن في الإسكندرية وحدها 600 حالة، بينما تعدت الألف حالة في محافظتي القاهرة والجيزة خلال 20 يومًا فقط من بدء الامتحانات. واتسمت الظاهرة هذا العام بظهور وسائل جديدة يستخدمها الطلاب للتحايل على المراقبين داخل اللجان، فلم تعد "البرشامة" الوسيلة المعتادة بل تطور الأمر إلى استخدام العديد من الأجهزة الحديثة، التي تدل على تطور تلك الوسائل يومًا بعد الآخر، فاخترع الطلاب وسيلة "الغش الإلكتروني" للتحايل على المراقبين وتصعيب ضبطهم، كما اخترعوا نظام الفيزا كارد، وساعة ذكية وقلم بكاميرا، ونظارة بلوتوث، وتليفون محمول موصل بجهاز إرسال واستقبال، ولم تكن وزارة التربية والتعليم لتجابه هذه الظاهرة إلا بالاستعانة بالعصى الإلكترونية للكشف عن أجهزة المحمول، لمواجهة الاختراع الإلكتروني الجديد، والاستعانة بالداخلية في تأمين اللجان ومنع وصول أولياء الأمور لأبنائهم لتضييق الخناق على تفشي الظاهرة، حتى أن وزير التربية والتعليم شن جولات مفاجئة للجان الامتحانات في بعض المحافظات لضبط التجاوزات، ولكن دون جدوة. وعلى الرغم من ضبط أدمن إحدى هذه الصفحات والسيطرة على بعضها من قبل وزارة الداخلية، إلا أن الصفحات مازالت تتحدى الوزارة، فقامت بنشر بقية إجابات الامتحانات؛ اعتراضًا على عدم موافقة الوزارة على مطالبهم التي تمثلت في إلغاء تنسيق القبول بالكليات وتوفير حياة كريمة للمعلمين وتطوير المناهج الدراسية. وترصد "الوطن"، أهم الحالات وأبرزها، حيث نشرت صفحات الغش الإلكترونية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورقة أسئلة امتحان مادة التاريخ، الذي يؤديه طلاب الثانوية الأزهرية، بعد ساعة من بدء اللجنة، كما نشرت إجابات الأسئلة تباعًا، بينما طمس مسرب ورقة الامتحان، الأختام الموجودة على الورقة، لإخفاء المكان الذي تم تسريب الورقة منه. كما قامت أيضًا الصفحات الإلكترونية، بنشر أسئلة وأجوبة امتحانات "الرياضيات البحتة والأحياء والجغرافيا للثانوية العامة للنظام الحديث"، وذلك بعد دقائق من بدء الامتحانات. كما تلقت غرفة العمليات الرئيسية عدة بلاغات بضبط عدد من الطلاب الذين حاولوا الغش بالهاتف المحمول أثناء الامتحان؛ وصلت إلى 10 حالات، حيث ضبط طالب أثناء تصويره ورقة الأسئلة، وطالبة في لجنة البداري الثانوية المشتركة بأسيوط، وحرر محضر إثبات حالة بذلك. وكانت وزارة التربية والتعليم، أعلنت قبل بدء الامتحانات عن تطبيق القانون رقم 500 على أي طالب يتم ضبط معه أي وسيلة للغش سواء كانت محمول أو غيره، وطبقًا لأحكامه يعتبر الطالب راسب في المادة التي يتم ضبطه فيها بحوزته جهاز محمول في حالة عدم استخدامه، وفي حالة استخدامه فإنها يحرم من السنة كاملة. وفي تحليل الظاهرة، قال كمال مغيث الخبير التربوي، إن المشكلة تتجاوز حالات الغش الفردية أو الجماعية منها، إنما أصبح الأمر صراعًا بين أجيال وعقليات، مشيرًا إلى أن الظاهرة متواجدة منذ القدم، ولكن تختلف من جيل السبعينيات صاحب الورقة والقلم، وبين جيل "الديجيتال والفهلوة" – على حد وصفه. وأضاف مغيث، في تصريح خاص ل"الوطن"، أن الامتحان أصبح تقليديًا مثله مثل العقليات التي تراقب على طلبة عقلياتهم تفوق التقديرات، موضحًا أن مواجهة الأمر ليس بالطريقة الأمنية ولا بمنطق "المساواة في الظلم عدل" الذي يطبقه العديد من المراقبين، وإنما بالعدالة وتحكيم الضمير.