بوجه عابس من وطأة الظلم الذي شاهده، وبعينين ذابلتين بدا فيهما الاشتياق للدموع التي جفت منابعها يومًا بعد يوم بعيدًا عن الوطن، عندما يتذكر مذابح الاحتلال الإسرائيلي التي عاشها في طفولته بحق شعبه قبل 67 عامًا، روى الفلسطيني "رزق جمعة أبوبكرة" ل"الوطن"، مأساته جراء ما مارسه الصهاينة من انتهاك وقتل للشعب الفلسطيني أثناء النكبة عام 1948. "كان عندي 4 سنين، وكانت معاناة من أشد ما يمكن".. بهذه الكلمات بدأ "أبوبكرة" قصته التي انتهت به للإقامة في مصر، يقول: "خرّجونا من مدينتنا (بئر سبع) تاركين جميع الممتلكات والأراضي والمزارع، ولم نصحب سوى الملابسهم فحسب.. أذكر حال أهلي، فكان والداي يحملان أخوتي، الأصغر منهم مع والدتي، أما الآخر مع والدي، قاصدين سيناء في الأراضي المصرية". يروي الفلسطيني صاحب ال71 عامًا تفاصيل النكبة، قائلًا إنها بدأت بالمضايقات على الفلسطينيين في أعمالهم وأرزاقهم، وكانت الزراعة من أهم المجالات التي يعمل فيها الفلسطينيون وكان تصدير الحمضيات مشهور لدى فلسطين، مشيرًا إلى أن الاحتلال وقف عملية التصدير للخارج، ونتج عن ذلك عدم قدرة المزارعين على التصرف في المحصول ما يتسبب في تراكم ديون العمال والأسمدة وغيره. غرفة تحوي مكتبًا كبيرًا يجلس خلفه رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين، "أبوبكرة" وخلفه علم دولة فلسطين، وفي الجهة الأخرى عُلِّقت صورًا للمسجد الأقصى يتوسطها برواز كبير بداخله خريطة فلسطين الكاملة، ويضيف أن انتهاكات الصهاينة ضد الفلسطينيين بدأت بمساعدة من بريطانيا، قُبيل نشوب مناوشات بين الاحتلال الجديد والفلسطينيين وبدأت المذابح التي روعت المواطنين لترك أوطناهم، مضيفًا: "كل ما يدخلوا قرية أو مدينة، يذبحون المواطنين، فكل من كان يرى هذه البشاعة، يترك بلده إلى أي بلد قريبة للنجاة". "قامت الحرب بالعتاد الفلسطينية القليلة ومساعدة العرب، والآلة الإسرائيلية تفوقت على العرب بسبب السلاح العسكري المتطور وقتها والمال"، مشيرًا إلى أنه كان هناك تواطؤ ساعد الإسرائيليين على طرد الفلسطينيين من أراضيهم. "لا يضيع حق وراءه مطالب".. أكمل الرجل السبعيني، مضيفًا أن الشباب من سيكمل المسيرة ويتبنون هذا الأمر وأن "مفتاح العودة لا يزال معهم"، وقال: "سنظل نحيي ذكرى النكبة، فنحن اليوم كاتحاد عمال فلسطين جمعنا كل إخواننا في الشتات لنمثل بالاتحاد منبر متبقي وحيد نحيي من خلاله أمجاد أبطالنا الذين جاهدوا وناضلوا في تاريخ الوطن".