«استثنائية» تلك السيدة التى آمنت بالمساواة بين الرجل والمرأة ولم تكتف باقتحام عالم رجال الشرطة بل ثابرت وجاهدت واجتهدت لتظفر فى النهاية ولأول مرة فى التاريخ برئاسة منظمة الشرطة الدولية «الإنتربول» عبر الانتخاب تقديرا لخبرتها الكبيرة فى المجال الشرطى. هى الفرنسية ميراى باليسترازى (58 عاما) التى تخرجت فى كلية الآداب قبل أن تقرر الانضمام إلى أكاديمية الشرطة التى فتحت أبوابها للسيدات. وأصبحت ميراى فى عام 1976 ملازم شرطة، ثم بدأت مشوارها المهنى الحقيقى عام 1978 حينما قادت عدة عمليات ضد اللصوص بمدينة بوردو. وبسبب اجتهادها شقت باليسترازى، وهى أم لطفلين، طريقها فى الشرطة بسرعة فائقة وإن كانت إحدى أهم محطاتها البوليسية تلك التى جاءت بعد توليها إدارة المكتب المركزى لمكافحة سرقات التحف والأعمال الفنية، حيث اشتهرت على مستوى الرأى العام العالمى بعد نجاحها فى العثور على أربع لوحات للفنان الفرنسى جان بابتيست كورو كانت قد سرقت. وفى عام 1993، أصبحت ميراى أول امرأة ترأس مكتبا للشرطة القضائية الفرنسية إذ تولت منصب رئيسة الشرطة القضائية فى جزيرة كورسيكا الفرنسية فى أوج الإضرابات التى كانت تشهدها الجزيرة بسبب مطالبة بعض أبنائها بالانفصال عن فرنسا. وفى بداية الألفية الثالثة خدمت السيدة الفرنسية فى شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية لتصل بعد ذلك إلى أعلى منصب فى البوليس الفرنسى وهو أمر لم تحققه أى سيدة من قبل. ولم تكتف السيدة الطموح بذلك إذ بدأ حلمها يتسع ليغطى القارة الأوروبية، حيث حصلت على منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية للإنتربول عن قارة أوروبا فى عام 2010، لتنجح بعد عامين فى الوصول إلى رأس المنظمة الشرطية المرموقة، التى تضم 190 دولة، وتكون أول امرأة تتولى رئاسة الإنتربول منذ تأسيسه عام 1923، وثانى فرنسية إذ سبقها الفرنسى إيفان باربو (1988-1992). وكانت باليسترازى قد تلقت دعما قويا من بلادها فرنسا، حيث زار وزير الداخلية الفرنسى، مانويل فالس، روما قبل أعمال قمة دول الإنتربول، التى يتجمع فيها ما يقرب من 1000 مندوب عن 190 دولة عضوا فى المنظمة لاختيار رئيسها الجديد، لمؤازرة السيدة ذات الباع والتاريخ الطويل فى المجال الأمنى والشرطى. وتصف ميراى مشوارها المهنى الناجح قائلة «على الرغم من ضعف التمثيل النسائى فى المجال الشرطى فإنه لا يمكن القول إن هناك استراتيجية نسائية وأخرى ذكورية للعمل فى هذا المكان لأن الاجتهاد هو الأهم».